مازال الوجع يعبث برأسي كلما أتذكر التفاصيل، في الجرائد عناوين كاذبة، لا أحد يعلم الحقيقة، الكل يظن أنه يعلم ما يجهله الآخرون...إنهم غارقون في وهم المعرفة فقط....لا أحد سواي يعلم الحقيقة كاملة، كان لي أخ أيضا شاهد على كل ماوقع لكنه رحل قبل أن يدلي بأقواله....رحل ليلحق بها هو الذي لم يعش الحياة الجميلة ...لقد كانت الحياة حلما بالنسبة له ....رحل هو وبقي الحلم بحوزتي!!! لقد تركوني ضائعة بين واقع مرير ومستقبل مجهول وماضي لن ينسى أبدا.....
الاربعاء وعقارب ساعة تتجه نحو المجهول، إنه موعد الزيارة الذي ترددت كثيرا بين محاولة نسيانه وبين تذكره، لكنني فشلت لأنني لم أنسى أبدا، سأزوره للمرة الأولى والأخيرة لأودعه هو والماضي معا...ففي كل الأحوال لا يشكل هذا فارقا بالنسبة له، من قتل زوجته ودفع بإبنه لرصيف الشوارع لا ضمير له ليحس بتأنيب الضمير، إنني أحمل إسمه أكره هذا أيضا لأنه يذكرني به، يذكرني بالأبوة الوهمية التي هي كل ما استطاع منحنا إياه، في ذلك المساء كان الجو بارد وكأنه يرثي أحدا ما، كان الجو غائما وكانت السماء تبكي، قلبي لم يبكي تلك الليلة، والآن لم يبقى لي من دموع، لقد جفت العين ولم يعد لي من حبر ينبض لأصحح كذب الجرائد التي خلذت تلك الليلة بأكثر من صورة بشعة لمصور هاو، همه أن يضبط ضوء الكاميرا ويركز على الدم الملطخ في الأرض، كانت صوره حزينة وكان قلبي متعبا كفاية....
في ذلك المساء عاد الثمل من ليلة صاخبة كعادته، تناقشا قليلا، بدأ يعلو الصراخ شيئا فشيئا، سالت الدماء، صرخت السماء وعم الصمت المكان.....
أخي هرب لم أراه منذ تلك الليلة كان صغيرا، كان طموحا ومات على رصيف الأحلام، مات قهرا لم يمت جوعا.....
ربما أنا أكثر حظا، فجدران هذا المستشفى للأمراض العقلية قد وفرت لي مأمنا من الموت من القهر من الجوع من التشرد ومن البرد....يقولون أن برأسي مرضا ما وأنني مجنونة.... هل سيصدقون الحقيقة ......هل سأرحل مبكرا مثلهم !!! أم أنني سأشفى....يقولون أنه مستشفى بتقنيات ممتازة وبكفاءات مهنية عالية....الجرائد مازالت تكذب ....
اليوم الأخير لمريضة مستشفى أمراض عقلية.....
تاريخ الوفاة : 05/03/1964
-
ليلىليلى 23 سنة من المغرب.