عندما كنت صغيرة استهوتني مجلة خليجية للأطفال تابعت أعدادها بشغف شديد لتميزها بالقصص المسلية القصيرة والهادفة
والمعلومات المناسبة للأطفال والوصفات الشهية *للأطباق* سهلة التحضير
إلا انها لم تكن متوفرة إلا ثلاثة أيام في الأسبوع فإن تأخرت بالشراء فاتني العدد الأسبوعي وحزنت عليه
فطلبت من البائع أن يحتفظ كل أسبوع بعدد لي لا يبيعه لأحد إن تأخرت بالشراء فوافق ووعدني بذلك وقد وثقت بوعده لي رغم صغر سني
ثم أني مرضت مرضا شديدا منعني من الخروج من المنزل فطلبت من أخي الكبير أن يذهب لشراء العدد فقال له البائع لايوجد عندي نسخة لقد نفذت النسخ ...
وما إن شفيت حتى أسرعت بالذهاب لشراء نسختي ولأطمنّ على التزام البائع بوعده لي
فأعطاني النسخة بعد أن أخرجها من مخبئها حتى لايراها أحد
و اعتلت ابتسامتي العريضة ملامح وجهي الصغير
وامتلأ قلبي بالسعادة والرضا وكانت فرحتي بوفاء ذلك الرجل الفاضل بالوعد أكبر من فرحتي بعدد المجلة وازدادت ثقتي به لأنه التزم بوعده لي
وتعلمت منه خلقا عظيما فاضلا لازمني طول حياتي فما زلت لا أخلف وعدا أعد به طفلا أو ابنا من أبنائي وعلمتهم الأمانة وضرورة الوفاء بالعهد
لقد تلقيت تربية عملية لمستها بنفسي وأحسست بها فرسخت في أعماقي
كالبذرة التي يتعهدها الزارع بالرعاية والسقاية والاهتمام حتى تنمو ثابتة الجذور في الأرض باسقة الفروع في السماء