دولة الإحتلال ورعب إسمه إيران..
هيام فؤاد ضمرة..
ما انفكت دولة الاحتلال تعيش رعب سهولة زوالها واقتلاع جذورها نهائيا من فلسطين ومن ثم من الوجود، فهذا الهاجس يقلق نومها، وينكث هدوءها، ويستخرج كل كوابيسها، وتسعى بكل أخابيث الدنيا أن تدمر كل دولة عربية تحقق تقدماً حضارياً واقتصادياً لأنها تعرف أن قوة الدول تأتي من امتلاك هذا الجانب، وتخشى تعطل البنك الدولي الذي أسس لأهداف استعمارية بحتة، للسيطرة على الدول وعلى قرارها الرسمي، ولهذا دفعت بلعبتها الأمريكية لتدميرهما وتخريب حضارتهما
وفي الوقت ذاته تحاول جاهدة بين أن تقنع مواطنيها بأنهم ضمن أسوار العيش الآمن، وأن تقنع نفسها بأنها فعلاً تعيش في دائرة الأمان وكل من حولها يقدمون لها الطاعة والولاء إلى درجة الاستجداء، وكالطفل المصاب برهاب العتمة تحاول إسرائيل استخدام وسائلها في تحريك أسطولها الاقتصادي اليهودي العظيم للضغط على واشنطن لسهولة هذه العملية التي سرعان ما تؤتي أُكلها، فيتجاوب معها مهرج القرن ويطبق المطلوب بحذافيره الدقيقة.
وحين نجحت قيادة دولة الاحتلال من خلال استخدام السلطة الأمريكية بإزاحة كل من العراق وسوريا عن طريقها إلى الأبد وأصبحت على يقين تام أنهما لن تقوم لهما قائمة بعد اليوم على الأقل لمائة عام لاحقة، باتت الفرصة سانحة لتوجيه التفاتتها السريعة باتجاه إيران، وهي تدرك أن توجيه الضربة لإيران يجب أن يشمل حزب الله في لبنان والإيرانيين في سوريا والحوثيين في اليمن، وأن لا مناص من تجزئة العمل لعدم ترك مجال لحدوث الثغرات القاتلة.
وما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية اليوم لرصف الأرضية وتسويتها وتهيأتها لصفقة القرن، ليس إن هو إلا خطة اسرائيلية قديمة من ابتكار العقل الإجرامي النتنياهوي، لهذا السبب اختارت تل أبيب التزام الصمت حيال المشروع الأمريكي فيما تحركت أساليب الرفض الخجولة لبعض الدول العربية لتضع شعوبها في حالة من الانتظار، فيما المشروع يسري هادئاً كالماء من تحت الأبواب الموصدة،
والتسريبات الاسرائيلية المتقطعة التي تتم دليل على أن الخطة برمتها يهودية مئة بالمئة وما يتسرب منها إن هو إلا لجس النبض وتحديد درجات حرارة التقبل لكل درجة منها، وفي الوقت الذي تمارس أمريكا الضغوط على الفلسطينيين من خلال وزير خارجيتها الجديد مايك بومبيو لتقبل بالعرض المتوفر، فما زالت دولة الاحتلال تتحدت عن أن خطة السلام تتضمن على تعويضات مالية للفلسطينيين خاصة أنهم أحد أطراف القضية لكنهم ليسوا أصحاب الفصل فيها.. بما يعني أن الصفقة ستبرم برضاهم أو بغير رضاهم.
دولة الاحتلال تستعجل الحل لتحييد دور إيران، ونجحت في جر العرب لقبول الصفقة وتقديم كل المساعدة للتمهيد لذات الصفقة، فستجد إيران نفسها ومعها حزب الله وحيدين في ساحة المواجهة، هذه النتيجة وحدها التي من الممكن أن تجعل نتياهو يسترخي قليلا في الظل.
فما هو الذي سينتهي إليه مشروع الصفقة وقد اتفقت عليه حكومة نتياهو وإدارة ترامب؟ أليس هو ذاته الذي كانت تحاول دولة الاحتلال فرضه على الفلسطينيين منذ زمن بعيد وأمنت على قبوله من قبل كل العرب؟ وهو عبارة عن شبه دولة فلسطينية بلا سيادة ومنزوعة السلاح ومحدودة الصلاحيات لا تملك قرارها ولا حدودها ولا حتى مطارها أو بحرها، واقتطاع دولة الاحتلال ل15% من الأراضي الفلسطينية عدا ما صودر سابقا من أراض المستوطنات وضمها جميعاً إلى دولة الاحتلال، أما فلسطيني الشتات فيتم توطينهم في الدول المتواجدين بها.
هناك تخوف من عدم وجود قناة اتصال للتفاوض بين أمريكا وإيران، وهذا يجعل الأمر أكثر تعقيداً، أما الاستفزازات التي تقوم بها أمريكا فهي لا تكاد تهدئ روع نتنياهو المستعجل للحل ويطلق كلاب أثره المخابراتية للنكث في الداخل الايراني على غرار ما مورس مع العراق ومع سوريا، واختلف المحللون بين من يرى حربا وشيكة ستحدث ومن يستبعد هذه النتيجة، وكلا الجانبين يجتهد على قدم وساق في تجهيز قوة مناسبة تفاجئ بها الطرف الآخر فيما لو تماسا.
واسرائيل لن تكون بعيدة عن الحرب لو حدثت، فهي ما ابتعدت قيد أنملة حين حدقت حربا العراق وسوريا، فهي بالنهاية المعنية من وراء هذه الحرب لو حدثت، وسينالها ما سينال القطع الحربية الأمريكية وقواعدها في دول الخليج، الأمر الذي سيجر المنطقة كلها للمخاطر لأجل خاطر نتياهو.. فأي المفاجئات غير المتوقعة ستواجهنا في قابل الأيام؟ وأي نوع من الخطورة ستكون عليه هذه الحرب؟
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية