شيخوخة العصر
كون متفجر يتراقص على وقع الحمض البشري
نشر في 14 أكتوبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كثر البحث على مدى عصور عن مسببات التقدم في العمر او بالأحرى عن ماهية العلاقة بين الزمن و دوران الأفلاك مع خلايا جسم الانسان و الحيوان على حد سواء فكثر اللغط و تناثرت هبائته دائسةً أراضي الأساطير و العقاقير...
أتهترئ هذه الكينونة و يشيخ هذا الدرب محرقا معه الأخطر و اليابس ام ان علم كال"Gerontology" يمكن ان يجيب على الأقل على بعض هذه الأسئلة رابطًً أبحاثه بالحمض النووي و التطور الجيني أو لربما معلقاً آمالا كبيرة على ذبابة الفاكهة دروسوفيلا ميلانوگاستر Drosophila melanogaster التي يقولون عنهاإنها تستطيع أن تعيش نحو ضعف المدة التي تعيشها مثيلاتها العادية التي تربى في المختبرات ...و يا حبذا بطول عمر تغمره صحة جيدة !!
كل مخاوف البشرية تحوم حول قطعة الحلوى تلك 'الحياة" و بذلك يصبح البحث المبهم عن الخلود أمرا بديهيا و يمسي حساب الأعمار يقاس بالسنين شيبة شيبة على اعتبار ان التقدم في العمر لا يبرح ان يكون تغيرا بسيطا لملامح وجه الإنسان وعمل أعضائه وخلايا جسمه او لربما تحول طفيف في طول قامته وشكل جمجمته و يرجع الحكم على كل المقاييس التي تحيط بالفرد الى كل ما سلف ذكره من المهد إلى اللحد... هذا مضحك حقاً ليت كورتس اطلعنا عن اي تغيير هذا الذي طرأ عليه فقال ان العمر بالشعور لا بالأعوام ..وياليت رواد الفضاء اطلعونا و لو جزافا عند عودتهم الى الارض ما هو احساس الصغر في السن على اعتبار انهم خضعوا لما يسمى بالإبطاء الزمني وهذا ومن دون شك يعد ضربا من الهذيان ، لأن الأرض بالنسبة لنا هي مركبة فضائية كبيرة تسبح بسرعة (72.360) كيلومتر في الساعة تقريبا ، وعليه فيكون الساكن على الأرض هو الأصغر سنا ، لأنه يتحرك بسرعة تزيد عن سرعة الرائد الفضائي بـ (43.360) كلم/ساعة وهذا ما يجعلنا نشكك في قولهم أن هناك اناسا قد ذهبوا خارج الغلاف الجوي للأرض!!
لكن هذا التفاوت الزمني يظهر بوضوح تام بين متحركين أحدهم في الفضاء والآخر على الأرض فيتطلب على المسافر في الفضاء أن يتحرك بسرعات تقارب سرعة الضوء ليصل الى الإدراك الحسي لصغر في السن.. و اذ بنا هنا نعود لنقطة البداية لنجد أنفسنا امام هذه العلاقة الكونية بين الزمن و الوقت و هاجس النمو اللامتوقف ...و بين العمر و الغبار الكوني و فكرة الحياة و الموت و بين كل المتضادات التي تحيط بنا و التي بدورها تعزز فكرة التقدم في السن و تمحو فكرة التأخر فيه !!
طيب دعونا نخرج من بوتقة العلم و النظريات و نقف بجوار علم الاجتماع من وجهة نظر واقعية ...ايشيخ عصرنا و نحن في مقتبل العمر أيصبح من السهل التعرف على خطواته... و ما علاقتنا نحن به ؟ لكل منا تاريخ ميلاد و صكُ صلوحية ينفذ تدريجيا كلما تقدمنا...اجل في العمر !! لكننا و للأسف نهترأ فكريا طالما اننا نتطابق و نتسابق في نسخ عصور ما توقفت لتصل إلينا بل نحن من حجزنا مقاعدا لنا في بيوت العُجز و بيننا و بين العَجز دهور ..لما لم نسال أنفسنا هذا السؤال..ماذا لو توقف الكون عن الدوران أنتوقف نحن عن الكِبر و ما حاجتنا نحن للبقاء في نفس مدة الجسم الزمنية اذا علمنا ان الروح لا تكبر و ان العصر حقاً يشيخ اذا ما حكمته مشائخ الأرواح صغائر الأعمار .
بقلم مروة زغدود