من ذاكرة الإستحمام. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من ذاكرة الإستحمام.

  نشر في 17 يوليوز 2023 .

رؤى الحجاز

فيصل البكري

تعود بي الذاكرة للزمن الجميل الذي عاش فيها أجيال ولا زال ذكراه خالدة باقية في الكثير ممن عاصروا حقبة الأيام الخوالي في البيت "الحجازي" مهد الثقافة والعادات والتقاليد والقيم.

أتذكر يومآ من تلگ الأيام الذي أعتبره واحدآ من الأيام التي لا يمكن أن ينساها أحد من جيل الأمس من أهل "الحجاز" وهو يوم الإستحمام الذي شغل هاجس الكثير من أطفالنا حتى أصبح يسمى بيوم التعذيب الجسدي من قبل أمهاتنا رحمهما الله.

نعلم بأن يوم "الجمعة" يوم مبارك طلعت فيه الشمس وخلق فيه أدم.

ولكن ما أصعب ذلك اليوم لدينا عندما يدوي صوت "الأم" في أركان المنزل وكأنه صوت الجسيس في يوم الأفراح.!

كانت "الأم" تنادي بصوت جهوري عالي بكلمة يالله على "بيت الماء" لمشروع الإستحمام القصري سواء صيفآ أو شتاءآ.

فعندما أسمع صوت أخي الذي سبقني وهو يستغيث بالبكاء. أرتعد خوفآ بأن رحلة العذاب أتيه إلي لا محال للهروب. فباب الزقاق مغلق بالضبة والمفتاح.

يأتي دوري وأنا مستسلم لتبدأ تلك الرحلة بقلع ما على جسدي النحيل من ملابس وكأنني دجاجة يُنتف ريشها.

والله في عون من كان رأسه أكبر من فتحة "الفانيله" التي يرتديها. وبدون سابق إنذار خبطة رأس في الجدار تجعلك في دوامة. ولا تستعجب إذا ما ظهرت في جبهتك "قَرمَة" تميزك عن أولاد الجيران.

أتذكر وأنا "مقرفص" على القُعادة الخشب. فكلما حركت رجلي من "الألم" أجد خبطة الكف على ظهري تدوي بصوتها في المكان.

لتبدأ بعدها مرحلة "الدعق" بالليفة وكأنني مصباح "علاء الدين" حتى أحس بأن "المارد" خرج من بين سيقان أرجلي الشبيهة بأعواد المسواك.

أما لو تسلل الصابون "أبو عجلة" للعين فهذه قصة أخرى من الألمْ. وليس لي حينها غير كتم صوت البكاء حتى لا يتطور الأمر وأدخل في مشروع أخر من التعذيب.

ثم تأتي من بعد ذلگ الأوامر حينما يتم مسك الخشم من يد "أمي" وهي تقول... "نففففففففف" يشعر الواحد منّا وكأن مجرى الهواء قد أغلق تمامآ.

فنشهق شهقة الغرقان في البحار. لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل التعذيب وهي "التنشيف"

دوران للخلف ولفة يمين ولفة شمال وكأنك داخل خلاط مقاول البناء.

ثم يأخذك الفضول وأنت تنظر في المرأة على ما وصلت إليه من مراحل العذاب. لتجد بأن لون جسدك تغير بقدرة قادر إلى "اللون الأحمر" وكأنك ولدت من رحم إمرآة شقراوية.

ترتدي ملابسك وأنت ساكت ويا ويلك لو كُـمْ "البجامة" فلت منك أثناء اللبس. فالعقاب متواصل.

تجلس على الأرض لتبدأ مرحلة

"كد الشعر" التي يصاحبها تعذيب أخر حفاظآ على إستمرارية النظافة المشروعة. فيتم غرس "أسنان المشط" في فروة الرأس دون رحمة وكأن مسمار "الترباس" تسمر في رأسك.

ويا سواد يومك لو طلّعت "قملة" في المشط.

فأنت داخل في مرحلة.

ناوليني يا "حفصة" شوية "قـاز" من دافور "المركب" والله الموفق...



   نشر في 17 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا