لأن الطب علمني
مذكرات عن عامين قضيتهما بالطب .. و غيرت الكثير في حياتي !!
نشر في 26 ماي 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
طالب كلية الطب دائما ما يُسأل – بغض النظر عن مستواه الذي يدرس فيه - من قبل أهله و مجورته عن كحتهم المتواصلة ، و نزلات البرد التي يعانون منها بل عن أسباب نقص وزنهم و ارتفاعه . هذا إذا لم يصل السؤال إلى سبب آلام الظهر المتواصلة التي يعانون منها .
ولي موقف كهذا و أنا في المستوى الثاني ، فلن انسى ذلك اليوم الذي سألني فيه احدهم عن الألم الذي يؤذي مفاصل ركبتيه من إحدى عشرة سنة ، والذي لم يترك طبيباً أو معالجا طبيعيا ليجد له الدواء الشافي منه ، منتظراً مني أن أوصف له علاجاً لعل الكذا طبيبٍ قد غفلوا عنه أو لعلهم لم يعرفوه أصلاً !
بل لا زالت أتذكر – وأنا في المستوى الأول – عندما استشارني جدي عن جرعة دوائه و إنها أصبحت تسبب له إدراراً فهل يخففها أم يستمر عليها كما هي ؟!
وبالرغم من الإجابات الحمقاء التي كنت و لازلت اقدمها ، بل بالرغم من الصفعات التي كنت أتلاقها لكوني طالب طب - لم يصل أصلا إلى القسم الإكلينيكي – ولم يستطع أن يجد لهم علاجاً ناجعاً أو حلاً مؤقتاً لمشاكلهم المزمنة ، إلا إنني استطعت أن أجيب على التساؤل الذي يدور في أذهانهم "ما الذي تعلمته من الطب ؟!" بالشكل الذي أراه مقنعاً لي شخصياً .
ما الذي تعلمته من الطب ؟
تعلمت أن الطبيب هو أدب قبل علم ، و جوهر قبل مظهر ، و أن أدبه هو انعكاس لعلمه و مظهره انعكاس لجوهره.
تعلمت من الطب ، أن الطبيب هو ذلك الرجل الملتزم الصابر المحتسب ، بل هو الذي يتفق معه قول المصطفى "مخموم القلب ، صدوق اللسان" .
علمني الطب ، أن سعيي إلى الكلية هو طريقٌ إلى الجنة ، و أني ما دمت في حاجة إخوتي فإن الله في حاجتي .
تعلمت من الطب أن دعوة في جوف الليل من أمٍ ترى تعبي و ضعفي و كثرة تحملي لهي كافية و منفسة لي من كل همومي و آلامي .
علمني الطب .. انه يوماً ما سيدعي لي مريض دعوة في ظهر الغيب يرسلها إلي و هي اجدر بالإجابة من ملايين الدعوات .
علمني الطب ، ان هناك البلايين من الخلايا في جسمي و كل اهتمامها و حبها لي .
هل عرفتم كم علمني الطب ! وكم سأتعلم منه !
-
محمد باذيبباحث عن ضوءٍ يُنيره !!
التعليقات
شكرا لمشاركة الدرس اخي، هذا ما يعطي خصوصية لهذه المهنة الشريفة وللاسف بعضهم يتناسي هذا الدور، و يعتبرها كباقي المهن