الحزن طال قهوتي
حديث الذات
نشر في 15 يونيو 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أحمل بين يداي فنجان القهوة، خالية من السكر كهذه الحياة، لآخذ من لونها الليلي الهدوء و الاسترخاء، و أتذكر بمرارتها القلب الذي قمع مشاعري. أنطوي على قهوتي كالطفل و مع كل لحظه اغتصبها الحزن في حياتي إلا و أنجبت مجموعة من الأسئلة تركتها في العراء دون إسم أو مأوى، لتصرخ اليوم :
_ خلق الحزن والفرح، فلما لا أجد بديلا عن ثوب الحزن لأرتديه ؟
_ ما الغاية من وجود الشيء ونقيضه إن كنت سأعيش في خانة اللا شيئ ؟
_ هل كان وجودي ضرورة؟
نحن البؤساء ما وجدنا إلا لنشكل أروع لوحة رسمها القدر وسماها الشقاء، ووضعها في معرض الدنيا مقابلة مع لوحة السعادة بألوانها الزاهية {حب، ابتسامة، مال، جاه، سلطة، أمل، حياة...} ليس كاللوحة الأولى بألوانها البائسة {ألم ، دمع ، إحباط ، ملل، قنوط ، فشل ، كذر ، غم ، هم ، ثم الموت} لندفن مع عفن التاريخ، كأننا لم نكن يوما لونا، ولا ألما، ولا حبرا، ونُنْسَى.
قهوتي تنظر إليَّ في صمت مطبق كأنها تود أن تواسيني أو تريد أن تعتذر بدل هذا القدر، لا عليك فقط قبليني بشفتيك المرتين كي أستيقظ، أنا لا أريد أن أعيش لونا أو حبرا أو ألما ، أنا لا أريد أن أُنْسَى.
ربما يكون هناك أحد غيري ولد من ظهر الشقاء، في هذا الظلام القاتم ينتظر من يشعل له شمعة ليرى على ضوءها الباهت الطريق، ويسير آملا في الخلاص وتيسير حياته، آملا في أن يحيا الحياة.
قهوتي بردت وطعمها زاد مرارة في فمي، وبعد إصغائها الطويل إلي بكل أدب وصبر، قالت في حياء: لا تسأل عن أشياء أنت مسير فيها، كلنا نريد التغيير ولا أحد منا يقدر على ذلك.
لم أفهم قصدها جيدا ولا حتى ماذا عنت بقولها "كلنا" أيعقل!، حتى قهوتي تشعر بالحزن ؟
ردت متسائلة هي الأخرى:
_ هل سألتني يوما إن كنت أحب أن أسكب في فنجان أبيض ؟
_ هل سألتني يوما إن كنت أحب السيجارة التي أصبحت مقرونة بي فوق الطاولة ؟
_ هل تعلم شعوري نحو النار التي أكوى بها كي تنتعش أنت ؟
_ لماذا لوني أسود ؟
قاطعتها بوضع شفتاي على فمها لارتشاف آخر قطرة كأنها لم تسأل ولم تكن، لكنني أعدك يا قهوتي أني سأبحث عمن يوقع في اللوحتين.
-
ياسين الكولالي YASSINE EL KOULALIطالب باحث في العلوم الإنسانية