القنابل الطائرة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

القنابل الطائرة

ذكريات صبي في العاشرة

  نشر في 15 غشت 2019 .

كنا قد اعتدنا هذه الأصوات ، فقد كنا نسمعها صباحا ومساء ، قبل انتقالنا من ذلك المنزل الجميل الذي تركناه مرغمين ،تركناه وقد أضحى ركاما تساوى بالتراب ...

يزعجني ذلك الشخير فيمنعني من النوم ، لأظل ساهر الليل مقضوض المضجع يحل الصباح معسعساً ثم الليل الذي تكون حالته أشد ، وأنا أنتظر توقف ذلك الشخير ، فقط لكي أنام ولكن دون جدوى .....

لأخذ الحيطة والحذر ، اتخذنا مخبأ في حديقة منزلنا الجديد رغم بعده عن نيران الحرب ؛ لكن لهيبها كان ينتشر في البلاد كانتشار النار في الهشيم ....

وأول مرة ذات مساء ،كانت نوافذ منزلنا وأبوابه مفتوحة، في إحدى ليال الصيف الصافية ،

سمعت صوتا ظننت أنني ارتحت منه ؛لكنه ظل يطاردني ....نعم صوت الشخير يعود مجددا ،

وهو الآن قادم نحونا بصورة لا تخطئها الأذن..

كان مجرد إنذار..أخذتني أمي أنا وأخي إلى المخبأ ،

كانت فزعة ولم يكن هناك مجال للسؤال ..!!

وما هي إلا عشر ثوان لتهتز البلدة تحت دوي إنفجارات وصرخات منكوبين.........

بالنسبة لي كان الأمر مجرد طرفة مرت بسرعة في ثوان معدودة، صعدت مع أخي إلى السطح

لأرى ما حصل ، وما أن انقشعت الضبابة السوداء

حتى رأيت منظراً مريعا ، أطفال نائمون في برك دماء

ونساء تصيح في هلع ، رجال بللت وجوههم الدموع

حطام في كل مكان ،وأشلاء عالقة تحت الركام ،

تطلعت فرأيت شخصا مألوفا لدي ، رأيته يصرخ وينتحب ،التفت إلى أخي وسألته قائلاً :أتعرف ذاك الرجل ؟أجابني :نعم ..إنه البائع الذي كان يتمنى قدوم الحرب ..لكن لماذا يبكي الآن ؟

ألأنه عرف صنيع الحرب بين الأحبة ؟

ألم يكن يعرف أنها تبعث الأسى وتولع الأحزان ؟

صمت قليلا... ثم قال لي لقد حرك شيئا ما بداخلي

دعنا نتفقد حاله ،اتجهنا نحوه وسألناه عن مصابه ،

أخبرنا أنه فقد فلذة كبده الذي عقد عليه الآمال ،

توجعت لحاله فهو رجل بلغ من الكبر عتيا ، ولما قرر الاعتماد على ابنه فوجئ بخبر فقده والذي كان كصاعقة ضربت قلبه ،أردت أن أواسيه ،بيد أني عجزت عن ذلك ،فهو من كان يتمنى هذا الواقع المرير ...

بعد عدة أيام كانت هادئة وسعيدة، خرجت أمي مع أخي لشراء بعض نواقص البيت ،وبعد مرور ساعة من خروجها قصدت الملجأ وحيداً بعد أن سمعت الأزيز ،

شقت القنبلة الهواء ،وتناثرت بين الحياة، ثمان انتظار ،

وبعدها انفجار غير مرئي ،سلب مني الضحكات وانتهب البسمات .....

كان أخي يمثل في قلبي سداً يحجز آلامي ،بعد انفجاره فاضت أحزاني وسالت أشجاني ،صار مركبي مخذول الشراع ،يسير في الظلمات بلا متاع ......


  • 1

   نشر في 15 غشت 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا