والعالم كله يكاد يقترب من وداع جمعة 2016/7/16 في هدوء ودعه دون أبناء عن تسونامي من أي نوع ، لكن كان لمجموعة من عناصر الجيش التركي رأي آخر ، فمع الساعة الرابعة بتوقيت انقرة تطايرت أبناء انقلاب تركيا ليعلن عن نفسه حين تم أغلاق القنوات الرسمية والطرق الرئيسية ومطار أتاتورك باسطنبول ونزول قوات عسكرية إلى الشوارع والميادين الرئيسية وشل حركتها، ومحاولة احتلال مقرات الحكم الرئيسية، كانت جميع القوى السياسية والعسكرية في صمت كامل .
ظل العالم في حيرة من أمره لما يناهز الثلاث ساعات ، وكافة الدوائر السياسية تترقب وتبحث أي اشارة تؤكد أو تنفي ما يجرى !. السؤال الذي كان يسأله الكثير .
الأنقلاب نجح أم أنها مجرد محاولة !!.
حسم الأمر مكالمة عبر جوال أجراها أردوغان لقناة CNN Turk ، ولكن دون النظر لماهية القناة أو شكل المكالمة لكنها كانت بمثابة قبلة للحياة من جديد و إعلان كاف بالصوت والصورة لثلاث رسائل بغض النظر عن مضمون الخطاب ذاته: الرئيس حيٌ آمن، الرئيس حرٌ طليق، والرئيس لن يستسلم ، كان ذلك كفيلًا بإعلان أن الانقلاب لم ينجح - وهو إعلان لا يعني فشله بالضرورة.
كان للشعب التركي الخيار في أن يقبل هذا الانقلاب ويعيش مآسيه القديمة مجددًا أو لا، وكان للقوى المدنية أن تقبل انقلابًا عسكريًا على الديمقراطية وتفقد الديمقراطية .
العصيان الشعبي لحالة حظر التجوال كان أول ثمار خطاب أردوغان عبر الهاتف، ومن ثم تعامل الشعب مع قوات الانقلاب ، تبع ذلك إعلانات رؤساء الأحزاب المعارضة على تنوعها اصطفافها مع الديمقراطية وإعلاء مصلحة تركيا ضد محاولة الانقلاب العسكري. وأخيرًا، كان إعلان الجيوش التركية الجيش الأول والبحرية وقوفهم خلف مصلحة الأمة وغياب أي علاقة لهم بما يحدث من محاولة الانقلاب العسكري.
هنا بدأت الكفة تميل لصالح أردوغان، وكان لاسطنبول دونًا عن غيرها الطليعة في رفض الانقلاب ومقاومته .
ولكن لماذا لا توجد وجه مقارنة بين محاولة الانقلاب في تركيا وانقلاب مصر؟ لنجيب على ذلك دعنا نعقد ثلاث مقارنات بسيطة.
أولًا: الرئيس في حالة مصر كان رهن الاعتقال، في حالة تركيا كان حرًا وآمنًا.
ثانيًا: الشعب في الحالة التركية كان قد عانى من 4 انقلابات عسكرية سابقة، يعلم مآلات الانقلاب، لم يتعرض لأي شحن إعلامي مسبق، ورأى الرئيس حرًا فأدرك أن مقاليد الأمور يمكن أن تعود ليده .
بينما الشعب المصري لم يشهد سوى انقلاب واحد في خمسينيات القرن الماضي مازال يمجده ، ورغم ضنك مآلات الانقلاب فالعقل الجمعي المصري كان يقدس جيشه، إضافة إلى ذلك تعرض الشعب المصري لشحن إعلامي شوهت الرئاسة والديمقراطية
ثالثًا: إعلان الانقلاب، وهنا نتوقف قليلًا:
فشلت محاولة الانقلاب التركية في إعلان بيان رسمي للانقلاب والسيطرة على البلاد من خلال التلفزيون الرسمي، حتى أننا عرفنا اسم قائد المحاولة لاحقًا من وسائل الإعلام المؤيدة لأردوغان؛
أما في مصر فقد كان إعلان الانقلاب مختصرًا لكل المشاهد، وزير الدفاع، وعلى جانبيه ممثلو القوى المدنية، السلطات الدينية، وقادة الجيوش كافة؛ أعلن عزل الرئيس، إيقاف العمل بالدستور، حظر التجوال، ورئيسًا للمرحلة الانتقالية وحسم الأمر.
إلى جانب أن القوى المدنية المصرية لا وزن حقيقي لها ؛ على عكس قوى تركيا ، لهذا لا توجد أوجه لمقارنة حقيقية بين الأحداث الجارية في تركيا وانقلاب مصر؛ لكن هذا لا يعني بالمرة أن انقلاب مصر كان واجبًا لا محالة وأنه كان من الممكن الحفاظ على الديمقراطية في مصر.
-
رزق محمد المدنياتعلمون من انا؟؟اتجهلون من أكون؟؟ ... انا الذي علمتني سورة الصف النظام .. وللتوحيد وجهتني الاخلاص والأنعام.. والحجرات ادبتني بأخلاق الاسلام عــلمتني الحيــاة ، أنا لا أبيــع " هيبة الصمــت " بالرخيص من الكـلام ، فالكـلا ...