بلاعنوان - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بلاعنوان

  نشر في 03 شتنبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

                                                        بلا عنوان  (قصة قصيرة)


كم حاولت مرارا وتكرار لكن دونما جدوي .. لدرجة أنني إتهمت نفسي بالجنون او العتة !؟..

إذ هل من المعقول ان يتعلق انسان كل هذا التعلق بمجرد (حمّام قديم)!!!!!!!!!! اعلم إن

المفاجأة صادمة ! لكنها الحقيقة بكاملها .. إنني لم استطع ان انسي يوما ما ذلك (الحمام

القديم) الذي كان في بيت جدتي منذ اكثر من خمسة وعشرون عاما !!! لقد كان بيتا قديما

وكان يبدوا للناظر من بعيد متهالكا .. لكنيّ كنت اشعر دائما ان روحي رابضة في هذا المكان!

وكأنة عالم آخر داخل العالم الخارجي..ولم أكن أجد نفسي إلا عندما كنت أزور جدتي في بيتها

القديم ,, كنت اتجول في ارجاء البيت وأري كل ركن فية كأنما هو قطعة أثرية حفرت يد التاريخ

علي جسدها وسطرت احداثا وحكايات وقصصا لأزمان غابرة فيها كل حكايات الحب والحرب

..هكذا كنت أحس وأشعر!كنت أري البيت قويا شامخا كأنة يتحدّي الزمن !,, وكانت تلك

الجدران العريضة تقتنص قلبي بمخالبها الحادة رهبة ممزوجة بولع وتشبث بالمكان!؟

شعور غريب!!! لطالما زاد من تعلقي بالمكان ..وكنت دائما اطلب من أمي ان تتركني أبيت

ليلتين أو ثلاثة عند جدتي وأقضي ليلي أستمع بلهفة العطشان الذي اضناة العطش الي

قصصها العذبة الساحرة اللتي كانت تأخذني لعوالم أخري اغوص بداخلها فأخرج باللآلي

والكنوز,,وفي أغلب اليالي التي كنت أقضيها في بيت جدتي كنت أقضي ليلي أتجول في

الغرف الكبيرة الواسعة واللتي كانت تلتف داخل البيت وتحطية كالسوار حول معصم الفتاة..

وكنت دائما ما أتأمل المقاعد الخشبية في كل غرفة والتي كانت مكسوة بقماش ذو نقوش

زاهية الألوان مزركشة كجناحي فراشة مرحة تزهو بألوانها فخرا ..وكانت جدتي تقص

وتحيك تلك الكسوة بيدها حفاظا علي الأرائك المتراصة من التلف ..لكن شيئا واحدا

فقط كان دائما يخطف تفكيري ويتلقفة ليطير بة بعيدا عن المكان كلة ؟ .. فيسدد بكرتة

كل الأهداف في مرماة هو فقط ! وانا دائما ماأقف موقف المتفرج المنبهر .. المذهول ..

المبهور أو المبهوت !!! مما يحسة و يراة ؟.. هنااااااااك في آخر الردهة الطويلة كان يقبع

(الحمام ) كان حمّاما قديما ..وكان يقع علي الجانب الأيمن بطول الممر ..وكنت أسير في

هذا الممر الطويل كانني مسافرة داخلة ..وكأنما هو سرداب او خندق حفرة أحد جنود الحرب

القدماء ..وأظل أسير في هذا الممر حتي ينتابني شعورا مختلطا مابين الرهبة والرغبة ! رهبة

من الغموض الذي يلف هذا الحمام في عبائتة الرمادية التي تنثر رمادها المحترق حول

جسدة المهترئ والمتين في ذات الوقت .. ورغبة في إستكشاف مايجول ويصول بخاطري

من أفكارمبهمة تصهل بشدة في أعماقي إيزاء هذا الغموض الذي يكتنف ذاك الحمام والذي

كنت أشعر بة عندما أقف علي بابة ثم يزداد بشدة كلما أقتربت من داخلة ,, فتطير أفكاري

لتسابق الريح في محاولة يائسة لفك شفرة اللغز الذي يتجسد بوضوح أمامي كلما أقتربت

من هذا الحمام !!؟ وأخيرا أجد نفسي وجها لوجة أمام بابة الأسود الخشبي الضخم ,,

وكأنما هو احدي بوابات العبور لجهة أخري من العالم ! أو لحقبة تاريخية لم ولن تسطر

في كتب التاريخ ؟ عالم آخر .عالم من نوع خاص .. ولطالما أصابتني الدهشة وأنا أتأمل

جدرانة المصبوغة بسواد ليل بهيم ,,كل قطعة داخلة كان يلفها السواد الحالك الذي يظهر

من بين ثناياة ضوء خافت مرتعش كبزوغ أول الفجر وسط عاصفة السواد الهوجاء ..

