مريم.. فتاة قد تجاوزت العشرين بسنتين.. كانت لها أحلام وآمال كثيرة وهي صغيرة.. لم تكن تدري أن قدرها سيكون غير ذلك .. كبرت و كبرت معها تلك الأحلام .. هي فتاة طيبة.. خلوقة .. تدرس في الجامعة ..
ولكنها كانت ..... فلسطينية !!
في أحد المرات وحين كانت جالسة في غرفتها.. وقفت فزعة إثر انفجار كان قرب حيّهم.. أدركت بسرعة أن بني صهيون قد بدأوا بشنّ غاراتهم القذرة.. هبّت مسرعة نحو والديها.. وجدت أخاها علي قد تلثّم حاملا بندقيته خارجا بسرعة..
استوقفه والده.. وابتسم له.. " أستودعك الله يا ولدي " .. هتفت " أخي.. كن حذرا " .. لم تذرف الدموع فقد جفّت مقلتيها .. التي اعتادت على هذه المواقف..
أرادت الخروج ومشاركة أخيها في الدفاع عن وطنهم المغتصب وأرضهم المسلوبة..
عادت للغرفة وأمسكت هاتفها.. أجرت اتصالا بيدين مترجفتين و قلبها يردد قبل لسانها "اللهم احفظه.. اللهم احفظه " .. وكانت الاجابة كما توقعت.. لا ردّ .. فهو الآن إما خارج للقتال.. أو قد استشهد .
صلّت ركعتان تدعو الله أن ينصرهم و يعيد لها أخاها و خطيبها..
وفي هذه اللحظة بالذات .. تتغير كل أحلامها وتتوحد ليصير الحلم واحدا : النصر! و عودة من تحبّ .
خرجت وجلست أمام والديها تنتظر معهما عودة علي..
أشعلت التلفاز لترى الأخبار.. وما ان فعلت حتى سمعت " استشهاد 20 فلسطينيا إثر غارة جوية في الحي الرابع " والذي يسكن به خطيبها.. لم تتماسك وانهارت على أقرب مقعد لها..
كانت أمها تصبّرها وهي أشدّ قلقاً من ابنتها..
حلّ الظلام.. وأسدل الليل ستاره.. وهدأت الأوضاع.. علي لم يعد.. و حمزة لم يتّصل .. حتى هي لم تتمكن من ذلك.. فشبكة الاتصالات لا تعمل..
فجأة فتح الباب.. وظهر أخوها بيد مكسورة وجراح عديدة..
هبت الأم مسرعة تحتضنه.. و أمسكت به أخته من يده و الدموع قد أخذت مسلكها.. أما والده فقد عجز عن الوقوف بسبب الفزع الذي انتابه لغياب ابنه مدة طويلة..
بعد أن غير ملابسه وضُمّدت جراحه..
نظر إلى أخته التي قرأ في عينيها سؤالا يدرك مغزاه.. أمسكها من يدها و قربها إليه..
" حبيبتي.. تدركين جيدا عظم مكانة الشهيد في الاسلام. . اليوم شاء الله أن يكون حمزة شهيدا و بطلا لا ينسى " ..
صدمها الخبر رغم توقعها إياه .. ضلت صامتة لمدّة ثم قالت " حمزة... استشهد! ؟ "
احتضنها علي قائلا " إنا لله وإنا إليه راجعون .. كلمته الأخيرة كانت : لا تحزني يا مريم.. لقاؤنا سيكون في جنات النعيم "
وما ان أكمل علي جملته حتى انفجرت بالبكاء.. بكاء القهر والظلم.. بكاء الثكالى والأيامى..
لم يتبقّ سوى شهر على حفل الزفاف.. وها قد رحل وتركها بقلب مجروح يأبى الشفاء..
وما الحياة بعد رحيل من أحبّت.....
هي قصة من نسج الخيال.. ومن وحي الواقع..
كثيرات من هن مثل مريم .. فتيات قد دُمّرت أحلامهن تحت صخرة الواقع.. وسلبت حريّتهم .. 😔😔
#ريحانة
#قصة_قصيرة 💎💫
-
ريحانة الأدبوقد قُذف في قلبي حب الكتابة.. لا أدري هل أنا من رغبتها أم هي من اختارتني .. المهم.. قد صرنا واحدا !!