يا صديقي

يا صديقي لا تلم من حضر ولا تلم من غاب، ذات يوم كنا نغرد في ذات السرب، وذات يوم وضعنا السبابة في ذلك السائل، وأمام تلك الصورة وضعنا نفس العلامة، من تلومه اليوم لم فعل كذا وكذا لو يعلم ما تعلم لربما كان نسخة منك، لربما قال في الآخرين كما قلت، سيقول عنهم حمير وكلاب ...الخ.

يا صديقي لا زلت أتذكر أحدهم كان في يده يومها 20 بطاقة انتخابية، بعد أن أنهی الإقتراع بعشرين صوت خرج يعلن على الملأ أنه انتخب فلان بعشرين صوت واليوم له هامة كبيرة ومكانة مرموقة في صفوف الشرعية.

يا صديقي للحق أنصار ولا يمكننا يقيناً حصره إلا في جزئيات معينة، وللباطل أنصار ولا يمكننا كذلك حصره إلا في جزئيات معينة، بمعنى ليس هناك حقا مطلق ولا باطل مطلق، بتفكيرنا المحدود لا نستطيع أن ندرك الحق اليقين والباطل اليقين، فالحق أحيانا يشوبه باطل والباطل أحيانا فيه شيء من الحق. يا صديقي لا تلم من خرج وأيد، ورفع شعار وردد، وندد، واستنكر، وقاتل وقتل.

يا صديقي كما ترى غيرك جاهلا، سفيهاً، لا يعي ما يفعل، هو كذلك يراك تماماً ، مائة سنة مرت فماذا تتوقع أن يكون الناس.

يا صديقي الوعي لا يورث، والعلم لا يورث، وتباين الحق من الباطل والخطأ من الصواب ليس بالوراثة.

يا صديقي مائة سنة من الفقر المدقع، والجهل المفزع، والقتل الموجع، كل ذلك يا صديقي لن ينتج سوى عاهه مستديمة، ربما بمدارتها وتليينها وتفكيك عقدها، تلين ويستوي إعوجاجها، وربما بقدر ما تكونت تلك العقد، تحتاج لنفس المدة لتتعافى من علتها .

يا صديقي للحياة سنن كالميزان، أنت فيها كفة، وآخرون الكفة الأخرى، صنفاً آخر، لوناً آخر، خامة أخرى، لا تشبهك، لا يهم ما تكون ولكن يجب أن تبقى الكفة في توازن.

يا صديقي جعل الله دفع الناس بعضهم ببعض من شريطة استمرار الحياة، فلم تريد أن تجعل من نفسك حجر عثرة أمام تلك العجلة.

يا صديقي لنكن نحن الطينة التي تزرع الوسطية، والتوازن بين كفتي ميزان، بين قطبي مغناطيس، لا تخرق السفينة، خذ بيدي إن رأيتني افعل ذلك.

يا صديقي كلٍ مسير لما خلق له، لا تنعي وتبكي من مات في صفوف الحق كان مقدر له ذلك، ومن مات هناك كان له كذلك.

أخيراً يا صديقي الساسة حين يقررون لها الفكاك والخلاص، سيفعلون ذلك دونما النظر إليك، لأنهم لا يعرفون من أنت، وكيف أنك دافعت عنهم، حتى وإن عرفوا، فاليوم أنت مدافعاً عن الشرف، وغداً ريما تكون عدوهم.

يا صديقي لنبقي ما بيننا قائم، لنختلف لنرتقي، لا للكراهية فيما بيننا، ألا يكفي أن سالت الدماء ، حتى ننسف روابطنا الإجتماعية.

يا صديقي ستبقى مهما كنت وما هي ماهيتك " صديقي "