يتّخذ أعضاء الحكومة وإطارات مختلف الصناديق الوطنية أسلوب التهديد للتغطية على العجز الذي تعاني منه قطاعاتهم المعنية ببعض الخدمات كصرف الرّواتب والأجور وغيرها من المستحقّات، ومنها على سبيل المثال: الصندوق الوطني للتقاعد، مستغلّين في ذلك جهل أصحاب الحقوق بأمور التسيير.
التسيير له شروطه ومبادئه ومن بين هاته الشروط المطلوبة للمصادقة على أيّ ميزانية: مبدأ التوازن. فمن أين يأتي هذا العجز الذي كلّما ارتفعت اصوات تطالب بحقّها، خرج عليهم إطار من الإطارات يضخّم الأرقام ويكلّمهم بنوع من السفسطة وبلغة لا يفهمها العوام.
إن من بين أهم أسباب العجز الذي يزعم هؤلاء الإطارات بأنه ناجم عن تسديد المستحقّات والرّواتب، هو ”البريستيج“ سياسة البذخ والإسراف الذي ينتهجونَه.
صناديق عموميّة لا تخضع للرّقابة ولا للمحاسبة؛ إطاراتها ينفقون ما يجمعونه من الاقتطاعات المفروضة على مرتبات وأجور الغير في اقتناء أنواع السيارات الفخمة وما يتبعها من مصاريف أخرى ناجمة عن التنقّلات العشوائية هنا وهناك، ووضعها في خدمة غير المعنيين بها مثل الأبناء والزوجات.. وتجهيز المكاتب بالمكيّفات والآليات والأمتعة والأُثث.. ناهيك عن مصاريف الاجتماعات الفارغة، والأيام الدراسية التي لا طائل من ورائها سوى المصاريف الزّائدة النّاجمة عن ضروريات التكفّل بإطعام وإيواء عشرات الأطر والأعوان في أفخم المطاعم و الفنادق... وكل ذلك على حساب المداخيل التي تقطع من أجور الغلبة من العمال والأجراء المساكين.
لا نعلم متى ستخضع هذه الصناديق وإطاراتها للرّقابة المفروضة؟
إن بلدا مثل الجزائر يعتمد على سياسة الرّيع، لا وجود فيه لهيئات تراقب وتتابع وتحاسب، هو بلد فاشل بكل المقاييس لا يختلف كثيرا عن تلك البلدان التي يطلق عليها اسم ”جمهوريات الموز“. والغريب أنه بدلا من أن تعتمد الحكومات المتعاقبة سياسات صارمة ضد هذه الهيئات والصناديق المسرفة، فإنّها تمارس سياسة ”النعامة“. لأن الجميع متواطئون متورّطون إلى النّخاع؛ وزراء وأعوان وإطارات... فمن يحاسب من يا ترى؟
على جميع السلطات؛ بما في ذلك التنفيذية والتشريعية وصولا إلى السلطة الرّابعة، المطالبة بتفعيل الهيئات الرّقابية، مثل مجلس المحاسبة وغيره، ودعم القضاء بكل الوسائل والصلاحيات اللازمة للقيام بمهامه على الوجه المنوط به.
وكفانا من هذا الاسراف وهذا العبث وهذه المسخرة ومن التصريحات اللاّمسئولية التي لم تعد تنطلي حتى على الأطفال الصغار. أيّها المسرفون إنّكم ستسألون عن هذا ”البرستيج“ الذي تستأثرون به لأنفسكم وتحرّمونه على غيركم.
رشيد مصباح (فوزي)
mosbahf933@gmail.com
الجزائر