الرمزية النصية في قصيدة ( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الرمزية النصية في قصيدة ( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار)

  نشر في 19 أبريل 2016 .


 

( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار) قصيدة نثر سردية ، للشاعر العراقي رياض الغريب كتبت باسلوب البناء الجملي المتواصل مع أخذ الكتابة الافقية مساحة واسعة في النص وهو اسلوب تفرضه الحاجة الكتابية و التعبيرية ، و لرياض الغريب شعر سردي تعرضنا له في مناسبات سابقة .

انّ معيار قصيدة النثر الأهم هو النثروشعرية ، و التي من اركانها البناء الجملي المتواصل من دون سكتات او ايقاعات و لقد حافظت القصيدة عليه في كثير من حجمها فوق المتوسط نيسبا . و مفهوم القصيدة متقوم - بعد العناصر الشعرية - بالوحدة التي لها اشكال متعددة منها الوحدة الموضوعية النصية و هي الحاصلة هنا ، و هناك الوحدة الفسيفسائية و الوحدة الرمزية التجريدية تطرقنا لكل منهما في مناسبات مختلفة .

انّ الوعي المكتسب في قبال عناصر الوعي العميقة ، يحققه تأريخ المفردة ، و من ذلك الوعي المكتسب تتحقق الرمزية . هذا الشكل العام لتشكل الوعي العام و التأريخ العام للمفاهيم و المفردات و الرمزية التي تنتج عن ذلك يمكن ان نصفها بالرمزية العامة في قبال الرمزية الخاصة و التي تكون بقعل تأريخ خاص و وعي خاص ، و من هذا النظام الخاص هو الوعي النصي و التأريخ النصي و ما ينتج عنهما من رمزية نصيّة . انّ تأكيد الكاتب على وعي نصي معين و على تأريخ نصي معين لمفردة ما و على رمزية نصية معينة يحقق الظاهرة التي ترتبط به و تعرف به ، وهذا واضح جدا .

بينما يحصل في النص توظيف دلالي و ايحائي للرمز العام الخارجي فانّ الرمز النصي يكون مصنوعا بفعل النص و محورا معاشا و شخصية تفاعلية وهذا هو الفرق بين الرمزية العامة الموظفة و الرمزية النصية النابعة من النص . هنا في قصيدة ( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار) حصل توظيف للرمز العام و حصل خلق للرمز النصي وهو من الاضافات و الابداعية و المعرفية .

التوظيف للرموز العامة ، الخارجية ذات التأريخ العام و المترسخة في الوعي المكتسب العام حاضر في القصيدة منها ( انانا ، المعبد ، اللالهة ، انخيدوانا ، بابل ، حنطة ، بوابة عشتار ، كلكامش ) و غيرها . و الامكانات و القدرات التي توفرها التوظيفات الرمزية طرقناها في مناسبات عدة و هنا تتجلى بوضوح و تعظيم طاقات اللغة واضح بها ، وبحث ذلك مفصلا يحتاج الى دراسة خاصة ، لكنا سنركز هنا على الرمزية النصية في القصيدة باعتبارها اداة تعبيرية و اسلوبية و ابداعية و مدى قدرتها التعبيرية و طبيعة و شكل تحققها في النص .

انّ الميزة الأهم للسردية في الشعر ، انها تحقق مجال التطور النصي للمفردات الرمزية الشعرية فتصبح كشخوص متطورة ، لها تأريخ و تخلق وعيا مكتسبا نصيا ، هذا اضافة الى كثير من العناصر الجمالية و التأليفية التي تحققها القصيدة السردية ، بل و الحضارية من حيث تمثيلها روح العصر و مزاجه ، فانها تحقق مجالا خصبا لتفجير طاقات اللغة و عبقريتها ربما يصعب ان لم يكن متعذرا توفير ذلك في القصيدة الحرة الصورية ، المعتمدة على التشظي و الصورة الشعرية .

التطور النصي للمفردة ، و الاضافات النصية عليها ، و علاقاتها مع باقي مفردات النص بالحركة الزمانية و المكانية الداخلية تتحقق للمفردات المتطورة فيه تأريخا و رمزية خاصة في النص و في وعي القارئ ، و ترتدي ثوبا و معنى و تأريخا و رمزية اخرى غير التي لها خارجه و هذا هو ( الرمزية النصية ) . و الرمزية النصية و التأريخ النصي لمفردات متعددة يتجلى بوضوح في قصيدة ( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار) منها ( الحرائق ، الجدران ، الشجر ) و غيرها سنتتبع الحياة و التأريخ النصي لمفردة ( الحرائق ) كنموذج ، و تفاعلاتها و و وجوداتها و احوالها في القصيدة . و باعتبار النص تأريخا نجد الوقفات التالية في حياة مفردة ( الحرائق النصية )

1-( في اللحظة \ التي اغمضت انانا عين الباب المطل على المعبد القديم \اشتعلت الحرائق في قلبها ) وهنا اشارة الى البعد و الأثر المأساوي العميق للحرائق في جسد هذي الارض و وجود هذا الشعب . فهنا الحرائق في وجود لها وجه دمار لـتاريخ و وجود أمّة .

2-( قالت انانا لاخندوانا دعينا نكتب القصائد التي تمجد بابل وهولاء العشاق للعقائد والفقر الذي سور الجدران واعتلاها كعشب لاتقترب منه سوى الحرائق.) و هنا تحضر الحرائق كظل و رفيق تأريخي لتلك الجدران و التي أيضا لها حياة و تأريخ نصي و لها بعدها الرمزي النصي في القصيدة .

3- ( قالت سيولد لنا من هذا الحريق طفل ندعوه الخلاص من محنة الحرائق ساحمله بيدي واسير به في شوارع ارواحكم فلا تنتبهوا لضحكته وجمال اصابعه وهي تشير. ) هنا يحضر فكر الديالكتيك و انه من وسط الخراب و الماساة يولد الخلاص و النجاة لانهاء الظرف الزمكاني السبء . فالحرائق من جهة ظرف و وسط زمكاني لتولد منه الحياة و في نظرة اخرى ظرف و وسط زمكاني مأساوي و بغيض جاثم و مشتمل على مصير الذات ( نا ) المتكلمين . و في الحقيقة في تقابل صوت الخلاص مع صوت الخراب بخصوص عنصر واحد هو الحرائق تتحقق حالة تعدد الاصوات ( البوليفونية ) في هذا المقطع . و هكذا نجد ملامح البوليفونية وتعددّ الاصوات في مقاطع اخرى في القصيدة بادنى تأمل .

4- ( الاثر الوحيد لها وهي تشرق كل صباح في وجه انثى تتمايل من وهج طفولتها الكامنة تحت ظلال بوحها بالسر لحبيب ينظم الحياة قرب بوابة عشتار يبشر بحرائق قادمة دون ان يحترس الالهة من هدم الجدار وانهيار الصور القديمة ) هنا تحضر الحرائق بوجه آخر و انها نبوءة لراء و صوت ، و بملاحظة ما هو موجود من حاضر حرائقي فان ّ تلك النبوءة تعني تعاظم تلك الحرائق ، و نظرة تشاؤمية للمستقبل .

5- ( من شدة الحريق ترسم وجهها شجرة تراقب نبضنا. ) هنا الحرائق عنصر فاعل في رسم وجه و وجود شجرة لها حياتها النصية و تأريخها النصي و بعدها الرمزي النصي كما هو ظاهر في القصيدة .