كان ينير الحمام ليكسر حدة هذا السواد الفاحم ,,كانت تصيبني رجفة قوية كالصرخة

المكتومة في أعماق متغيث هرب منة الصوت رهبة وخوفا !كنت أفزع لة كثيرا ويكاد الخوف

يقتلع أحشائي بعاصفتة المتوحشة وأنا أتأمل جدرانة المتفحمة وبخاصة سقفة البعيييد العالي

أكثر من اللاّزم ,, والمغطّي بعروق خشبيّة طويلة ,لم أكن أكاد أحتمل مايعتمل في صدري

حينها من المشاعر التي تضج بداخلي في شبة أمواج متلاطمة لتقذف بي بعيدا علي شاطئ

السحر والخيال وعالم الأساطير ! فيضيئ بدخلي وميض عجيب يقتحمني بدون إستئذان

ليفتح أبوابا من التساؤلات اللتي لاتنتهي ولاتقف عند حد ؟ .. فيرافقني ذاك الشعور

السرمدي اللذي يمتزج فية التعلق بالمكان والولع بة والخوف منة والفزع في ذات الوقت !!!

حينها تتجسد أمامي صورا كأنها أشباح من الماضي أتت لتنبأني بأسرار حدثت من قبل لم

يعرفها أحد علي وجة الأرض .. وأسرارا أخري ستحدث ,,لم ولن تخطر لأحد علي بااال,,

وأتذكر علي الفور كلمات جدتي التي كانت تصبّها في أذني عندما كنت أسألها فكانت كلماتها

كالنغم العذب ,,الذي طالما طربت لة اذني ..عندما قالت لي جدتي عندما سألتها واللهفة تقطر

من فمي كما يقطر لعاب الجائع ويسيل داخل فمة ..

---أحكي لي ياجدتي,, أرجوكي أجيبيني ..

فمدت يدها بحنان مفرط الي رأسي وأخذت تمسح بيدها علي شعري فكانت يدها كوسادة من

ريش نعام توسدت رأسي بعذوبة ولمع في عينها بريق خاطف وبنبرة المتنبّئ الذي أدرك

ماهو لابد ميجيب عنة قائلة :

--عن ماذا أجيبك ياصغيرتي ؟ أري شلالات من الللهفة تتتساقط من عينيك .. إن لم يخب

ظني .. أنتي تريدين ان تعرفي سر (حمام بيت جدتك ) اليس كذلك ؟

فنظرت اليها وانا فاغرة فاهي وقد عقدت الدهشة لساني وأطبقت علية كقفل علاة الصدأ

رافضا أن يفتح أو يستسلم لفك حصار الباب ..وقلت .

---أكنت تعلمين بما يشغل بالي منذ فترة ؟..

فإبتسمت قد علت شفتها رجفة خفيفة قائلة :

---ربّ حال أفصح من لسان .. لسان حالك يابنتي أفصح عنك وقال ماترددتي كثيرا في قولة

.. لقد كانت جدتي تراني دائما أنا أقف متأملة علي باب الحمام أو بداخلة ..وأنا اللتي كنت

أظن أني أختلس اللحظات التي أنظر بها لهذا البناء الغامض كلص ماهر .. وقصت لي جدتي

السر الغامض اللذي طالما تشدق بة الكثيرون وكان يسمرن ليلا في ليالي الصيف تحت ضوء

القمر يحكون عن البئر القديمة التي حدثت عندها قصّة غامضة في الأزمان البعيدة والسنون

الغابرة ..قصة لايعرف تفاصيلها أحد ..لكن يقال أن جنية عشقت شابا جميلا كان يأتي للبئر

كل ليلة ويطل ليري وجهه الجميل فوق صفحة المياة فأخذتة لعالمها الغامض الساحر وعاشت

معة عمرا بأكملة في قصة هوي وعشق لم يذقة بشر قط ..تعجز كل كلمات الشعراء وقصص

الأدباءعن وصفة !..حتي ليقال أن أهلة بحثوا عنة طويلا عندما إختفي فجأة لم يئسوا من

غيابة أشاعوا أوربما أعتقدوا أنة سقط غريقا في البئر ..لكنهم لم يجدوا أثرا لة قطّ! .. وكان

الناس قديما يقولون أنه عندما كان يشتاق لأهلة كان تأتي بة الجنية ليراهم لكن دون

أن يشعر بة أحد ,ولا حتي أهلة وكان البعض يقول أنة يراة من بعيد يبدوا كشبح في كل ليلة

