لطالما كانت الحياة روتينية للغاية في نظر جلنار. فيومها العادي جدا يبدأ بفنجان قهوة حلو المطعم، تفتح كتابها الذي لم تتمته البارحة لتقرأه في هدوء و سكينة. او تفتح مواقع التواصل لتتابع آخر الأخبار. ولم تكن تأتيها أي رسالة خاصة او شيء يثير فضولها. و من ثم تذهب للإستعداد للذهاب للكلية البعيدة طبعا لا يهمها البعد. فهي في عامها الأخير. تتكبد طول المسافة نحو الكلية الانتقال من سيارة أجرة إلى حافلة أو العكس. كالعادة تكتفي طوال الدرس بالجلوس و الانتصات. و بمجرد انتهاء يومها الدرسي تعود بدون أي جديد يُذكر او حدث يُفرح. و عند وصولها للمنزل كانت عائلتها المصغرة تجلس أمام التلفاز، تلتفت إليها أمها مرحبة بعودتها غير مكترثة لحالتها النفسية. فتتوجه نحو غرفتها تقفل الباب خلفها. و تضع موسيقتها المفضلة.
تقريبا كانت حياتها مملة لدرجة لا تصدق. بل لا تحتمل. بات من الصعب عليها بمرور كل هذا الوقت ان ترغب في التغيير او التجديد بل أصبحت تجد في هذا الروتين ملاذها و سعادتها الصامتة. و من حظها العاثر انها كانت تفشل في إنشاء العلاقات فكل صديقة تقترب منها كانت لمصلحة في خفايا نفسها و هي كالغبية تصدق توددهن و إقترابهن لها. وبعد تجارب عدة قررت ان تبتعد عن العلاقات العميقة و تكتفي بالعلاقات السطحية.
وفي يوم من أيام الصيف الحارة و قبل آخر يوم جامعي ذهبت إلى الكلية كالعادة. لكن كان هناك حدث ينتظرها سيغير حياتها ألف درجة. طبعا لن يخطر على بالها مثل هذا الأمر، لكن للأقدار كلمتها في تغيير مسار حياتها ....
يتبع
-
راضية منصورمختصة بدارسة قانون سنة ثالثة دكتوراه