مرحباً أيها الطبيب..جئت إليك كمحاولة بائسة أعرف أنها لن تجدي نفعاً الخطة (باء) ربما..صِدقاً هي (ياء) لكن لا بأس لنكمل..أراهن أنك تردد في عقلك الآن بأني شخص عادي مثل الكثيرين الذين قابلتهم..أعني كم من شخص مكتئب ثرثار مثلي تقابلهم كل يوم
لست مهتماً بما تظن لذا سأكفي نفسي عناء إيضاح ذالك لذا لا بأس لنكمل
مشكلتي يا سيدي أني لا أجد معناً لهذه الحياة..سألت الكثيرين وكل إجابة مهما كانت مختلفة تكون متشابهة وتتمحور حول الحب
تلك الكذبة البيلوچية عندما يتعلق الأمر بصديقة أو زوجة..تلك الرغبة في البقاء عندما يتعلق الأمر بالأبناء..أو ذالك الناقوس الذي ينذرك من حين لآخر بأنك يجب أن تحمي نفسك عندما يتعلق الأمر بالأصدقاء
أترى سيدي! جميعها أمور ساذجة لا معنى لها كيمياء في الدماغ لا يكذب المرء عندما يدعي أنه يمكن العبث بها..إن كنت تتسائل وأنا متأكد أنك تفعل فرأي في الحياة أنها سلسلة من المتع الجميلة مسك ختامها أن تنهيها في قمتها..لكن كما وضحت لك في البداية سيدي فأنا لا أجد لها معناً حتى هذه المتع لم تعد ممتعىة
أتمني ألا تكون سطحياً بما يكفي ليجول بخاطرك شكل علاقتي بالإله، الأمر أعقد من أن أشرحه لذا لنتخطي هذه النقطة
أشكرك سيدي الطبيب علي أنك تحترم رغباتي، أرى أن نظرتك لي بدأت تتغير..بدأت تشعر أني مميز قليلاً ربما..أكثر عقلانية قليلاً ربما..لست بحماقة من تقابلهم كل يوم ربما..لكن كما أخبرتك أنا لست مهتماً بما تظنه عني في كل الأحوال سيدي لذا لا بأس لنكمل
أريد الموت وأتمناه كل ثانية، عند الإستيقاظ وقبل النوم، وقت الفرح ووقت الحزن..علي اعتبار أني شخص يمتلك مشاعر يمكن ترجمتها لحزن وسعادة فأنا لا أشعر بشيء..لو أن المقعد الذي أجلس عليه أمكنه اطلاق السُباب وإحراق لفافة تبغ كل عشر دقائق لتساوينا
لا يا سيدي السبب ليس الوحدة، لقد بلغت من العمر ما يكفي لتكون الوحدة اختيار محبب وليس فرضاً يؤرقني..لقد حظيت بأسرة رائعة وصديق مخلص وحبيبة تعشقني لكن كل هذا لم يغير شيئاً مما أنا فيه
لقد تخطيت مرحلة الأحيان التي أشعر فيها بأني ربما علي صواب ووصلت مرحلة الأحيان التي أشعر فيها بأني ربما علي خطأ
الجانب المظلم في الأمر أن كل الجوانب مشرقة، أعني لم أعد أهتم بشيء ولا أتمناه وهذا شيء عظيم..أصبت سيدي لأنه لا يصل إلي هذه المرحلة إلا من ملك كل شيىء وهكذا أنا أشعر
ما يبقيني أتنفس هو شفقتي علي أهلي إذا أنهيت حياتي، ليس تناقداً سيدي إن الأمر أشبه بالحملات الإرهابية التي يُقتل فيها الأبرياء أنت لا تعرف القتلى ولا تهتم لأمرهم لكن آخر ما تريده هو رؤيتهم أشلاء
لقد جئت إليك لتقنعني ألا أهتم بمشاعرهم وأمضي في طريقي إلي هذا المصير المحتوم علي الجميع..تشعر بهذه القوة سيدي ؟ قوة ألا تكون خائفاً من الموت أن تذهب إليه قبل أن يأتي إليك..لا بأس سيدي الطبيب لا تقل شيئاً أعلم أنه من الصعب أن تتنازل عن مبادئك ولو ثبُت عدم صحتها