يكتمل فيها القمر ويصبح بدرا في اليوم الرابع عشر من كل شهر ,,

ثم تنهدت جدتي تنهيدة طويلة وكأنما هي صدي صوت آت من بعيد بطول تلك السنون

التي مضت ..وكأنما هي بصمة صوت يرن صداها في أرجاء كتب التاريخ الفسيحة اللتي

علاها الغبار وتراكمت عليها الذكريااات ,, وتكمل حديثها معي والحيرة تملؤ نبرات صوتها :

--البعض كان يقول أنها قصة ثأر قديمة بين أحد الإخوة ..يقال أن أحدهما قتل الآخر بعد

خلاف كبير وقع بينهماوقد دفن أحد الأخوين أخوة داخل هذة البئر القديمة ثم هرب بعدها

وأختفي ولم يراة أحد منذ ذلك الحين ! والأغرب أن أحدا لم يكتشف مكان للجثة ولم يراها ..

نظرت اليّ جدتّي وقد لمعت دمعة حزن في عينها كأول شعاع للشمش عند بزوغ ضوءها

الأول علي الأرض وقالت بحنان ممزوج بحيرة وألم :

--لقد سمعت من ابي أمي الكثير والكثير من الأقاويل ..لقد قالوا وقالوا وقالوا عن تلك البئر

القديمة ..وسمعت من كل أهل الحي أكثر مما ينبغي أن نسمع وأكثر مما ينبغي أن يقال من

الحكايات التي حدثت عند تلك البئر واللتي لايعلم سرها إلّا الله تعالي .. وشردت جدتي بخيالها

نظرت عيناها لبعيد هي تركب حصان خيالها وتمتطّي أشواقها التي كانت تزفر شهيقها

مع كل نفس و وبلهفة لم أراها ترتسم كلوحة فنان علي وجهها قائلة :

---لكن كنا دائما ونحن صغارنأنس كثيرا بالجلوس عند تلك البئر .. ولايحلوا لنا اللعب أو الّهو

الاّ حول تلك البئر كنا نشعر بشعور غريب جميعنا ..الكبار والصغار لاندري مصدرة ..الي أن

أتي ذلك اليوم وأشتري والدي قطعة الأرض التي كانت البئر فوقها بعد أن جف ماؤوها ونضب..ثم..................

فقاطعت جدّتي فجأة وأكملت ماأرادت وصلة من حديثها كأنّما اللحظة الحاسمة قد أتت وبلهفة

صاروخية إندفعت قائلة :

--ثم ّبني الحمام في موقع البئر .. اليس كذلك؟

---فضحكت جدتي و قد فهمت ماأرمي من حديثي ..وبشئ من الحزم جاوبتني قائلة :

---أري أنك ياصغيرتي قد أعطيت الموضوع أكثر مما يستحق من إهتمامك ..إنّها مجرّد

حكايات قديمة تحتمل الخطأ الصواب ..وقامت فجأة في محاولة منها لإنهاء الحديث

الذي دار بيننا حول سر الحمام القديم أو بمعني أدق سر البئر التي كانت في مكانة ..

ظنا منها انها قد روت ظمئي وتعطّشي لسبر أغوار هذا الغموض وفك شفرات

هذا اللغز الساحر المحيّر الّذي طالما عصف بقلبي وروحي معا ليذهب بهما إلي حيث

لاقرار ! ليدخلني عوالمة الغامضة واللتي كانت تتأجّج نيرانها بلهفة وغموض كلّما وقفت أمام

باب هذا الحمام أو تأملّتة من الدّخل !؟.. كل هذا كان يثبت أمام ناظري وأنا اتأمل الحمام من

الداخل بصور متحركة وثابتة ,واضحة وغامضة ,مضيئة وباهتة ..لكل ماقصّتة لي جدّتي

وكل ماشعرت بة إيزاء ذاك السحر والرهبة والغموض ,,كثيرا وبعدما سمعت ماقصّتة لي

جدّتي كنت أشعر في كثير من الأحيان ان هذة البئر ستثور مياهها فجأة من تحت قدمي لتنفجر

في غضب بعدد وبطول تلك السنوات الماضية لتتدفق وسط الحمام معلنة عن تمردها علي كل

مامضي وعندا ستوشي لي بكل الحقيقة كاملة وتعلن أمامي في إصرار وثبات قائد المعركة

عن كل أسرارها التي خبّئتها عن الأسماع وأخفتها عن أعين النّاظرين المتطفّلين اللّاهثين

لمعرفة ماخفي من الأنباء والأحداث والظواهر المستترة التي قد تكون خارقة للعادة

!!!إنتظرت كثيرا

..لكن شيئا من هذا أو ذاك لم يحدث .. وظلّت التساؤلات تعصف برأسي, والرهبة تملؤني

حتي فاض ماؤها فسال من حولها ,, وإزدادت حيرتي وزاد معها ولعي حتي غاص في

أعماق قلبي وتشبث بة تشبّث رضيع أنهكه الجوع بثدي أمّة حيث لافكاك البتّة .. حاولت أن

أقنع نفسي أن تحت بناء هذا الحمام مجرد بئر قديمة قد جف ماؤها بمرور الزمن وإنعدم ..

لكن بدون جدوي ..وكأنما لهفتي لم ترتوي بعد من ظمئها وحيرتي لم تنطفئ بعد نيرانها

المتأججة .. ظل سر هذا الحمام قائما قاتما وبدون أدني تفسير ..ظل بعيد كل البعد عن كل

ماحولة قريبا كل القرب الي كل ماهو غريب ومريب .. إنة شئ أسطوري الطابع ..

وكبرت وكبر السر الغامض بداخلي حيث لم اجد لة تفسيرا أبدا ..وتركت بلدتي

الصغيرة بكل بساطتها ونقائها ووداعتها ..ودعت الطيور والأشجار والبيوت الصغيرة

حتي ماء الترعة ودعتة بعد أن أغرقتة بدموعي فكاد ماؤة يفيض حبا حنانا ..وودّعت

مع كل ذلك جدّتي الحبيببة الحنونة .. وحفرت دموعها التي بللت وجنتياي عندما ودعتها

مكان لايمحي فوق وجنتي كلما تحسستها أشعر بدمع جدتي تسيل طازجة وكأنها ليدة

اللحظة كالزهرة البرعم التي ببلها الندي وفاحت رائحتها الطّازجة لتعطّر ارجاء الكون !

ورحلت مع أسرتي للمدينة الصاخبة بكل أضوائها وضجيجها وعبثها ولهوها ..لكن قلبي

جميع الصور تم تصويرها بتاريخ الاثنين 31/8/2020


لم يرحل ..بقي مستكينا قابعا مكانة في ثنايا الذكريات داخل طيات كل حبة رمل كنا نلعب

فوقها في بلدتنا الصغيرة ..وظلّ السراللذي تركتة خلفي ورحلت كجدار عال أمامي لم أستطع

يوما أن أقفز فوقة أو أجرؤ حتي علي تسلّقة .. ورأيت في المدينة مالم يكن يخطر لي علي

بال من قبل ..رأيت قصورا فخمة (فلل) وعمائر فارهة الإرتفاع ,,غاية في الإتّساق والروعة

والإبهار الذي لابد أن يخظف عين الناظر من الوهلة الأولي .. كان بيتنا الجديد الذي أمتلكتة

أسرتي بيتا فاحشا في الثراء بخاصة بعد ترقي أبي في منصبة الجديد في العمل وزاد راتبة

تحسنت أحوالنا المادية بشكل ملحوظ ! بل أننا قد أشترينا سيارة جديدة .. وكنت أتأمل بيتنا

كما أن أفعل دائما كل ركن فية كان ينطق بالثراء الجديد الذي هب علينا ..غرفا اسعة

كبيرة تضج بأثاث وفرش غال الثمن مبهر للعين في كل ركن من أركان البيت قد وضعت

تحفة أو فازة أو قطعة أنتيكة غالية الثمن كانت توضع في أركان البيت صامدة بعناد وكأنما

كل تحفة كانت تتحداني عندما أنظر لها واتأملها وكأن لسان حالها يعقد مقارنة بين مامضي

ويزهو أمامي بفخامتة وجمالة .. لكني مع الأسف لم أنسي قط ؟ لم أتأثر بكل جديد وثمين

رأتة عيني لكن لم يرة قلبي ! لم يمس وجداني ..بل لم يحرك فضولي لم يثر تساؤلاتي..

لقد حرمت من الغموض الساحر الذي كنت أنعم بة أنا صغيرة في بلدتنا .. لم أشعر يوما

بالرغم من المدة التي مرت علينا في المدينة أن هذا هو بيتنا أ أن هذا هو مكاني الجديد

الذي أصبحت آوي الية ..لكنة لم يسكن داخل روحي ابدا ..ولا حتي للحظة واحدة..

كان حمام بيتنا الجديد متسعا فخما فية من كل أثار النعمة الثراء مايبهر عين الناظر..