6- ( لنزيل طعم الحريق من افواهنا اكتشفنا عشبة نمضغها ونمضي لمحنتنا مبتسمين ) هنا للحرائق وضع تعبيري أشدّ تكثيفا و رمزية ، بل يمكن أن نقول أنّ هنا بدأت حالة توالد الدلالة الرمزية النصيّة فالحرائق التي لها طعم في الفم ، انما صح هذا التعبير نتيجة التراكم التأريخي النصي و نتيجة الوعي المكتسب النصي الذي حققه النص ، و بذلك صار ظاهرا انّ الحرائق بكل ما تقدم تمسّ حياتنا اليومية و كلماتنا و اصواتنا و تمتد الى كل ما هو تفصيلي في وجودنا ، و هذا المقطع قد حققت فيه السردية التعبيرية قدرة تعبيرية كبير و حصل تراكم معنوي و احضار لمعاني سابقة . و هذه الظاهرة الابداعية و التي نجح الشاعر في تحقيقها هي ما اشرنا اليه في احدى المناسبات ( باللغة ثلاثية الابعاد ) أي التركيب اللفظي الذي يستطيع ان يستحضر اضافة الى معناه المنطوقي و الدلالي القريب ، معان و دلالات قد حققتها مفرداته المركزية و المتمثلة بالحرائق هنا . فهذا النص يفتح الباب لأحدى الطرق النصية الاسلوبية في تحقيق لغة ثلاثية الابعاد من خلال توظيف الرمز النصي . وهذه الخاصية أكثر تجليا كفعل نصي و عطاء نصي من توظيف الرمز العام الخارجي .

7- ( هل حان الوقت لنراقب الحريق وتلك التي نحلم بها على اسوار بابل تنتظرنا وتكتب القصائد من اجلنا تقول مالكم تنتظرون استخدموا قصائدكم لاخماد الحريق. ) في ما تقدّم من بيان و حديث كانت ( الحرائق ) هي السائد ، و هي المسيطر ، لكن هنا في هذا المقطع او في هذه الحقبة التأريخية النصية ، تظهر الارادة و الامكانية و الطريقة للخلاص و التخلص من الحرائق ، أي ظهر صوت آخر مخلص و واضع للحرائق في موضع الضعيف . و بهذه الانتقالة التعبيرية أي انتقال ( الحرائق ) من وضع وجودي الى آخر تتحقق حركة داخلية في النص ، و لا بدّ من الاشارة ايضا انّ الرمزية النصية و حياة المفردات التطورية في النص تحقق حركة قهرية داخلية في النص وهذا ما يحقق ( النص المستقبلي ) المعتمد على الحركة .

8- ( هكذا نحن وقفنا تحت كومة الحريق لم نركب زورقا لينجينا ) هنا عودة و نزول من حالة الانتفاضة و الثورة الى الخمود و تحضر الحرائق هنا الى وضع سائد و مسيطر ، مع اشارة تضادية دقيقة بتعبير ( كومة الحرائق ) حيث تشمل من جهة الى كثرة الحرائق و من جهة انها فعل لفاعل ، حيث ان الكومة عادة ما تكون لشيء جامد و بفعل فاعل الذي يجمع الكومة . وهو ايضا الى انّ الوضع المأساوي و البقاء تحت ظل الحرائق ليس بفعل الحرائق و انما بفعل ضعف الارادة للخلاص ، وهو شير الى انّ استمرار الحرائق ليس لانها قوية و انما لانّ الراضخ لها ضعيف ، كعلاقة الشيطان بالانسان ، فالشيطان ليس قويا و انما الانسان هو الضعيف فيتمكن منه الشيطان . و يؤكد هذا المعنى المقطع التعبيري التالي :

10- ( لكننا فضلنا ان نسمع موسيقى الحريق وهي تلوكنا الواحد تلو الاخر ) حيث من الظاهر وظوح ارادة الرضوخ و البقاء في عالم الحرائق مع اشارة الى تناغمية و تناسقية و انجذاب . وهذا اقسى درجات التماهي و التلاشي في الوجود غير الطبيعي الشاذ وهو ان يتناغم الانسان و يتعايش مع الوضع الشاذ فيكون وضعه الطبيعي ، وهو يشير الى خلل كبير في داخل الانسان . حتى يتوج هذا الصوت و هذا التعبير بلفظة ( ابناء الحرائق ) في المقطع التالي :

11- ( حتى اقتربنا منه وهو يدمدم وحيدا لااحد يراه ولايقترب من وحدته سوانا نحن ابناء الحرائق المتتالية في الملاعب والطرقات الواسعة والمفتوحة للمتربص باحلامنا. ) هنا يصل النص ذروته التطورية بخصوص مفردة ( الحرائق ) و حياته النصية ، فبعد تلك التسلسلات و الوجودات الثنائية بين الذات ( نا ) المتكلمين و الحرائق ، ثم الرضا ثم التعايش ، ثم التناغم حتى تصل النوبة الى ان التوالد ، ثم تنتهي بان التوحد و تكون الحرائق هي الوجود الوحيد لهذا الشعب كما في المقطع التالي :

11- ( تعطلت ساعاتنا ونحن ننظر الى الوقت بعين مثقوبة ورأس يدور في ساحة فارغة الا من الحريق ) هنا لا وجود الا للحرائق و لا شيء سوى الحرائق ، و توحد كامل بين الذات .

لقد كان تجلّي الحياة النصية لمفردة ( الحرائق ) ظاهرا جدا في القصيدة ، و كان ها تأريخا نصيا و تنقلات احوالية و ظرفية و فعلية و تفاعلية ، كما انّ لها تشكلا واضحا في الوعي النصي و ما يترسب في نفس القارئ ، حتى تصل عتبة ( الرمز النصي ) الذي يوظف تعبيريا في النص ، مع ما حققه من أدوات تعبيرية اسلوبية من خلال هذا التوظيف .

.

النص

.

( يبشر بحرائقه قرب بوابة عشتار)

في اللحظة

التي اغمضت انانا عين الباب المطل على المعبد القديم

اشتعلت الحرائق في قلبها هي الوحيدة التي انسلت من تلك العين لترى ماحدث

دون جدوى صفقت بيدها وتنفست رائحة قريبة لاجساد تحترق

دون جدوى تلك النوافذ التي فتحت للالهة المنشغلين بترتيب الاسماء والمعاني واستقبال الاضاحي

دون جدوى قالت انانا لاخندوانا دعينا نكتب القصائد التي تمجد بابل وهولاء العشاق للعقائد والفقر الذي سور الجدران واعتلاها كعشب لاتقترب منه سوى الحرائق.

خلعت ثوبها وتمشت في حديقة المعبد كانت الالهة تتلصص على عجلة مسرعة تقترب من السور اشارت بثوبها لبياض اللحظة وراء الابواب نساء يلطمن على صدورهن وايقاع متسارع لقلوب تجوب شارع المعبد بينما الريح تنسل خلسة من تحت ضلوع تتكسر بصمت.

تلوذ الاشجار بعصافير مهاجرة ونوح حمام بلا اجنحة يحط على ابواب المعبد ويشير لحبة حنطة نبتت زهرة في وسط النواح قالت سيولد لنا من هذا الحريق طفل ندعوه الخلاص من محنة الحرائق ساحمله بيدي واسير به في شوارع ارواحكم فلا تنتبهوا لضحكته وجمال اصابعه وهي تشير.

الولد الصغير

الذي قطعت يده في الانفجار

لم يفكر بيده

ولا بالجحيم الذي يحدث

فكر بابريق الشاي

الذي ظل معلقا بيده المقطوعة

وتذكر

انه لم يبع منه

قدحا واحدا

حتى لحظة الحريق

لم تكتب وصيتها وتعلقها على ابواب المدينة مزقت الالواح بصوتها وهي تصيح عليه ان اقترب من صدري لارضعك الامان لم يلتفت لها وظل يركض في طرقات بابل يبحث عن يده التي حملتها سيارة اسعاف مسرعة واختفت.

