يحكى أن فتاة صغيرة إسمها جنان كانت تحب الأشجار بخضرتها، والزهور بألوانها، والطيور بتغريدها، فهي تحب الطبيعة بأكملها. فكل يوم تخرج من بيتها الصغير حاملة سلتها الصغيرة متجهة للغابة، وهناك تمضي أحلى الأوقات وأجملها مع بسمة الطفولة الجميلة التي تملؤها، ثم تعود لبيتها وفي سلتها أحلى الباقات الزهرية، لكن مع كل السعادة التي تملأ فؤادها يمر اليوم مملا للغاية، فهي وحيدة ليس لها أنيس ولا ونيس تحادثه، لذلك فهي تمضي الليل باكية متألمة، تدعوا الله أن يجعل لها كالناس أحبابا وأصحابا.
ذات يوم مشمس جميل، حلت في غابة كما الجنة الفيحاء، وكعادتها هبت تقطف الأزهار والورود، وبينما كانت تقطف وتغني، لفتتإنتباهها مجموعة زهرية متألقة منها النرجس والياسمين والريحان، ففرحت جدا وقالت:
(آه آه يال سعادتي أنواعي الزهرية المفضلة هنا جنبا إلى جنب، سوف أقطفها كلها)
وبينما كانت تلمها بفرح وسرور، جذب إنتباهها لنرجسة وريحانة وياسمينة مختلفات، ألوانهن أروع، وأشكالهن أفضل، يشع منهن بريق يخطف الأنظار، فقطفتهن جميعا. ثم بصرت فتاة تجري متبسمة إلى صديقتها لتلهوان وتمرحان أكثر في الغابة، فإنهمرت دموعها وتذكرت وحدتها وبؤسها.
عند الوصول، زرعت جنان الزهرات اللامهات قرب بيتها الصغير، وظلت تناظرهن بإبتسام عميق، ثم بلا أكل ولا شرب نامت الفتاة الصغيرة، لكنها حلمت ليلتها أحلاما مزعجة مأرقة، على إثرها إستفاقت، فسمعت أصوات غناء عجيب غريب، فملأها الخوف قائلة:
(من من بالمكان؟)
ثم تذكرت زهراتها بالخارج، فذهبت تطمأن عليهن، فإذا بها تجدهن متفتحات، وكل زهرة كانت تحمل جنية، بين ذراعيها عصا سحرية. فقالت جنيتا الريحانة والياسمينة في صوت واحد:
(نحن هنا لنحقق أمانيك وأحلامك يا جنان)
فقالت جنية الياسمينة بإفتخار وإجلال:
(أامريني أسافر بك إلى بلاد الأحلام، حيث يحقق المحال، ويصاب المنال)
فردت جنان قائلة:
(إني لا أحب ذلك العالم، فهو مليء بالوحوش والظالمين، وهو أيضا مجرد هواجس، كلما فتحت عيناي تنقضي وتموت)
وما هي إلا ثواني حتى ماتت الجنية وغدت باردة برد الثلوج، وبكل إستهزاء ضحكت عليها جنية الريحانة وقالت:
(أامريني أملأ بيتك ذهبا وفضة ولؤلؤا، فأجعلك من كبار الملوك والأمراء)
فردت عليها جنان بالقول:
(لابد أن مصيرك كمصير أختك، فرغم حاجتي وفقري، لا أحب المال، لأنه ملوث القلوب بالحقد والكره والطغيان)
ثم صار عليها ما صار على أختها. لكن جنية النرجس كانت منذ بدء الكلام تذرف وتذرف دموع عينيها الصغيرتين، فقالت لها جنان:
(ما بك ولماذا البكاء، حدثيني عن معجزتك هيا حدثيني) وقالت الجنية:(لكني أخاف أن يكون مصيري كأختاي، وهو كذلك، فما بيدي سحر إلا تحويل نفسي لفتيات أربعة، يؤنسنك ويفرحنك على طول حياتك الجميلة)
ثم ردت الوحيدة بكل فرح وسرور:
(أ متأكدة؟ فهذا أملي وحلمي، ففي هذه الغابة مهجورة، أعيش وحدي، وحلم الصداقة الرائع يملأني، هيا الأن حققي أمنيتي)
ثم رفرفت الجنية وحركت عصاها السحرية تحريكا، فغدت أربع فتيات توائم، وقد أسمتهن جنان "هدى زهراء إيمان ورجاء"
فعاشوا جميعا بسلام، حب ووئام، بهناء، فرح وحنان، مع صديقتهن جنان.
مريم بوزياني
-
Meriem Bouzianiأهلا بكم في صفحتي المتواضعة هذه أتمنى أن تحبوا ما أكتب وتبدوا لي اراءكم ونصائحكم لكتابة أفضل وأكثر تطورا وشكرا ^^.