اردت كتابة مقالي هذا وكلي أمل بالتغيير!
وعندما أتحدث عن التغيير ،فأقصد به تغيير نفسي وسلوكياتي قبل أي شخص آخر!
ربما ولعل المرء يكتب ليرى ويكتشف نفسه عن كثب، ويحلل ويغير مايمكن تغييره ،وآمل أيضا أن أصنع ذلك التغيير وان كان بسيطا في سلوكيات كل متابع لي.
حسنا،الكثير منا يقول تلك الكلمة ولايزن كم لها من وقع على نفس الشخص المستقبل،أو ترانا نبرر ذلك؛أنها كانت مجرد مزحه! مزحة في الحقيقة تحمل في طياتها سهما يأتي عند نقطة الضعف بالضبط! أو نقاط ضعف المستقبل كما يبدو!
ليس هكذا فحسب ولكن أيضا تكرار اطلاق تلك الأسهم الغاشمة تجاه نقاط ضعف المستقبل، هو في الحقيقة تأكيد مفزع على كون تلك المسماه مزحة،ليست بمزحة مطلقا! وانما هي حقيقة مغلفة بطابع فكاهي لعين،لعين جدا!
لعين جدا كوننا نستخف بمشاعر من حولنا ،ونتصيد تلك الأخطاء الطفيفة؛ لنشير بأسهمنا وخناجرنا وكل ما أوتينا من قوة وانفعال لنثبت فحسب أننا المثاليون،أننا المكتملون،أننا الفريدون ولاغيرنا،نتصيد أخطاء من حولنا ونتغنى بها ولنضعها نشيدا ساخرا لنهبط من عزيمتهم وجأشهم ،ولننتصر بسر كوننا قدرنا على أن نمزح تلك المزحه السخيفه ونكذب على أنفسنا.
أو ربما لن تكون في طابع مزحة،ستكون في صورة جدية جدا ،سننسى كل طباعك الحسنة ،ولن نشيد بها أبدا لأنك وبكل بساطة لست محتاجا لأن تعرف، وهذا ضرب من الخيال أن نأتي ونمدحك،أنت كبير كفاية على هكذا أمور أليس كذالك؟
لأنك تعلم جيدا في قرارة نفسك كم نحن نحبك ،وكم أنت عظيم ،ولكن لن نقولها أبدا أبدا أبدا؛لأن البوح بهذه المشاعر يبدو سخيفا جدا، كم هو سخيف!
وله اهدار للوقت أن نمدح ماعملت،فلنوفر الوقت ولنشر فقط لما أنت سيء به!
فلنوقضك بكلمة سيءة بذم وانتقاد،ولكن لماذا ستحزن؟لماذا الا تعلم بمقدار كم نحبك؟
ثم اذا كنت بينا كزميل،لن نشيد بجدارتك وذكاءك ؛فأنت خطر كبير علينا ومدحك تأكيد لفشلنا ،فلن نقول ذلك! وماذا الذي سيحدث أنك قوي كفاية ولن يؤثر ذلك!
حتى وانت بيننا كمرأة،سنغار من جمالك ومن أسلوبك ومن مهاراتك ومن حظك،لن ولم نتيح المجال أبدا لما تعانينه،فببساطة أنت مهما كنتي تعانين،أنت تمتلكين ماتحسدين عليه ولذلك كم نمقتك وكم سنحاول جاهدات لأن نشير بأصابعنا وأرجلنا وسهامنا وخناجرنا نحو عيوبك فأنت تشكلين خطرا كبيرا علينا ولن نسمح بأن نكون فاشلات !
هكذا هي نظرة المجتمع فبين حاسد وغير مبال،تكون كلمة الذم هي الأبسط والأخف وطأة ،والأقل ثقلا لقولها عوضا عن المدح،وربما منهم من لايعلم وقع كتمان المدح،وهذه الفءة هي المستهدفه من هذا المقال.
في الحقيقة،كتمان مدحك لمستقبل المديح،يحرم المستقبل من الشعور بكونه منتم لهذا المكان وهذه البيءة؛ بالتالي يشعر داءما بعدم قدرته على فعل المزيد؛ لأنه ببساطة يشعر بكونه غير مرحب به وبما يفعله،فيقف مكتوف اليدين،فيما الأخرون من حوله يحرمونه لذة كونه منتم ومرحب به بينهم وكونهم فخورون به.
تقول زهى حديد:"حاربني الغرب لأني عربيةو حاربني العرب لأني امرأة"
زها حديد،بعد وفاتها أصبحت مثال يحتذى به عند العرب بعدما كانت عار كونها امرأة مهندسة في الوطن العربي وأسطورة نتغنى بها نحن العرب ،وكأننا نختبر كل شخص وعندما يتوفاه الله هنا تظهر نتيجة أختبار هذا الشخص،هنا نعتبر أنفسنا قد فعلنا مابوسعنا ،فنحن نتغنى به،ونحن نسمي بأسمه قاعه أو مسرحا أو مكتبه أكبر أكبر مانقدر عمله نحن نجعل له ضريحا فخما،نحن أيضا من الممكن أن نصنع تمثال،ألا يبدو هذا عادلا !لقد أدخلانه التاريخ وهو ميت!
هل سألنا المتوفي هل هذا حقا مايريده؟ومانفع ذلك من الأساس؟
وكما يقول محمود درويش:"الرثاء،مديح تأخر عن موعده حياة كاملة"
ومانفع المديح بعد الموت!ومانفعه!
ألا تستحق منا هذه الحياة القصيرة أننا نضع كل مافي جعبتنا من مشاعر لأصحابها،أليس من الصعب كتمانها، وعند الفراقلا ولن نلقى تلك الأرواح لنقول لها مانريد ،وحتى وأن سمعتنا فهل نحن براضين!
هل سنرضى على أنفسنا وسلوكياتنا ونحن نمارس حكرا لمشاعرنا ،لانقاسمها لأولاءك المحتاجين لها،أليس هذا حكرا؟
حسنا ،أتذكر ذلك جيدا كان عمي،قد وصل من الخارج ،وقعد كانت حالته الصحية سيءة،كان عزاء خالي ذلك الوقت،كنت منشغلة بواجب العزاء،وكانت لدي رغبة كبيرة بأن أرى عمي وخصوصا أنه لم يرى بيتنا الجديد الذي بنيناه وقت النزوح ،فكانت لدي رغبة كبيرة بأن نجتمع ونهون عليه وقلت لوالدي دعنى نجلبه ويبيت معنا ونعزمه على حفل شواء فرحا برجوعه ونهون عليه،واتفقنا أنا وأبي على ذلك بعد أسبوع سنجلبه ،ولكن الموت كان أسرع بكثير ،لقد وافته المنيه قبل أن أراه،يوم وفاته هسترت لعدم قدرتي على رؤيته وقلت تلك الكلمات"ليتك ياوالدي جلبته" كنت أود أن أحادثه عن أشتياقي لروحه المرحه الجميلة وليالي الجمعه التي لم يكن يتغدى معنا فيها كانت فارغه، ولكنه القدر،ولكنه أبدا لم يفارقني ،فبت أحلم به.
أتذكر في آخر مرة أجتمعنا نحن وعمي بشاطء سوسة،كان رغم مرضه،يقول تلك الكلمات التي تحثنا على العطاء الداءم للحب،كان يقول تلك الكلمات التي تعبر على فخره بي لأبنه الصغير، كم كان يستطرد في وصف حفلة تخرجي،أنا لا أصدق الآن أنها أصبحت مجرد ذكرى،كم كان لكلماته وقع كبير في قلبي !
الموت لن يستأذنكم أبدا،الموت قدر!
قولوا كلمات المديح عندما تشعرون بها ،قولوها عن حب وعن راحه،قولوها لانكم بحاجه لأن تعطوا الحب ،قولوها لانكم أحسستموها وليس لأنكم تريدون التعاطف!