غرفة من الطين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

غرفة من الطين

وذكريات السنيين

  نشر في 25 شتنبر 2018 .

كنت ضيفا على بيت جدي لوالدتي ، أذرع البيت ذهابا وايابا ، طفل صغير يتطفل ببراءة وفضول ،لا يشبع فضوله شيء ، يبحث عن أي شيء؟

  اجوب البيت عرظا وطولا ، لا أكل ولا امل، أقلب اغراض جدي في ورشته التي يحترمها بمقدار ما يحترم نفسه ، فهو بارع في تصليح اسلحة الصيد وادوات الحراثه والبناء والنجارة ،

رغم ان البيت ريفيا بحت إلا أن فيه نظام صارم، 

حتى الأطفال ليس لديهم عالمهم الصغير مع الكبار،وكأنهم يقولون لك لا تلعب مع الكبار !أي بمعنى لا تقترب من ادوات الكبار . لكني طفل مشاكس،  دخلت الورشه وقلبت فيها اغراضا كثيرة ،ولم اعر اهتمام صياح جدي وكأني اتحداه 

لأني لمست نبرة حادة في صوته ، وكأنه يريد أن يحرمني من عالم فيه اسرار يمنعني من اكتشافها،

صاح على جدتي :- لاتتركي هذا الولد ابن بنتك

يلعب بالورشه وأدوات النجارة ، راقبيه وامنعيه من الدخول إلى الورشة .  اجابت أنا لست فارغه له أريد أن اقوم بعملي في البيت ، قال لها اتركي العمل الذي بيديك واذهبي إليه ؟ فسوف يخرب 

شيئا من الأشياء ، قالت:- أنا ذاهبة، أنت تكبر الأمور أكثر من الازم ، فقلت في نفسي لماذا هذا الحرص الشديد بعدم الدخول إلى الغرفه؟ هل هناك

شيء قابل للكسر؟ شيء مهم ؟ هل هناك سر في هذه الغرفه؟قلت في نفسي:- أريد أن اعرف هذا السر !أريد ان اباغتهم ،على غفله من أمرهم واكتشف ما هو السر ؟جدتي قالت لي:- لاتقترب من الورشه؟ابتعد عن ادوات جدك ؟لاتقترب منها؟

هل فهمت ؟قلت لها :- بصوت فيه خضوع سوف لن أقترب منها ولن ألعب بأدوات جدي!  كنت كاذبا ،ومراوغا ،واكسب وقتا، لكي اجعلهم ينشغلو وينسو الموضوع ، لأن جدتي سوف تقوم بواجبات البيت، وجدي لايستطيع القيام والمشي بصورة صعبه وهو يتوكأ على عصاه، لكي يسير ويصل إلى المكان الذي فيه ورشته، وهو قد ترك العمل بصورة شبه نهائيه، بسبب الآم الظهر ،او العمود الفقري، وتقدم العمر ، ولكنه يعتز بحاجياته التي ينجز أعمال الناس بواسطتها، هذا عندما كان قويا أما الآن فهو يجد صعوبة في الذهاب إلى الحمام.كل هذه التحليلات دارت في رأسي ، إذن كل أفراد البيت مشغولون عني . أما أنا فلا زلت مصرا على الدخول إلى هذا العالم ، انتظرت قليلا كي يهدأ الوضع حتى اقتحم هذا الموقع الرهيب الذي يمنعوني من الدخول إليه ، أخيرا هدأ الوضع ، كانت الورشه عبارة عن غرفة مبنيه من الطين المسقوف بجذوع النخيل والقصب .





 

دخلت الغرفه، وأنا حذر وخائف ،من الصوت الذي سوف يهدر كياني ، لأن كل صيحة من صيحات جدي، تشبه أعصارا يعصف بي مثل الريشة . أخذت اجول بنظري في هذه الأشياء، لاحظت ادوات كثيرة، لم أعرف أسمائها، وقسم منها عرفته ،وبقيت اسئل نفسي عن أسماء الأدوات . فجدي لم يكن يعرف مهنة واحدةفقط ، بل كان نجارا وحدادا ومزارعا وبنائا وكان كاتبا، لدى تجار التمور في مكابسهم .وقد عمل لدى الإنكليز في الموانئ ، ولكنه ترك العمل معهم واتجه إلى الريف ، وأخذ يعمل لحساب نفسه، وأضافة إلى جميع الاعمال التي يمارسها، فهو صياد ماهر للطيور والأسماك . جلب انتباهي شيء في هذه الغرفه ، وهو وجود خراطيش فارغه ،ومبعثرة ،في أرضية الغرفة الطينيه،كانجدي سابقا  يعبئها بالبارود والرصاص، ويضعكبسوله صغيره في اسفل الخرطوش، لكي تكون عتادا حيا يستخدم لإطلاق النار في بنادق الصيد لاحقا، يبيعها لصائدي الطيور في الأهوار . هذا العالم جعلني فضوليا بشكل لا يوصف ، 


  ، حاولت أن امسك مجموعه منها بيدي والعب بها ثم ترددت وأردت الخروج من الغرفه، لكني ألقيت نظرة من الشباك ، واثناء نظري إلى الخارج لمحت عيني على الحافة السفليه للشباك والتي تشبه الرف صحن صغير    فيه مادةسائله سوداء تخيلتها لأول وهله تمر الهند مذاب في الماء والذي يضعونه على المرق بالإضافة إلى النومي معدا لأن يضع على المرقه وقد تركته جدتي ،كان تصوري هذا عن قناعه . مددت يدي إلى هذا الصحن لكي امسكه بيدي واتذوقه ، وقدقربته 

من شفتي وإذا بيد تمتد من خلفي وصوت قوي 

يعصف بي هو صوت خالتي :-اترك الصحن ولاتقربه لشفتاك أنه مادة سامه سوف تموت بالحال إذا شربتها ، ووضعت الصحن في مكانه بالحال ، وامسكت بيدي بعنف وقالت لي :-هل شربت منها ؟فقلت لها:- كلا. فقالت:وماهذا الذي على شفتاك فقلت لها:- تلطخت شفتاي فقط ولم اشرب قالت:- سوف امسح شفتيك بثوبي أي طفل انت؟هل تريد أن تموت ؟هل تعلم ما هذه المادة ؟قلت لها :-أنها تمر الهند المذاب بالماء قالت :-أي تمر هند هذا؟ هل تعلم ما هذه المادة ؟فقلت لها :-أنها مثلما قلت لك قبل قليل . أنا سوف أقول لك ما هذه المادة:- أنها مواد كيمياويه سامه ،تستخدم لطلاء اخشاب السيسب الهندي، يستخدمها والدي دائما في الحفاظ على الأخشاب من الأرضه والرطوبه والشمس. وصاحت بي بعنف هيا اخرج من الغرفه!

من دلاك عليها ؟فقلت لها:- أنا دخلت لوحدي .

سوف أقول لأبي :-أنك قمت اليوم بعمل جريمه يحاسبك عليها حسابا عسيرا ، هيا أخرج بسرعه!

في هذه الحاله شعرت وكأني ارتكبت جريمه كبيرة لاتغتفر . لقد كبرو الأمور ، بأكبر من حجمها.

خرجت بسرعه وطعم المادة التي حذرتني خالتي منها في فمي وعادت بي وكأني مجرم ذاهب إلى الاعتقال وليس ذاهبا إلى   إلبيت وأنا اتوخى الحذر منها بأنها سوف تشي بي إلى جدي او تقول لجدتي عما حصل أيهما أصعب ؟ ان تقول اوتتركني اشرب سما ؟ 



ثائر التميمي
















   نشر في 25 شتنبر 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا