مَن أحقُّ الناس بإعجابك أيها الزوج ؟! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مَن أحقُّ الناس بإعجابك أيها الزوج ؟!

  نشر في 17 يونيو 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


ربما تجد له في كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي حسابا، أو في أكثرها له حساب، أو له في أحدها حساب واحد على الأقل،.. وتجده يوزّع الكثير من الإعجابات ( لايك) ! على رواد هذه المواقع، ويُعلِّق بألفاظ الشكر والثناء على منشورات لأصدقائه ومتابعيه، ومَن يتابعهم، ومَن لا يتابعهم أيضا، ممَّن يتواصل معهم في فضاءات التواصل العالمي المفتوح من تويتر وفيسبوك وانستجرام وغيرها.. وقد يَعرف بعضَهم وقد لا يعرف الكثير مِن أصحاب تلك المُعَرِّفات ...

وليس في هذا عَتَبٌ، ولا منه عَجَبٌ..

وإنما العجب كل العجب أن يكون هو في قارّة ويعطي إعجابا لشخص آخر في قارة أخرى، لم يره، ولا التقى به يوما، وزوجته إلى جنبه في البيت لا تكاد تفرغ مِن شغله: تغسل وتكوي ثيابَه ... تطبخ طعامَه ... تُرتِّب أغراضَه ... تُهيّئُ بيته ... تمرّضُه إذا مرِض ... تفرح بفرحه ... تحزن بحزنه ... تهتمُّ وتغتمُّ لِهمِّه وغمِّه ... تعتني بأولاده ... تُقرِّب له كل شيء يطلبه ... وتُدْني له ما يريده قبل أن يطلبَه .. قد رَبطتْ حياتَها بحياته، ولا تكاد تجد وقتا لنفسها ...ولا يكاد هو يستغني عنها ... وبدون خدمتها له يلحقه حرج شديد ... وهي لا ترجو من ذلك شيئا إلا نيلَ رضاه، ولا تروم سوى بلوغِ راحتِه، ولا ترْنُو إلا ملاءَمَتَه، تبتغي بذلك رضا ربها؛ والزلفى عنده في الجنة، ولربما وهي تناوله يوما قميصا أو قلما أو كتابا أو تقرِّب له كرسيا أو طسْتا أو طعاما أو شرابا باردا أو ساخنا ..أو ... أو ...أو... وما أكثر ما تناوله في اليوم الواحد ... تشوّفَتْ نفسُها لسماع كلمة تودُّدٍ وشكرٍ منه، وتطلَّع قلبُها إلى همسة حانية مِن ثناء، ولا حتى تلك النظرة التي تُشعِر بالسرور _ أنْ جزاكِ الله خيرا _ ولو لم ينطق بها فإنها ألمُعية تفهمها من ملامحه، وأحْوَذِيَّةٌ تقرأ رضاه من عينيه... لكنه ضَنَّ بها، أو غفل عنها، أو كثف طبعُه عن اعتيادها والسماح بها، أو نضب مَعينُه منها،....

وكلمة الشكر الواحدة لا كُلفةَ فيها ولا مشقة لربما أسعدتها لياليَ، وظلتْ تردِّدُها في نفسها أياما... ومع ذلك يبخل عليها بإبداء الإعجاب !! ويثقل عليه أن يقول لها: جزاكِ الله خيرا .... رعاكِ الله .. بارك الله فيكِ ... أحسنتِ ... سلمتْ يداكِ ... رفع الله قدركِ ...أحسن الله إليكِ ... رحم الله مَنْ ربّاك ..وغيرها... كُلَيماتٌ مجانية لا تكلفه شيئا ... دعواتٌ مباركة طيبة تجلب المودة وتروي مَواردَها، وتزيدُ المحبةَ وتُنعشُ وَشائِجَها، وتؤكّد الألفة وتوَطِّدُ آصِرتَها،

لكن كثيرا من الأزواج يغفل عن هذا ويلتفت إلى الأبعدين ويُحرَم مِن خيرِه أقرب الناس منه وأحوجهم إليه، قد تعتذر بأنك لم تتعود على شكر زوجتك والثناء عليها، والدعاء لها، .. ابدأ من اليوم، ليس في الأمر مشقة، إن هي إلا كلمات رقيقة رقراقة، دعوات طيبات، تدخل بها السرور على قلب زوجتك، وتؤدي قليلا من شكرها، ابدأ وستجد لها من الأثر البالغ على قلب زوجتك مما لا يقادَرُ قدْرُه، ستعطيها طاقة كبيرة، وسترى زيادة منها في الخدمة ونشاطا وحسْنَ تبعّل لم تكن تراه من قبل، جرِّب تَرَ تصديقَ قولي.. و(إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحرَّ الخيرَ يُعْطَهُ، ومن يتَوَقَّ الشرَّ يُوقَهُ) صحيح. 

قال صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: 

(استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوانٍ عندكم) عوانٍ: جمعٌ؛ مفرده: عانية وهي الأسيرة، فالزوجة كالأسيرة عند زوجها.

قال صلى الله عليه وسلم وهو في سياقة الموت: (( الصلاةَ، الصلاةَ .. وما ملكت أيمانكم ). وفي الباب آثار كثيرة لا تخفى.

قال الشوكاني رحمه الله :

( فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقًا، وأشجعهم نفسًا، وأقلهم خيرًا، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانتْ عريكتُه، وانبسطتْ أخلاقه، وجادتْ نفسه، وكثُر خيرُه،

ولاشك أن مَن كان كذلك فهو محرومُ التوفيق، زائغٌ عن سواء الطريق، نسأل الله السلامة) /نيل لأوطار.

وقد سمعتُ شيخنا الفقيه الأستاذ الدكتور سليمان الرحيلي حفظه الله ورعاه يقول في أكثر من مناسبة: إن بين الأخلاق الحسنة الحقيقية وبين التصنُّع عَتَبة باب البيت !!، ومما قال حفظه الله في إحدى هذه المناسبات: (( ... ولكنْ مِنْ أسفٍ أنّ كثيرين منا اليوم أصبحوا إذا خرجوا إلى الشارع، إذا قابلوا الناس، إذا قابلوا الأصدقاء قد يتخلّقون بالأخلاق الطيبة مع الناس؛ يضحكون ويبتسمون ويدْعُون، لكن ما أن يعود الواحد منهم إلى بيته حتى ينقلب أسدا هصورا يصرخ هنا، ويضرب هنا، ويشتم هنا، ويلعن هنا .. حتى يصبح أهل البيت يتمنون خروجه من البيت...)). انتهى كلامه حفظه الله ورعاه.

هذا واعلم أخيَّ وفقك الله لمرضاته أن مَحَكَّ الخيرية، واختبارَها الذي به يُكشَف النقدُ النفيسُ مِن البَهرجِ المُمَوَّه؛ هو قولُ مَن لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه: (( خياركم خياركم لنسائهم)) وقوله صلى الله عليه وسلم: (( خيركم خيركم لأهله ))

فزِنْ نفسَك بهذا النص النبوي، والْحظْ فيه مَعْلَمَ الخيرية، لتَعْلَم قُربَك مِن بُعدِك، فلا يكون بعد ذلك _ إن شاء الله تعالى _ثناؤك وإعجابك يجوب العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، عابرا للقارات، مُخترِقا لجميع الحُجب؛ وتعجَز حروفُه أن تصل إلى قلبِ مَن يجمعُك بها سقف واحد ! .

والله وحده الموفق لا إله غيره ولا رب سواه.

/ ليلة الثامن من شهر الله الحرام ذي القَعدة عام 1440.



   نشر في 17 يونيو 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا