ذهبت بعيدا و أبعد مما يتصورة أحد حولي.
هكذا كنت و هكذا لا زلت و هذا هو خياري في الحياة، كيفما نكون فهذا هو دربنا و لا مفر من الاقرار بذلك. صغيرة و أنا أتجول بين حدائق جزيرة جاوة، كنت أتخيل نفسي مسافرة علي بساط السحب من تلة إلي أخري من مرتفع إلي آخر و لا أدري كيف إستقر فكري علي كتابة سطور للتحدث عن مغامرات فراشة إسمها الحظ.
كان يطاردني نداء الأم الرؤوم :
"لا تذهبي بعيدا." ذهبت و لم أعود أبدا إلي الخلف و هذه إحدي سنن الحياة.
كتاب وراء آخر، قصة خلف أخري و كبر الحلم و أصبح ورق أملس و غلاف غاية في الجمال و قد أصبح لقلم الحبر جاذبية لا تقاوم.
كانوا يبحثون عني لساعات بينما الصغيرة قد غادرت إلي بعد غير مرئي، و يرتطم النداء بزجاج النوافذ ،فيبقي الجميع مشدوهين.
هل حقا لم أسمعهم ؟
و أين هي و الصغيرة بينهم، جسم شفاف يتلاعب بالحروف و الصور.
في يوم ما مرضت الصغيرة و لزمت الفراش لمدة طويلة. بعد السؤال، إنهمرت عليها كتب :
أتركوها تسافر عبر القصص، قيل لهم.
و كان ذلك و يوم نهضت طارت و لم تمل السباحة في الأجواء الرحبة. غردت لها البلابل و أحتفل بها الببغاء.
كانت طفولتها حلم من أجمل ما يكون و ظلت وفية لتلك الأيام الذهبية، ذهبت بعيدا، إلي أبعد ما يذهب إليه الخيال و لم تعد.
أين هي الصغيرة ؟
في مكان ما لا تطاله المخيلة، قد كبرت و لا يزال صدي " لا تذهبي بعيدا" يمتطي السحاب بدون كلل أو ملل.
www.natharatmouchrika.net
-
نظرات مشرقةروائية و قاصة باللغة الفرنسية مناضلة حقوق إنسان باحثة و مفكرة حرة