مشاعر الكترونية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مشاعر الكترونية

  نشر في 26 غشت 2015 .

التكنولوجيا، هي أكثر الأشياء انتشارًا في هذا العصر، فهذا عصر السرعة والتكنولوجيا التي سيطرت على الكثير من مناحي الحياة. فأصبحت معظم الأعمال تتم عن طريق الحاسوب، وباستخدام معدات إلكترونية متطورة، عمليات البيع والشراء تتم على الإنترنت، حتى التواصل الاجتماعي أصبح إلكترونيًّا.

عندما بدأنا باستخدام التكنولوجيا لم نضع لها حدودًا، فهذا أدى إلى وجود الكثير من المشكلات عندنا جرَّاء الاستخدام الخاطئ، فأصبحنا وكأننا نُدار بطريقة إلكترونية وليس العكس، أي أن التكنولوجيا هي من تتحكم فينا، فمشاعرنا على صفحات التواصل الاجتماعي هي إلكترونية، وكأننا أصبحنا افتراضيين، فرق كبير بين واقعنا وبين ما نعيشه على صفحات التواصل الاجتماعي لو نظرنا وتتبعنا هذه المواقع جيدًا، سنرى أن عددًا كبيرًا أصبحوا شعراءً وكُتابًا ومثقفين، وفي حقيقة الأمر أنهم ليسوا كذلك على أرض الواقع، فالفرق كبير بين العالمين، بين الشخصيتين.

إنَّ أكثر آفة تفتك بالمجتمع في هذا العصر هي التكنولوجيا، وعلى رأسها الإنترنت الذي يمتد بشكل كبير جدًّا وسريع، وأخطر ما في الإنترنت هو مواقع التواصل الاجتماعي التي سأتحدث عنها.

لم تأتِ هذه المواقع عبثًا أو من فراغ أو صدفة، بل جاءت بطريقة مدروسة تمامًا، هذه المواقع جعلتنا نبتعد عن حياتنا الواقعية بشكل كبير، لتخلق لنا حياة أخرى هي قائمة على الوهم وخصوصًا في الوطن العربي. فهذا الوطن يعاني من الكثير، من فقر وبطالة وأسر للحريات، فهذه المواقع غزت العالم العربي بطريقة عجيبة، وجعلت هذا الشعب يجد له أُفقًا للتعبير عن رأيه اللامسموع، للتعبير عن غضبه. بعد بداية الثورة المصرية أصبح انتشار هذه المواقع أكبر بكثير بين الشعب العربي، وأصبح الخطر أكبر بكثير على الشباب العربي.

مواقع التواصل الاجتماعي أوصلتنا لمرحلة أن حزننا إلكتروني، وفرحنا إلكتروني، وغضبنا إلكتروني، وكل مشاعرنا إلكترونية، حتى الحب أصبح يبدأ في هذه المواقع، برسالة تحمل في جعبتها وردة، لتبدأ قصة حب غريبة المعالم والأطوار لا تشبه قصة عنترة وعبلة، وحتى الزيارات العائلية أصبحت قليلة جدًّا في هذا الوقت، بعد سبعة أعوام نستطيع أن نقول كما قالت الكثير من الأبحاث الغربية، إن هذه المواقع تصيب الإنسان بمرض، ويصبح هذا الإنسان بحاجة لعلاج مما هو فيه، نستطيع أن نقول إن هذه المواقع هي آفة هذا العصر.

إنَّ الوقت الكبير الذي نُهدره في هذه المواقع لو أننا قمنا باستغلاله، لأصبحنا من الدول المُنتجة والمُصدرة، ولكنا أضعنا وقتًا كبيرًا خلف شاشات الحاسوب، أو الهواتف النقالة، لنتواصل مع أشخاص لا يكادون يحفظون أسماءنا، ولا يهتمون إن كنا موجودين أم لا، فالصداقات هي افتراضية، تنتهي بثانية أو أقل. نحن نلحق ما نضيع به وقتنا، ونترك الكثير من الأشياء التي يمكن أن نستفيد منها في وقت فراغنا، فلو أهدرنا هذا الوقت بالقراءة، لأصبحنا من الأمم المثقفة المتعلمة الواعية، ولاختلف حالنا، وتقدمنا إلى أفضل ما يمكن أن نصل إليه، ولكنا أسقطنا الكتاب وذهبنا خلف اللهو والذي لا يُسمن ولا يُغني.

عندما ندخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، نرى أنَّ الخلافات موجودة بشكل كبير، وأنَّ التعبير عن الرأي هو جريمة وليس حقًّا، نرى أنّ البعض يؤيد شيئًا والبعض الآخر يعارض شيئًا، والكل يقول إنه هو على صواب، فالخلافات تزداد هنا، ونرى أنّه إذا وقع أمر واقع، فغضبنا يملأ الصفحات وعلى الأرض الواقع لا يتغير شيء.

من خلال ما أقوم بقراءته في على صفحات “الفيس بوك” من منشورات أو تعليقات، أرى الكثير من الهمة والعزيمة والروح، ولكن أراها فقط على الصفحات الإلكترونية، فعندما نقرأ ردود الأفعال أو الأقوال إن صح التعبير، نعتقد أن فلسطين سيتم تحريرها في بضع ساعات، وأننا سنرى جميع الوطن العربي يقف على حدود فلسطين، أو أننا سنرى أن جميع الحروب القائمة ستتوقف بلحظة قريبة، أو أننا سنفتح القسطنطينية بعد عدة أيام، هذه المشاعر هي لحظية ومؤقتة وسرعان ما تزول وتتلاشى، ويبقى الواقع على ما هو عليه.

في النهاية، إن مواقع التواصل الاجتماعي لن تدوم إلى أبد الآبدين، ولن يأتي النصر والتقدم والتغيير والثقافة والعلم عن طريق هذه المواقع، وهذه الأقنعة الموجودة بشكل كبير في هذه المواقع لا تبقى، ولا تستمر، فالواقع هو الحقيقة التي نحاول جاهدين تجاهلها أو الهروب منها، وعلينا أن نتفكر إلى ماذا سنصل بمشاعرنا الإلكترونية، وماذا سيكون حالنا إذا ما توقفت هذه المواقع في يوم ما، فالأجدر بنا أن نعود إلى أنفسنا إلى حقيقتنا.



  • 18

   نشر في 26 غشت 2015 .

التعليقات

كل شيءٍ اذا زاد عن حده انقلب ضده ونحن زدنا عن حدنا فبدلا من ان يكون النت شيءنافع لنا أصبح شيء نخسر كثير من وقتنا واعصابنا وخاصة فئة الشاب اصبح النت الشغل الشاغل لهم وبدا الشباب يضيع كثير من الوقت فبدلا من ان يفعل شيئا نافعا مثلا مراجعة دروسه والتفوق للاسف يقضي وقته في تصفح النت وياليت انه يقضيه في شيءٍ نافع بل اكثر مايتصفحه هي الاشياء التافعة بل معبة /احسنتم استاذ محمود
2
محمد حميدة
صدقت اخي جاسم
Dallash منذ 5 سنة
احسنت استاذ محمود دام مدادك
3
Dallash
عودا حميدا استاذنا الفاضل.... تحياتي
اخي الكاتب حييتم لمقالكم الرائع أوافقكم الرأي بماطرحتم من مشاكل واقعية وعلينا جميعا ان نبحث عن الحلول الناجحة او على الاقل تقنين هذه المواقع وجعلها تصب في تقويم المجتمع واصلاحه ، فالنت اصبح لايمكنُ الاستغناء عنه
5
بسم الله الرحمن الرحيم : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا (84) الاسراء
5

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا