في صباح يوم من اروع ايام الربيع ، انطلقت حافلة محملة بخمسين راكبة منطلقةً من مَدينةِ نابلس الى مَدينةِ الخليل ، كَانت الفَتاةُ تَجلِس بِجانبِ النافذة تَرمق الطريق بتمعن لم تترك شجرة إلا و القت عليها نظرةً حتى و إنّ كانت عابرة ، كانت تُرَدد في ذِهنها قائلة : كأنما الحبُ يولد و يَنمو في فصلِ الربيع حينما تَرتدين رِداء الزُمُرد ، أيتها الارض الجَميلة رفقاً بقلبي .
أثناءَ الطَريق و بينما كانَ النساءُ يَتَبادَلونَ الاحاديث فَترتفع اصواتهم تارةً و يُسَيطر الهُدوءَ على الحافلةِ تارةً اخرى ، ما زالت الفَتاةُ على حالها اسيرةٌ لهذه الارض معلقةً احلامها وشغفها في داخلها ، فتاةُ حالمة تهتم بأدقِ التَفاصيل ولا يَروقُ لها الحديثُ كثيراً . (نعم) إنها انا !
وَصَلت الحافلةُ الى مدينةِ الخليل ولا أنكر مدى إعجابي لِقَناديلِ العِنَب في الأراضي الشاسعة ، ثم تَوقفت الحافلة عِندَ مَصنع للزُجاج ،فَشاهدنا كَيْفَ تَتِمُ صناعة الزُجاجِ و بعد ذلك يُرسَمُ و يُنقَش عليها بألوان بديعةٍ و زخارفُ و هندسات مثيرةٍ ، تَعَددت الاشكالُ مِن صحون وكؤوس و أواني جَميلة ، ثم اكمَلنا طَريقنا لِتَتَوَقف الحافلة في مُجَمع للحافلات ، نَزَلَ الجَميعُ مِنَ الحافِلة مُتَجهين إلى البلدة القَديمة في المدينة ؛ للصَلاة في المَسجد الإبراهيمي .
سِرّنا في السوق حتى وصلنا المسجد الإبراهيمي ، متلهفةً للصلاةِ فيه ، لكنَّ هنالك شيءٌ مُزعِج للغاية ، في الحقيقة كُنت أعلم أنني سَأراه و سَأشعُر بِتلك الغَصَةِ التي شَعَرتُ بِها عِندما زُرْتُ مَدِينةُ البتول ، حيث كانَ يَقفُ حَشدٌ مِنَ الجُنودَ الإسرائيلين يَنظرونَ لنا بِسخرية و يوقفون الناسَ كيفما يشاؤون ، وكذلك الامر بَوابةٌ حَديدية لعينة ، يَقفُ عَليها مِن الخارِج رَجلٌ خَليلي ؛ لِيساعدَ الناس على الدخول الى تلك البوابة ويقول : اثنتين ..اثنتين ، ثُم بَعدها بَوابة إلكترونية تُصدر صَوتاً إن كُنتَ تَمتلكُ آلة حادة او سلاح ، لم تُزعِجني البَوابة التي حُشرنا بِها ولا نَظراتِ الاوغاد الخائفة من خَلف نافذةٍ زُجاجية ؛ لأنهم جُبناء حتى و هم بِداخل تِلْكَ الغُرفة يَحمِلونَ الاسلحة ، و اخرونَ يَقِفونَ على سور المَسجد لا ادري اذا كانوا يريدون أن يؤكدوا لنا اننا محاصرون ام انهم يثبتون بذلك كم هم جبناء ، توضأنا ثم دخلنا الى المسجد ، رَميتُ كُلَ شيءٍ اثقلني و شَعرتُ ببعض مِنَ الراحة بَعدَ رُكعتين تَحية للمسجد ، مِنْ ثُم أخذت التقط الصور لِمنبر صلاح الدين و قبور بعض الانبياء و زوجاتهم ،لَم يُرفَع الاذان في المسجد كَباقي المَساجد ؛ لأنه مقسم بين المسلمين و اليهود .
بَعْدَ عَودتنا نَاجيتُ رَبي و دَعوته أن يَقتَرب اليومَ الذي يَخرُج بِه الظالمونَ مِنْ ارضنا ، و أن استطيع في المرات المُقبلة أن ازورَ اي مَدينةٍ في اي وقت دون أن اشعُر بالاسَف او التَقّيُد .
-
آلاء بوبليفي داخلي تنتقل الحروف مع خلاياي فتشكل قصص و روايات و الكثير الكثير من الأغنيات ، لكن من الخارج لا يوجد شيء كهذا فكل ما يسيطر هو الهدوء.
التعليقات
بالمجمل جدا جميلة ,احببتها...!