هي والخيانة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هي والخيانة

بقلم منال محمد الكندي

  نشر في 09 نونبر 2017 .

هي والخيانة

" الأشياء التي ينبغي ألا ترى، الأشياء التي لا أريد أن أراها.. هذه يجب أن أراها". طاغور

بقلم/ منال محمد الكندي

كان خيارها بأن تضحي بحياتها وسعادتها من أجل الحفاظ على بيتها وأسرتها، فالزوج رغم مركزه المرموق، لكنه جامد الفكر والعقل والإحساس، جارح في تصرفاته؛ كثيرة هي خياناته. الحياة كعادتها تسير كالسفينة رغم العواصف، إلا أنها تبقى صامدة من أجل سلامة الآخرين.

بدت حياتها تعصر قلبها بالزيف، متنكرا في لبوس السعادة، فهي غارقة في أحزانها وتشتتها وأنوثتها المجروحة. التقت به عبر الشبكة العنكبوتية. كاتب غزلت كلماته شباكه الدقيقة وانتشلتها من تلك الأحزان.

كتبت تعليقا تشكره على نص أبدع في حبكته، فمد طوق النجاة إليها، وصار لها قيد طوّق حياتها.

أعاد إليها أنوثتها المسلوبة وإحساسها كامرأة لها قلب ينبض بالحب بعد أن خفت دقاته على مذبح زوج اخرس بمقصلته كل نبض.

كلماته أسكرتها. جعلها المسكينة تعيش في حلم لا تدري أين نهايته وإلى أي طريق تسير.

تخاذلت وضعفت وملكت له نفسها. خفق له قلبها وتحركت مشاعرها الخامدة كالبركان في شريان حياتها.

أغدق عليها كلمات الحب والعشق والهوى، فأصبحت أسيرته لا تفكر إلا به وتقتات على عشقه، وتغيرت حياتها، وكست الابتسامة مُحياها، وأصبحت كالفراشة تنتقل بخفة ورشاقة، هدفها سعادة من حولها. كيف لا، وهي تشعر بالسعادة على يديه. معادلة صعبه تعيشها: أن يكون حبيبها مصدر سعادة لزوجها وأسرتها.

كثيرا ما لجأت إليه في مشاكلها، وقدم لها العون والنصح. كان لها فارس الأحلام الذي حلمت به، يطير بها على جناح الحب، يوقظها بغنوة أو بكلمة تكون ذخيرتها لتكمل يومها وحياتها. تراه بين جفنيها وتغمض العين لتحفظ ملامحه.

لم تع أن الواقع عندما يلتقي بالزيف يكون الخداع سلاحه الرئيسي، وأن الشيطان الذي نبذه الناس، جاء لامرأة الرجل المختار للدنيا على شكل حية.

أسكرها بصدقه الزائف وإيمانه المخادع بجنة النعيم تعيش فيها للأبد.

عاشت خيانة المشاعر وليس الجسد، فالجسد إذا جاع لا يخجل ولا يرحم.

استيقظت يوما لزاما على حياتها النكرة لتكشف عن فقرها في سلسلة طويلة من الكشوف.

استيقظت مشتتة بين كونها امرأة وفية ضحت بحياتها لأسرتها، وبين امرأة خائنه بعد أن كشف زوجها تلك المراسلات التي بينها وبين فارسها وسبب سعادتها وسعادة البيت المكسو بشتاء بارد، حتى دبت حرارة أدفأته لأيام وأحرقته لعمر.

أصبحت في دوامة تجمع أشلاء ما تبقى من روحها بعد كشف المستور، وخيانة الحبيب للمشاعر التي اعتقدت معه بأنها صادقة، وهروبه من المعركة وإغلاق الباب في وجهها.

في ليلة وضحاها بعد أن كان سبب ابتسامتها جعلها تجر أذيال الخيبة والخيانة، خيانة المشاعر التي تحتاج لإرادة قوية وإيمان لضبطها.

لكن العشق هو أن يبقى الحبيب معلقا بين الحياة والموت.

تلاشت الأحلام وتبددت وعاد الظلام يحيط جدران حياتها، مختنقة، باحثة عن الحقيقة.

هل كان صدقا يحبها ذلك الفارس الذي تعطرت بأنفاسه ولهيب الحب الذي لم تعرفه يوما.

تعيش متاهات الحب، الخيانة، الظلم. تقول "ما ذنبي؟!" فأنا امرأة شريدة، أعيش بين جدران بيت عارية.

أعترف بخطيئتي ولا أنكرها. ولكن أليس الجميع مدانا؟ فلماذا يخرس صوت الحق وينصب الظلم نفسه قاضيا وحاكما، يحكم بشريعته دون رحمة، فألقى التهمة علي وحدي وبرأ الجميع؟هل لأني امرأة؟

كل ذنبها أن نفسها هفت لكلمات صدق ومحبة ومشاعر تعيد إحساسها بأنوثتها وإنسانيتها. ولكن لم تجد سوى صفعات ظالم يرى أن حقوقه أهم من واجباته. نزواته أعمت بصيرته. أحرق بيوتا بخيانته وتلاعبه بأحاسيس قد تكون صادقة، وأخرى تسعى للخراب وتعيش لذة الرذيلة. نسي أن الله يمهل ولا يُهمل. فقد آن الأوان أن يذيقه بعض الاشتعال ويحرق جزءا من ثوبه ليبصر ما جنته يداه من ظلم للنفس والاستهتار بمشاعر الآخرين.

وصفعة فارس، كان أولى له أن يظل فارسا يدافع عن تلك القيم التي علمها الإيمان بها وتوهمت أنها مقدسة.

غاب عن عينيها النوم، وفقدت أمانها وتقلبت في فراشها، تتحسس وسادتها، تلك التي احتضنت أحلامها وابتلت بدموعها وعشقت حكاياتها.

تدعو الله أن يغفر لها خطاياها وزلاتها، ولكن بينها وبين نفسها تتوق لمعرفة حقيقة مشاعره معها: هل كان خداعا؟ شفقة؟ سرابا؟

هو من علمها أن الحب عندما يملأ الصدر يمحي كل حقد على الحياة.

دوامة أغرقتها في تساؤلات. هل كانت مخدوعة؟ هل الرجال متشابهون – الزوج والحبيب-في رذائلهم ونزواتهم؟ من الغرور بحيث نظن أنه بالاستطاعة احتمال الحقيقة في قبحها المخيف،كانت تناوش القدر رغم تشبثها بعزيمتها الواثقة في أن تخرج من محنتها ظافرة بحفظ أسرتها كأضعف الإيمان.



   نشر في 09 نونبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا