لو قلبنا صفحات تأريخ الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فسنرى إنه حافل بالسيرة الإلهية العطرة، والإرتباط الحقيقي بالسياسة الأخروية لكونهم (سلام الله عليهم) لم يكونوا يوما قد ركنوا للظلم وللظالمين ولم يفكروا أبدا بالسياسات الدنيوية ومايلحق بها،لأنهم طوال حياتهم كانوا دائما وأبدا رافضين ومعارضين لحكومات الظلم ولسياسات القمع والتشريد والتطريد والتهجير والعنف والقتل والطائفية ...

إن كان مناهضة حكام الجور والعملاء الخونة ورفض السياسات الظالمة والزعامات الفاسدة والمنحرفة وكذلك تحمل مرارات العذاب ومعاناة السجن من سلوكيات ومن سيرة الإمام الكاظم (عليه السلام) والتي فيها رضا الله الخالق لاشك ، فلم لا تسير اليوم المرجعيات والواجهات والقيادات الدينية على هذا الصراط القويم ،ويتخذونه قدوة..

ألا يزعمون انهم يمثلون الحق والعدل وفكر ومنهج أهل البيت (عليهم السلام) والأمتداد الحقيقي لرسالتهم الصالحة والمقدسة ،فلماذا إذاً كل هذا الترف وهذه الأموال والعقارات والجكسارات والحمايات، والعيش مع الظالمين والفاسدين ودعمهم وإلزام الناس على تسليطهم وتنصيبهم للحكم،وكذلك تقديم يد العون والمساعدة للمحتل والغازي ،أليس هذا يتعارض مع الخط الإلهي المقدس، والسيرة العطرة للأئمة (عليهم السلام) فأذا كان هذا حال الواجهات الدينية المتسلطة، فكيف ياترى يكون حال المجتمع فبلا أدنى شك إنه من سفال الى سفال ومن جهل وتطرف وإلحاد وإنحراف وإنحلال وشذوذ بالشباب وبالفكر وبالعقيدة ..

فلماذا إذن هذا الإنحراف الواضح عن الخط العام الذي سار عليه الإنبياء والأئمة (عليهم السلام) ويسير عليه اليوم علماؤنا المخلصون والصالحون والمصلحون ، فهذا لا شك إن دل على شيء فأنه يدل على أن هذه الواجهات والقيادات الدينية هي واجهات نُصّبت وتسلطت على الرقاب من أجل الدنيا وزخرفها ،ومن أجل الجاه والأموال لاغير، فلهذا أشار السيد الأستاذ المحقق الصرخي الحسني (دام ظله) في بحثه العقائدي _نزيل السجون_ قائلا فيه : لم يكن الإمام سياسيًّا بالسياسة الدنيويّة، ولم يكن قائدًا عسكريًّا كقادة الجهاز الحاكم الظالم، ولم يكن مسؤولًا أو زعيمًا لجناح مسلّح كعصابات السلب والنهب وسفك الدماء والإرهاب، ولم يكن منتهزًا وصوليًّا عابدًا للمناصب والواجهات كالمنتفعين الوصوليّين العملاء الأذلّاء في كلّ زمان ،بالتأكيد فإنّه لا يمثّل جهة وحزبًا معارضًا، كالأحزاب المتصارعة على الدنيا والمنافع الشخصيّة الخاصّة ،كان إمامًا تقيًّا نقيًّا زاهدًا عابدًا ناسكًا مخلصًا عالمًا عاملًا آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، كان أمانًا حجّة شافعًا رحمة للعالمين...

حبيب الكاتب