كلمة الترويح تدور فى أصلها اللغوى على السعة ، والانبساط، وإزالة التعب ورجوع النفس إلى طبيعتها من النشاط والقوة كما كانت.

والترويح عن النفوس إذا كان فى إطاره الشرعى يُعد من حاجات النفس البشرية ؛ لأن الإسلام دين الفطرة ولا

يتصور عقلاً أو شرعاً أن يتصادم مع الفطرة ،أو الغريزة البشرية في حالتها السوية.

إن الإسلام يجيز كل نشاط ترويحى يعيد للمسلم نشاطه وقوته ويعينه على تحمل متاعب الحياة بشرط ألا

يتعارض مع تعاليم الإسلام وألا يشغله عن عبادة مفروضة .

وقد بين رسول الإسلام أن الإنسان لابد أن يأخذ فترة للترويح عن النفس من وقت لآخر تعينه على مواصلة العمل الدءوب والمثمر فى الدنيا لنفع نفسه ومجتمعه وليعينه على طاعة  الله عز وجل .

وقد بينت السنة النبوية ذلك :

فعن حنظله رضى الله عنه  قال :( لقينى أبو بكر الصديق  فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قال : قلت : نافق حنظلة ! قال : سبحان الله ! ما تقول ؟ قال : قلت : نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله عليه الصلاة والسلام عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، فنسينا كثيراً ، قال أبو بكر : فوالله إنا لنلقى مثل هذا ، فانطلقت أنا وأبو بكر الصديق حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : نافق حنظله يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : وما ذاك ؟ قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأْى عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسْنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ، إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفى الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم ، وفى طرقكم ، ولكن يا حنظله ساعة ، وساعة ثلاث مرات )(أخرجه مسلم .

فقد اعتبر النبى عليه الصلاة والسلام الترويح عن النفس من حاجات النفس البشرية للاستعانة به على متاعب الحياة .

كما أن الإنسان يجب عليه ألا يستغرق فى اللهو استغراقاً ينسيه واجباته المفروضة عليه التي تتعلق بمصالح دينه ودنياه ،فيكون غافلاً عن الله .قال الله تعالى فى ذم هؤلاء (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ

فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة الحشر .

ويجب ألا يكون الترويح عن النفس في الوقت المخصص لحقوق الله،فلا ترويح في وقت الصلاة مثلاً لما فيه من اعتداء على حقوق الله لقوله عز وجل : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).

وكذلك لاترويح في أوقات العمل ؛ لأن فيه اعتداء على حقوق الناس .

 وقد جاء في أهمية الوقت واستغلاله فيما يفيد ما رواه ابن عباس - رضى الله عنه-  قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة ، والفراغ ) .

فالإنسان إذا  لم يتفرغ للعلم والعمل فهو المغبون الخاسر،وكثير من الناس لا يقدِّرون نعمة  الفراغ ، وصحة البدن .

كما أنه يجب على الشخص عدم الإسراف فى اللهو المباح ؛لأن الإفراط فيه يضيع الأوقات الأخرى ؛و لأن التوسط والاعتدال من خصائص هذا الدين وسمة أساسية من سماته

.والملاحظ الآن أن البرامج والأنشطة الترفيهية التي يشاهدها  أفراد المجتمع قد  أصبحت مهدرة للطاقات ، على مستوى الفرد أو الجماعة ـ وكذلك الألعاب التى يجلس عليها الأطفال ليل نهار .

ومنها مواقع التواصل الاجتماعى  كالانترنت وفيس بوك وتويتر ،وبرامج التوك شو

وقضاء الشباب عليها أوقات كثيرة ـ

ولعلك تجد كمية البرامج الترفيهة التى لا تعد ولا تحصى التى تستنزف النشاط العقلى ،للشباب والفتيات والذى لابد من توفيره لمواصلة العمل والإنتاج وانجاز المهام المنوطة به  .

يجب على الشباب والفتيات معرفة حقيقة مهمة في حياة المسلم، وهى عدم وجود وقت خالٍ ليس فيه عمل نافع للدنيا أو للآخرة .

والترفيه فى نظر الإسلام يجب ألا يتسبب في حدوث ضرر مادى أو أدبى كشرب الخمر ، أو يكون بكلام منكر ، أو قول قبيح ،أوشعر فاحش.

قال تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً )

وبذلك يصير المباح عبادة ؛ لأن الأمور بمقاصدها .

وفى الختام إن من يسر الشريعة ومرونتها أن  حياة المسلم يمكن أن يجعلها كلها عبادة إذا قرنت بالنية الصالحة في العمل ،أو الفكر، أو السلوك ، أو الجد ، أو الحركة ، أو المرح واللهو ، أو الجهاد ، أو الأكل والشرب ، أو النوم وغيرها من الأعمال.