الاثر الوحيد لها وهي تشرق كل صباح في وجه انثى تتمايل من وهج طفولتها الكامنة تحت ظلال بوحها بالسر لحبيب ينظم الحياة قرب بوابة عشتار يبشر بحرائق قادمة دون ان يحترس الالهة من هدم الجدار وانهيار الصور القديمة لاحزان كلكامش وهو ينظر للجدار ويقول يكفيني هذا.

زور خطوته وراح يقترب من النار رآى الاجساد تلتف ببعضها وهي وحيدة بين السماء والارض وحيدة بلا مودعين او اقدام تركض في ربيع ايامها الذي لم تصل اليه بعد اوشك ان يبكي لكنه تذكر الافعى ومضى يعاشر الوهم وينظر لاستراحة المعبد الفارغة الا من ظله وهو منكسر.

صباحا وقفت الشجرة على مفترق تنظر قوافل الراحلين صوب مقبرة قديمة يحبها السيارة والنائمون الحالمون بصبية تلعب قرب جدار المعبد وتخط على طينه القديم احلامهم فيما بعد قالوا انها تعنينا تلك التي عبثت برؤوسنا وسكرنا بخمرة قصائدها لكننا ميتون وتلك امانينا فوق شراشف الشوارع المعبدة بدمنا الاسود

من شدة الحريق ترسم وجهها شجرة تراقب نبضنا.

لنتزيل طعم الحريق من افواهنا اكتشفنا عشبة نمضغها ونمضي لمحنتنا مبتسمين دون ادنى ريبة بما سيأتي تحدثنا كثيرا للاثر الذي يتبعنا مثل ظل يلتصق في المرايا قالت انا قرب الجدار انظر لكم وانتم تبتسمون لمنتصف اللحظة لسيارة الاسعاف وهي تحملكم مجانا من الطريق.

ايها الاله لماذا تركتنا وحدنا في الحريق

كنا نمنحك الوقت ونضحك حين تغفل لحظة عنا ونقول انه طيب وسيمنحنا براءة مما نحن فيه .

هؤلاء السفلة كل مالدينا

هؤلاء هم من اقتربت منهم ايها الرب الذي جعلناك عادلا ومقسما للموت بيننا بالتساوي حين وضعتنا في قفص وقلت سيروا انها امامكم تلك ارضي وهذا انا اراقبكم من بعيد.

هل حان الوقت لنراقب الحريق وتلك التي نحلم بها على اسوار بابل تنتظرنا وتكتب القصائد من اجلنا تقول مالكم تنتظرون استخدموا قصائدكم لاخماد الحريق.

(أذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ولا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم) هكذا نحن وقفنا تحت كومة الحريق لم نركب زورقا لينجينا اقدامنا تسمرت قرب جدران المعبد تمر الرايات في المدن المجاورة حتى بيوتنا التي تفخخت به وانتفخت رئة التاريخ وانت تمسكين النواميس لتشيري لنا انخدوانا اقتربي من لوعة هذا الطريق.

هل تمتعت بوجوهنا وهي تلوذ بحائط المعبد تتلمس المتعة وهي تتسرب من جسد انخدوانا لتلقي بها خارج معبد البوح الذي اقترب من ظلي وانا أقود أصابعي لقطيع فرح غائب في طرقات بابل ,, أقفلنا باب ليلنا ونظرنا للشجر الذي تكلم مع ظل الحارس الوحيد الذي أبقته الحكمة لنا ,, الحكمة التي جمعتنا ذات يوم وأكلت أعمارنا .. تضحك منا وعلينا حين ننبه من نام وحيدا يفترش أحلامه وما تبقى من أسوار المعبد .. طين وماء وحنين قديم يعلما كيف نمر بأصابعنا خلسة فوق ضلع الجسر الوحيد.

الم نترك لك الباحة الخلفية لتكفر بنا وتلقي بأجسادنا في فوضاك أيها الحكيم الذي تبعناه مثل قطيع لنعبر صوب ضفة الحريق.. صوتك نسمعه على الجدار معلق كصورة لنا ونحن نرقص من وجع الرحيل

شعرنا بالبرد

شعرنا بوخز الندى نحن

شعرنا بك وانت تلقي لسمك المتعة المفترضة.. فوق أوراقك ترسم لنا طريق الذهاب ونحن نفكر بالرجوع لدفء قديم قرب جسدها

أنت تفكر بالذهاب

ونحن نفكر بالرجوع

ذهبت أنت

وعدنا نتلفت

خشية أن تجمعنا البلاد التي تتنفس رائحة انخدوانا وهي ترش عطر معبدها فوق جسد الحديقة

ظل

يفكر

كثيرا بالكرة

وهي تذهب وحيدة الى منزله

ظل يفكر باللعبة

والهدف الاخير

هو يلهث وحيدا في الساحة

يركض يلم بقاياه

وماتناثر من احلامه

حلم هناك

واغنية تتحدث عن الفوز

تعثرت خطواته بصورة سلفي

هي صورتهم الاخيرة

قبل الكأس

وصفارة الحكم العجول

لماذا انهيت لعبتنا

لماذا لم تمنحنا وقتا مضافا

شوطين اخرين

لماذا

تركتنا

في الساحة

نلم بقايانا

لماذا توقفت في بداية اللحظة

واشرت لنا

ان نتجمع قرب موتنا بانتظام

هدايانا بسيطة جدا

كأس صغير

وكرة ملونة بدمنا

كل ماكنا نركض وراءه

وقت المباراة

هكذا

انت اوقفت اللعبة

بفوز الجميع

انتشرت على طرقات المعبد صورنا ونحن نلهث خلف عربة تقودنا اليه ذلك الذي نجهله لكننا كنا نخافه حين نقترب من اسواره كم كنا اطفالا في الاسئلة.

المتفرجون يصفقون لنا بينما هو ينظر من شرفته التي زينتها ادعية الامهات بعودتنا مبكرا لكننا فضلنا ان نسمع موسيقى الحريق وهي تلوكنا الواحد تلو الاخر حتى اقتربنا منه وهو يدمدم وحيدا لااحد يراه ولايقترب من وحدته سوانا نحن ابناء الحرائق المتتالية في الملاعب والطرقات الواسعة والمفتوحة للمتربص باحلامنا.

تعطلت ساعاتنا ونحن ننظر الى الوقت بعين مثقوبة ورأس يدور في ساحة فارغة الا من الحريق يركض خلف امنية وحيدة ظلت مختبأة تحت قميص ملون لاحدنا قبل ان نبدأ تركها لعله حين يعود يعثر على وردة هكذا قلنا لبواب فتح لنا باب العالم السفلي لترانا انانا نحمل كرة ملونة واحلام صبية اخطأ الوقت بهم.

(انانا) تلطم على وجهها وتصيح …ابتسمنا لها وقلنا كنا نمرن انفسنا على الموت امام بوابة عشتار لم نكن ندرك انه كان معنا وحين التفتنا لنركض وجدنا انفسنا نبحث عن امنية خبأها احدنا.

من يعيد لنا ركضنا في حقول فرحنا.. السهر ونحن نطارد الحبيبات المفترضات في رؤوسنا هو الان هناك يتفرج علينا ونحن نلح بالسؤال ونلج حقولا جديدة من الاسئلة تقول انخدوانا تعالوا نتعلم من جديد كيف نخط السهر على جدران المعبد ونحن نصيح لامعابد هنا هو الذي يمنحنا انفاسنا ويكتب القصائد على وجوهنا المفزوعة والهاربة من مرايا ما حدث.

بلا امل عيوننا تغزل للامهات صورا جديدة تعلق على جدران صبرهن .

............

.

* من كتابنا القادم ان شاء الله ( التعبير الأدبي ، الجزء الثالث )



   نشر في 19 أبريل 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا