الاجرام في المستشفيات الجزائرية الإشكالية و الحلول - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الاجرام في المستشفيات الجزائرية الإشكالية و الحلول

سميرة بيطام

  نشر في 29 ماي 2021 .

لعل الناظر و المتفحص لعنوان المقال سيتبادر الى ذهنه شيئان اثنان :

أولهما ، هل يُعقل أن تنسب الجريمة و مسرحها في باحة المستشفيات و أروقة المصالح الاستشفائية ، و ثانيهما ،هل هناك اجرام في زمن الكورونا كوفيد 19 و مستخدمي الصحة تقريبا مهتمون بمحاربة الفايروس و احاطة المرضى بالعناية اللازمة ؟.

ان ما سنتعرض له في مقالنا هذا ليس بالضرورة وصف الجريمة كفعل يعاقب عليه القانون و انما وصف الأخطاء التي تُرتكب في المستشفيات و تُحسب من مرتكبيها ضمن السلوكات أو التصرفات العادية و الجائزة عرفيا ومرخص بها قانونا ، لكن لو تمعنا في بعض هذه السلوكات نجدها لا ترقى لمستوى الأخلاق المتعارف عليها و لا لأصول أخلاقيات المهنة سواء الإدارية ( التي ليس بها مشروع قانون للأسف )أو أخلاقيات مهنة الطب أو أخلاق مهنة الشبه طبي ( التي لا يوجد دليل معتمد خاص بها )، ما يعني أن قواعد ضبط السلوك غير موجودة بأبسط النصوص التي لا ترقى لاعتمادها على اعلى مستوى ( المشرع )،و بالتالي فالمقصود بالإجرام في المستشفيات هي تلك السلوكات و ردود الأفعال الصادرة سواء من مدراء المستشفيات أو من مستخدمي الصحة كونهم يمارسون مهامهم داخل المستشفى ،و الملاحظ أن مراقبة السلوك لا تتم ضمن احترام الآخر في حقه في ممارسة مهامه وفق ما سطره القانون سواء النظام الداخلي للمؤسسة الاستشفائية أو قانون العمل أو القانون الخاص بالنقابات الذي يحتوي على فصول لحماية العامل من أي انتهاك أو تعسف .

لكن الواقع في المستشفيات شيء آخر ،و هذا ليس من باب الخروج عن التحفظ المعمول به في اطار القيام بالمهام و لكن من منطلق عدم انتهاك الحقوق و التفاعل بإيجابية بعيدا عن السلبية التي من شأنها خلق جو من المشاحنات و الخلافات لدرجة القطيعة ، و ان كانت إدارة أي مستشفى غائبة او مغيبة في إيلاء الحق لأهله نصبح أمام قرارات انفرادية تعزز انتشار التعسف في استعمال الحق و تدعمه و لا تعطي فرصة للقانون ليأخذ مجراه الحقيقي في عملية الفصل في المنازعات و لو أن مستشفيات الجزائر اليوم مدعمة بمكاتب للفصل في مثل هكذا قضايا و معتمد لديها محامي ممثل للمؤسسة الاستشفائية .

و على سبيل المثال يمكن ذكر بعض الأخطاء المتعمدة التي ترقى لمستوى الجريمة لما تخلفه من آثار مضرة على المتضرر ،منها مثلا عزل الموظف عن مهامه عزلا تعسفيا دون احترام الإجراءات الإدارية و كذلك تكييف بعض الأفعال الطبية و الجراحية على أنها أخطاء غير مقصودة و هي في الوقاع لو توفر فيها شرط الرعونة لمكن تفاديها و لا يمكن معرفة ذلك الا من خلال إعادة تتبع الخطأ و أطرافه و الظروف التي تمت فيه ،و هذا ما أشرت اليه في مقالات سابقة أن يكون تكييف العمل الطبي أو الشبه الطبي الذي ألحق بالمريض ألما و ضررا أو فقدان لأحد أعضاء الجسم مثلا اثناء عملية الولادة ،ما يترتب على ذلك ضياع للحقوق ،خاصة بالنظر الى تستر بعض الأطقم الطبية و الشبه طبية و حتى الإدارية عن التصريح عنها ، و هذا ما يؤجج من حدة الغضب و تباين فرص العلاج و تفادي القدوم للمؤسسات الاستشفائية العمومية كونها لا تحظى بالمحيط المهني الجيد .

و يبقى تكييف الخطأ أو الفعل الى جريمة مسألة قانون و ليس مسألة أشخاص و أفعال بالدرجة الأولى ،و لكن هناك إشكالية تطرح نفسها بقوة و هي : غياب النصوص القانونية التي تضع تعريفات للأخطاء الصحية (التي تقع في المستشفيات) ، فمستشفياتنا وحتى مستشفيات الدول العربية لا يوجد به البنية الأساسية لقوانين اعتماد المنشأة الصحية من حيث ضبط بعض الأمور المتعارف عليها و عدم مخالفتها مثل تشكيل اللجان التأديبية التي من المفروض لا يخلو نشاطها من قانون موحد بين جميع المستشفيات عبر كامل التراب الوطني و هذا ما لوحظ فقط فيما يسمى المجلس الطبي و هذا غير كاف كنموذج موسع لأخلقة المهنة الصحية بكافة فروعها .

فالإشكالية هي إشكالية خطا يرقى الى مستوى جريمة و الإشكالية أيضا هي إشكالية عدم احترام القانون و التفرد بالقرارات الانفرادية المضرة بالضحية و تباطؤ العدالة في الفصل في قضايا النزاعات، هذا هو الاشكال ،بالإضافة الى جهل المسؤولين بالقوانين و معرفة الإجراءات الصحيحة في التعامل معها، و هو ما يخلق نوع من الاضطراب في المهام و اللاتوازن في الاهتمام و يندرج تحت طائلة الاهتمام ذوي النفوذ المجتمعي كمهني الصحة برتبة بروفيسور أو طبيب أخصائي مثلا و يحرم الغير من ذلك ، و الكل يعرف أن الكل سواسية أمام القانون ، لتبقى ذهنية استغلال السلطة بحسب الأهواء و مسببات الازعاج ، فلا يمكن تصور شخص مهني صارم مستقيم يتعرض لضغوطات في العمل دون اني تم انصافه ، و نحتاج لتوضيح الحلول الى اقتراح جملة من الآليات التي من شأنها أن تواكب مقترح الإشكالية في حلها و منها :

1-مراجعة القوانين الأساسية وإضفاء صبغة التحديث لمواد الردع في منازعات العمل.

2-تكييف درجة الخطأ في المهام الصحية بمختلف أنواعها من حيث درجة الخطأ وارتقائه للفعل المجرم قانونا.

3-محاولة تدريب مستخدمي الصحة بتكوين قصير المدى لشرح الأخطاء المهنية و توعيتهم على تفاديها .

4-وضع مصنفات الأعمال ضمن ما يسمى المخالفات و الأخطاء و الجنح و إيلاء الأهمية لمجموعة الأخطاء الروتينية لإحاطتها بالحلول الشفافة و العميقة في التغيير السلوكي .

5-مراجعة دور و مهام النقابات ضمن ما يسمى الترتيب الأولي للحق في حل النزاع على النحو الذي يسمح بتداول الخبرة المهنية بشكل يوحي أكثر أن الخطأ المرتكب لا يرقى لمستوى الجريمة .

6-ضرورة فهم مستخدمي الصحة أنه ليس كل خطأ هو جريمة ،لأن معرفة النتائج يتوقف على مدى معرفة النتائج المترتبة عن الأخطاء سواء على الضحية أو على حقوقه المؤهلة للمراجعة و لا تسقط بالتقادم .

في الأخير نتمنى تحسين ظروف العمل بما يتواكب مع متطلبات الزمن و طموح الموظف في المستشفى على النحو الذي يرقى الى تحقيق فكرة المساواة في الحقوق و آداء الواجبات .



   نشر في 29 ماي 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا