بورتريهـــــات نسائية : - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بورتريهـــــات نسائية :

" نعيمـــة "

  نشر في 06 ماي 2016 .

كتب : محمد القنـــور

نعيمة طفلة في ربيعها الحادي عشر، في هذا اليوم الجمعة نهضت من فراشها مبكرا، الذي كان قطعة من الإسفنج البالية، ا تفترشها في زاوية من زوايا المطبخ، بدار كبيرة لأغنياء في كل شيء سوى الكرم .

نهضت كعادتها يختلج في صدرها مزيج غريب من الرعب والهلع مخافة أن يستيقظ قبلها أحد من أصحاب الدار ، خاصة تلك السيدة القاسية الشرسة صاحبة البيت، فنعيمة ينبغي أن تكون آخر من ينام وأول من يستيقظ، هذا ما سنته الحاجة صاحبة البيت.

طوت بسرعة قطعة الاسفنج والبطانية الرقيقة المتهالكة، وبدأت تعد وجبة الإفطار وهي تمشي على أطراف أصعابها حتى لا توقظ النيام. بعد ساعة ونصف تقريبا، دلفت صاحبة البيت إلى المطبخ مزمجرة بدون سبب واضح، مؤنبة :

"يالكـ من مخلوقة عصية، استغرقت في النوم مرة أخرى، واستهوتك لذة الأحلام". لم تجبها نعيمة، فهي لأنها لا تجرؤ على ذلك، قصارى ما تفعله تطأطأ رأسها وتستمتع تجنبا لما لا تحمد عقباه.

انتهت ربة البيت والزوج والأولاد من وجبة الإفطار، ولبت نعيمة لكل واحد منهم حاجاته، فهذا يريدها أن تحضر له أكله المفضل، فهذا لا يأكل البيض المسلوق، ثم ما هاذي الحريرة التي لايمكن أن تشربها حتى الكلاب الضالة في باب دكالة وذاك تساعده في أن يلبس ثيابه، والآخر أن تلمع حذاءه، وتلك في أن تبحث لها عن المشط الذي تسرح به شعرها، وعن "أحمر الشفاه" الذي تقسم يمينا ، أنها تركته قرب المرآة في ممر الحمام الوسطاني ، طلبات وطلبات، محاضر وكشوفات، وإستنطاقات لا تنتهي ... ساعة ونصف مثل الجحيم كانت قد مرت على نعيمة ، قبل أن تسمح لها ربة البيت بأن تتناول إفطارها مما بقي من فتات على الصحون وفضلات فوق المائدة . وأن تغسل الأواني قبل أن ترافق سعاد الابنة التي تكبر نعيمة بسنتين إلى المدرسة، لتحمل لها المحفظة....

"المحفظة ثقيلة والدراسة خفيفة، مدارس آخر الزمن" .

كانت صاحبة الدار "الكبيرة" ممتعضة من ثقل المحفظة في زماننا، وتخشى على فلذة كبدها أن يتقوس عمودها الفقري، ولذلك فهي توصي نعيمة بالمحفظة خيرا. وبما أن المناسبة هو عيد المدرسة ، والمناسبة شرط فقد قررت ربة البيت أن تبعث قنينة عطر ووردة لأستاذة سعاد، فهي تدرك جيدا أهمية هذه الذكرى ، وتدرك ما معنى "إدهن السير يسير"

أعطت الوردة لسعاد، وسلمت قنينة العطر ملفوفة بإحكام إلى نعيمة، وحذرتها من أن تسقط من يدها، حيث ستعمد إلى تريشيها مثل الدجاج الرومي وحتى بدون "ماكينة ترياش" بل تكسير قارورة العطر سيخصم ثمنها من أجرها لشهرين، فالأجر الشهري الواحد لنعيمة يقل بكثير عن ثمن القنينة، وأوصتها أن تسرع الخطى في طريق العودة لأن هناك عملا كثيرا ينتظرها.

غسل الطناجير الكبيرة، وتصبين الأغطية، وصقل أدراج السطح الفوقاني بــ "الماء القاطع"، وإعادة النظر في تلك الأوني الفضية الذابلة التي لن يقبل بها أكسل "دلال" في جوطية مهجورة ....



   نشر في 06 ماي 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا