شرفة الخداع - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شرفة الخداع

  نشر في 06 يونيو 2016 .

كلّ واحد يرى في الحياة زاوية محدّدة تتساوى درجتها بتساوي فكره و تجاربه الّتي صقلت نظرته          و مقايسه و أثّرت في سلوكه الإجتمـــاعي. انّ الحياة هندسة أخلاقية  و فكرية ، تتوازى فيها الأفكار ،تتقاطع و تتنافر و أحيانا تكتمل في بعد مكاني و زماني آخر يكمن سرّه في معرفة ذاتنا الدّاخلية          و قوّتها في التفاعل مع كلّ شي سواءاً كان منهكاً مملاّ يتكرّر كما يتكرّر الزمان في المكان الواحد، أو كان يسيراً مريحاً لا تعلو فيه أمواج الشجون فتقلب موازين المنطق...كلّ انســــان له هندسته الخاصة يبني نفسه بنفسه حتّى في الفوضى يجد حياته منتظمة ؛هناك أشياء لن يفهمها من رأى النّور من قضبان السجن... الحرية ، العدالة تختلف بين متّهم و مجرم و طليق و محبوس...

خرج نور الدين من السجن كما يقول معظم النّـــــاس للسجين، و لكن ربما هو يقول في نفسه أنّه دخل الى السجن لأنّه لم يعد يفقه قواعد الحياة العادية الّتي تكبّلها قوانين الدولة و العرف  و ثقافة المجتمع، أو ربما دخل الحياة بكلّ بساطة، لا أدري ماذا كان في ذهنه و لم أسأله....و وجدني ذات يوم مع صديقي... و كأنّه كان يعرفه منذ سنين ابتسم ثمّ طقطق رأسه ثمّ نظر إليّ بإمعان بعد أن انصرف صديقي و تكلّم مثل الرهبان... انصتت إليه كما أنصت الى أيّ شخص عادي في حارتي، لم أكن من النوع الّذي يحتقر أفكار النّـــــاس بسبب مستواهم الفكري أو الاجتماعي، كنت أخذ بالنصيحة من أي فرد، و هذا منطقي الخاص لن أغيّره فأنا أعتقد أنّ أي انسان له ميزته الخيّرة و الشريرة مهما كان و في أي عمر و تخرج في الوقت المناسب حين تتغلّب الواحدة على الأخرى....

قال لي:" هل تعلم أنّ والدك أذكى رجل عرفته في حيــــــاتي...!

والدك كان لابدّ ان يكون "أميرال" يقود النّاس في معترك الحياة، لكنّه اكتفى أن يكون فقط رعيّاً على نفسه و على أهله و جيرانه،والدك يحترمني برغم أخطائي و إجرامي و يصرّ أن يأخذ بيدي الى طريق الصواب، ربما أنا من يصرّ أن لا يأخذ بنصائحه،ربما غرور مني رغم شيب شعري... بقيت أستمع لكلامه، ربما لم يتكلّم منذ مدّة مع من يجيد فهم كلامه أو ربما كان يريد أن يجلبني الى عالمه كي أرى بنفسي كيف يشعر المرء و هو مجرم أو على وشك أن يصبح مجرماً...

ثمّ حصل شيء غيّر لي زاويتي الفكرية أو ربما انفتحت 360 درجة. كلّ واحد له رأيه الخاص في ذلك، لقد قصّ عليّ قصة حصلت لوالدي...كان له صديق عزيز عليه و بعد سنين طويلة من الصداقة دخل السجن و كان والدي هو من كشف أمره و شارك في محاكمته و أدخله السجن المؤبّد لأنّه كان مخادعاً عبقرياً في الاحتيال على النّاس... و الأغرب من ذلك كلّه كان يزوره مرّة واحدة في العام...

انّ صديق والدي كان يقرب الى صديقي أيضاً ، لا استطيع أن أجزم أي صلة قرابة تربطهما مع بعض      و لكن حتما جاء لينتقم لنفسه من والدي...و لذلك كان يصرّ على أن لا يظهر أمام والديّ، هما يعرفانه و أنـــــا كنت أجهل ذلك منذ البداية...


لنا أسرار في الحياة. الكلّ يحاول إخفاء ذلك كي يبقي سرّه طيّ الكتمان... هو و أي واحد مثله يعرف كيف يخفي ذلك، نقطة ضعفه هي سرّه و نقطة قوّتي أني أعرف كيف أكتشف حقائق الأشياء و النّاس جميعاً... و لكن إن اكتشف أي واحد ذلك السّر سيكون حتماً نسياً منسياًّ لذلك عزمت على المحاولة مرة واحدة فقط و أخيرة و لن تهمني النهاية...

لكلّ شرفة سرّ دفين، سرّ المتحابين و المخادعين أمثاله أو لنقل أمثالي لأنّ فلسفتي في الحياة هي الخداع إذا كان الأمر يتطلب الضرر من طرف واحد فحتما لن أكون أنا، لأنني تضررت بما فيه الكفاية      و جاء دوره الآن كي يدفع الثمن بروحه...الأرواح الّتي أبهرت النـــــاس، لا أحد يصدّق أنّها تملكها الأشياء و الأفكار كذلك و لهذا فكرت كثيراً .. حتى لا أقلق من النتيجة، و لن يكون بعدها تأنيب للضمير، "الضمائر الحيّة ليس لها ذنب و لا تأنيب"؛ كلّ شيء له مسلمات يراها الفرد و المجتمع من زاويته الفكرية ،  الفردية أو الجماعية الّتي يؤمن بها و لا يؤمن بها، يتقبّلها و يرفضها في آن واحد ينصهر فيها و لا يستطيع أن يخرج منها إلاّ إذا أصبح جمادا و انكسر...

لكي يفهم أي واحد جريمتي لابدّ له أن يفكر مثلي و يقتل مثلي و يخفي سرّه مثلي و بعدها يفضح نفسه في النهاية ...أنا لا أحب الأسرار و أكره من يخفي عنّي سرّا يتعلّق بحياتي و يعلمه كلّ الناس إلاّ أنا، لا أريد أن اكتشف الحقيقة دفعة واحدة حتّى أصل إلى فكرتي و جريمتي لابدّ أن يفهمها الجميع في النهاية أنني لست مجرماً و لكن كان ذلك دفاعا عن النفس ليس إلاّ.... و لهذا سأكشف لكم سرّه كي تفهموا كلّ ما حصل و تحكموا بأنفسكــــم .

تصوّر أنّ هذه الحادثة حصلت لأعزّ الناس لديك، مهما كانت صلة الرحم بينكما، و لكن حاول فقط أن تعيشها بنفسك أن تنزف و تغضب و تحزن و تنفجر مثلها تماماً ثمّ تموت موته غريبة تختفي معها كلّ الآثار الّتي تؤدي إلى الحقيقة ....تصوّر هدا كلّه و ستفهم في نهاية القصة ماذا حصل، و لأقل لك شيئا قبلها، حتى أنت كذلك قد تخضعك المظاهر و الأشياء بكلّ سهولة دون أن تدري...




  • 2

   نشر في 06 يونيو 2016 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا