استخدم العلماء المسلمون عبارتين تدل كل منهما على القلب:
أ – عبارة العضلة الصنوبرية، وهو مسؤول عن النشاط الفسيولوجي للجسم، ولا يصلح أمر الجسم إذا كان فيه أكثر من قلب واحد.
ب – القلب اللطيفة الربانية، وهو مسؤول عن النشاط المعنوي للإنسان، ولا يستقيم أمر هذا النشاط إذا تعددت مصادر التوجيه.
ويعتقد البعض أن القلب المذكور في القرآن الكريم هو القلب المعنوي غير المرئي، مثله مثل النفس والروح. لكن علماء الطب الحديث، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي(1984)، ومنذ إجراء أول عملية زرع قلب ناجحة، لاحظوا ظاهرة غريبة عند المرضى الذين أجريت لهم عمليات زراعة القلب، فبعد العملية لاحظ الأطباء أن هؤلاء المرضى اكتسبوا بعض صفات أصحاب القلوب الأصلية.
قام العلماء بدراسة هذه الظاهرة على الأشخاص الذين اجروا عملية زراعة قلب صناعي، أو قلب طبيعي من إنسان لآخر، وكانت النتائج على الشكل التالي:
1 – زراعة القلب الصناعي: بيتر هوغتن(Peter Houghton) أجريت له عملية زرع قلب صناعي، يقول هذا المريض: إن مشاعري تغيرت بالكامل، فلم أعد أعرف كيف أشعر أو أحب، وحتى أحفادي لا أحس بهم ولا أعرف كيف أتعامل معهم. ويضيف أنه أصبح غير مبال بشيء، لا يهتم بالمال، لا يهتم بالحياة، لا يعرف لماذا يعيش، لقد فقد القدرة على الفهم أو التمييز أو المقارنة، كذلك فقد القدرة على التفكير في المستقبل، حتى أنه فقد إيمانه بالله، ولم يعد يبالي بالآخرة كما كان من قبل.
2 - زراعة قلب طبيعي: أحصى العلماء حالة 73 عملية زرع قلب طبيعي، وتتبعوا حالات هؤلاء المرضى بعد العملية، فلاحظوا انتقال صفات أصحاب القلوب الأصلية إليهم.
لم يتوصل العلماء إلى قول الكلمة الفصل في هذا الموضوع، لكنهم وضعوا تفسيرات أولية توضح هذه الظاهرة، ومنها:
أ – وجدوا أن القلب له دماغ وجهاز عصبي داخلي خاص به، وهو يعمل بصورة مستقلة عن الدماغ الموجود في الرأس، كما بينوا أن دماغ القلب يتألف من 40000 خلية عصبية، ووجدوا أن ما نسميه العقل موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه.
وقد أثبت فريق أبحاث في جامعة كولومبيا الأمريكية، بعد مضي خمس سنوات من الدراسة والتحقيق، أن القلب كالدماغ له خلايا لتثبيت المعلومات، وقد طبعت هذه النظرية الهامة في مقال بعنوان " دراسة ذاكرة القلب" (Studying Heart Memory ).
ب – أجرى معهد رياضيات القلب ( Heart Math ) العديد من التجارب، أثبت من خلالها أن القلب يبث ترددات كهرومغناطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في عمله، وأنه من الممكن أن يؤثر القلب على عملية الإدراك والفهم لدى الإنسان، كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على الموجات التي يبثها الدماغ، وكلما زاد عدد دقات القلب، زادت الترددات التي يبثها الدماغ.
وعليه، فإن ما نسميه "العقل" موجود في القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه. والله سبحانه وتعالى جعل القلب وسيلة نعقل بها، قال تعالى: ((قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ))، حددت هذه الآية مكان القلب _ في الصدر – كي لا يظن أحد أن القلب موجود في الرأس وهو الدماغ، أو أن هناك قلباً غير القلب الذي ينبض في صدورنا. وسبحان الله العظيم القائل:((فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)).
-
د.فاطمة أحمد عميصلبنانية حاصلة على اجازة جامعية في علم النفس وماجستير ودكتوراه في الدراسات الاسلامية ، قسم التأصيل الاسلامي للدراسات النفسية