حكم الطلاق وحالاته
للشيخ إبراهيم بن محمد الضبيعي رحمه الله
الأصل في النكاح استمرار الحياة الزوجية ، وتكوين الأسرة التي نواتها الزوج والزوجة ، والطلاق فيه هدم لذلك الكيان ، وتشتيت لأفراد الأسرة وفيه ضياع وتشرد للأبناء ، وحرمان من الرعاية والتربية فيسبب العداوة والبغضاء بين الاسر والأقارب ، وفيه خسارة ماديه ، واضرار نفسيه ، وتشويه لسمعة الطرفين بين الناس ، وله دلالات على أنماط التفكير ومدى قوة الإرادة .
لهذا وغيره اصبح الطلاق هو أبغض الحلال عند الله ، وقد اختلف العلماء في حكم الطلاق ، فقال جماعه منهم الأصل في الطلاق التحريم ولا يباح الا لضرورة ، وهذا الحكم ثابت في الكتاب والسنه ، فمن الكتاب قوله تعالى (فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) 34 النساء ، فالطلاق دون حاجة او ضرورة يكون بغيا وظلما وعدوانا ، ومن السنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ان ابغض الحلال عند الله الطلاق ) رواه أبو داود وابن ماجه ، وقوله ( ايما امرأة سالت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحه الجنة )رواه الخمسة الا النسائي .
وقال الجمهور ان مشروعية الطلاق ثابتة في الكتاب والسنه والاجماع فمن الكتاب قوله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان )229 البقرة ، ومن السنه ان النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة ثم راجعها ، وأما الاجماع فهو منعقد على مشروعيته من عهد الصحابة رضي الله عنهم ومرورا بالسلف الصالح ، والى يومنا هذا وهو يمارس من غير نكير ، وعند فقهاء المسلمين ان الطلاق تجري عليه احكام التكليف السته وهي : الاباحة ، الكراهية ، الاستحباب ، التحريم ، الوجوب ، الندب . وتفصيلها كما يلي :
1- الإباحة : يباح الطلاق عند الحاجة اليه، إما لسوء خلق المرأة ، أو لسوء عشرتها ، أو الكراهية لها .
2- الكراهية : يكره الطلاق اذا كان لغير حاجة اليه ، وقيل يحرم لكونه ضرر بنفسة وزجته وانعدام المصلحة الحاصلة لهما من غير حاجه اليه ، فكان حراما كإتلاف المال ، ولقول النبي صلى لله علية وسلم : ( لأضرر ولا إضرار )
3- الاستحباب : ويستحب الطلاق عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليه مثل الصلاة ونحوها ، وعند لا يمكن اجبارها على تأدية حقوق الله تعالى .
4- التحريم :
أ - طلاق الحائض والنفساء .
ب - ايقاعه بالثلاث في لفظ واحد او متفرقه لم يتخللهن نكاح ولأرجعه .
ج - وطلاقها في طهر جامعها فيه .
5- الوجوب : يجب الطلاق في الحلات التالية :
أ - اذا قرر الحكمان تفريقهما .
ب - من آل على زوجته ومضت مدة التربص ولم يفي .
ج - اذا كانت الزوجة غير عفيفة ، فقال الامام احمد لا ينبغي له امساكها ، وذلك لأن فيه نقص لدينه ، ولا يأمن إفسادها لفراشه او إلحاقها به ولدا ليس هو منه ، ولا بأس بعضلها في هذه الحالة و التضييق عليها لتقتدي منه ، قال الله تعالى ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن الا ان يأتين بفاحشة مبينة ) 19 النساء .
6- الندب : ويكون الطلاق مندوبا في حال الشقاق بينهما ، او في الحالة التي تحوج المرأة الى المخالعة .