عندما نناقش أحدًا في موضوع نرى أن رأينا فيه سديد و صحيح تمامًا بينما نقيضه خاطئ بشكل عظيم، يخالج أنفسنا رغبة جامحة في اقتناعه ونرى بأنه أمر لازم ...
ومما لا ندركه أن بعض المفاهيم لدى الأشخاص عاشت في أذهانهم لفتره طويلة ربما سنوات عديدة وهم لا يزالون سابحين في فلك معتقداتهم، ومن ثم نريد خلال ساعة منهم استبدالها !!
مثلًا أحد الأشخاص اختلف معي في مسألة اجتماعية:
هو يدعم أحد التوافه من المشاهير الذي يعرض للناس كثير من جوانب حياته التافهه، ماذا أكل، متى استيقظ من نومه، وربما يكون سيء الخلق حتى -بينما المفيد لا نكاد نجده لديه- ...
من نصف ساعة الى ثلاث ساعات يوميٌا يضيعها في مشاهدته بحجة تقطيع الوقت و أنه يحب الإطلاع على حياة هذا المشهور، فأقول له:
من تحرص على أن تشاهده بشكل مستمر تفكيره قد ينعكس على تفكيرك ولو كنت ضده قد تتماشى معه تلقائيًا في أفكاره، فيجب عليك إنتقاء من تشاهد، هذا غير أنك تضيع وقتك بسببه، (واذكر الأدلة من السنة مثلًا في استغلال الوقت في ما ينفع لأقنعه بشكل أكبر ) .
هنا
1- ممكن انه يرفض تمامًا رأيي بطرح الحجج الواهية أو ينظر للموضوع من زاوية مزيفة اختلقها .
2- يرى بأن رأيي احتمال كبير لكن يبقى رأيه هو الحقيقه الدامغة .
3- يقتنع برأيي .
وغالبًا كثير من الناس ردة فعلهم إما رقم واحد أو اثنين .
هنا المرء يجب عليه أن يتفهم بأنه فعل الذي عليه ويرضى بما حصل، فكلامه بمثابة البذرة التي يعطيها لهذا الشخص و من ثم يأتيه أحدهم ويقول له نفس الرأي الذي أعطيته إياه بأدلة مختلفة أو قد تكون ذاتها وهكذا إلى أن تسقى هاته البذرة فيتيح للرأي مساحة في عقله -خصوصا بعض الناس لا يقتنع ساعتها وعادة ما يفكر بينه وبين نفسه لوقت أكبر- وربما كذلك تسقى من أشخاص أكثر، ومع مرور الأيام تصبح البذرة أخيرًا وردة متفتحة جميلة .
وعلى الصعيد الشخصي وبصراحة، بعد مرور سنوات من خوض النقاشات الطويلة دينية أو اجتماعية أو أيًا ما كانت، بعد تفهمي لهذه الفكرة انهالت علي ثمرات عديدة، بعض هذه الثمرات الصدر الرحب وراحة البال وحتى أن نظرتي لذاتي أصبحت أفضل ولاحظت كذلك بأن علاقاتي الإجتماعية قد توسعت .
وأخيرًا عزيزي القارئ النتيجة بين يديك أنت،هل ستقدم بذرة لمناقشك أم تحصدان شوكًا؟
وختامًا، هذه موعظة بليغة خلال خوضي لغمار الحياة فهمتها فاختصرتها، بعد شغل بال وضيق صدر يلازمانني بعد النقاشات بسبب قصر بصيرتي، سائلةً المولى عز وجل أن يهئ لي ولكم من أمرنا رشدًا وأن ينفعني وينفعكم .
-
لمىلا يهم الكم بقدر ما يهم الكيف، فلا تتفاخر بكثرة سيلان حبر قلمك فهو ربما هدر، وربما حتى شاهد عليك، فاهتم (بماذا) تكتب لا (كم) تكتب.