حماما بني علي الطراز الحديث فية من مظاهر الأناقة والرفاهية والأبهه مايسبي العقول

ويثير الإعجاب ..لكنة لم يحدث !! أنة لم يحرك ساكنا بداخلي .. بعدت عنة روحي

كما بعدت عن باقي أرجاء البيت الجديد بكل فخامتة!!! لم ينسني هذا الحمام بكل

روعتة وإتساقة..لم أفغر فاهي أمام جمال القيشاني اللاّمع اللذي كان يزركشة وكأنة يزهو

بألوانة كالطّاووس المغرور ببديع الوانة وجمال شكلة ..! وصرخت صرخة مكتومة

مكلومة كصرخة أم ثكلي فقدت أعز أبنائها علي قلبها في لحظة انة ليس هو .. ليس هو..

وتساءلت والح عليا السؤال عندما إجتاحتني الذكريات العتيقة فأبكت عيني حتّي ذرف منها

الدمع مرغما علي الهبوط بعد إن استحثتة الذكريات وأجبرتة علي الخضوع لها في تحد

صريح وقاسي ..كصرامة وحزم قائد يحارب تحت نصال السيوف ..لفحتني قسوة ذكرياتي

المفقودة وأقضت مضجعي برودتها كزمهرير شتاء قارص لايرحم ,,آآآآة قلتها بعزم ماأمتلك

من قوة .. اين مامضي من حياتي ؟ كيف تسرّب من بين يدي كالماء دون أن أشعر ؟ كيف


,كيف ,كيف ؟؟؟ آلمني ذلك كثيرا .. لكني كتمت أنيني بين ضلوعي ومضيت بجرحي العميق

الذي لم أجد لة برأ ..بل أنني كنت في كثير من الأحيان اتلذذ بالألم ..اتلذذ بعذاباتي في

إجترار ذكرياتي القديمة ..لم تفارقني صورة بيت جدتي ..لم تفارقني صورة الحمام القديم..

كنت أغمض عيني وأتخيلة أمامي بجدارنة المتفحمة الغارقة في السواد وسقفة المرتفع

الذي لايكاد يصل الية بصري حتي يجهد .فيرتد مرة أخري ..فثار في نفسي تلك المشاعر

القديمة فزع,, رهبة ,, خوف ..ولع ..ولة ..عشق للمكان للزمان ..بل للحظة ذاتها .. شعرت

أني كنت أمتلك العالم بأسرة بطولة وبعرضة في تلك اللحظة !!! وتوقف الزمن لدي ..

بل قل إن عمري توقف عند ذاك الزمن وأبي بعناد طفل مدلل لابد تلبّي لة كل رغباتة أن

يتحرك خطوة واحدة بعد العمر الذي مضي من حياة الطفولة التي عشتها في بيت جدّتي ..

وفي ذات ليلة هببت اقفة من مكاني وأعلنت عاصفة العصيان التي هبت في رأسي وفي كل

كياني ..فإقتلعت كل شئ أمامها بدون هوادة ولا شفقة في كبرياء وعناد ..قررت العودة حينها

لبلدتنا الصغيرة تحديدا لبييت جدتي والتي كانت قد توفيت منذ فترة .. ومهما كان الثمن أورد الفعل..

فقد خرجت عند بزوغ الفجر من المنزل وركبت سيارة أبي الفارهة ولم أعبأ بأي شئ آخر

وأتّجهت إلي بلدتنا الصغيرة ..يحملني الشوق في كفة ويطير بي ويطويني داخل عالمة

السرمدي الأبدي الأسطوري .. وإنطلقت بالسيارة وأنا لاأكاد أشعر بالأرض من حولي

تتابعت أمامي كل الصور القديمة حتي وصلت .. ثم نزلت من السيارة التي وقفت أمام

بيت جدتي أو بمعني أصح أمام ألأطلال التي بقيت .. لم اري أثرا للبيت ,, تلفتت حولي

وبهتت ..دارت بيا الدنيا من حولي .. وعصف الخوف بقلبي وأنا أجري لاهثة كمريض

يحتضر وقد أشرف علي الموت ! لم أجد حولي شيئا مما كنت أمني نفسي بة طوال

رحلتي من المدينة حتي بلدتنا !؟ تساءلت ..هل ياتري ضيعت العنوان ؟ .. هل نسيت

مكان البيت ؟ لكن لا ,لايمكن أن يحدث هذا محال .. قد تطلع الشمس من المغرب

أو قد لاتشرق أبدا ..اما إني أضيع أو أنسي عنوان البيت ..لا ..كلاّ هذا لن يحدث أبدا .. سرت

بضع خطوات بطيئة متثاقلة نحو مكان البيت .فلم أري أمامي سوي أطلال كئيبة وبقايا تنبؤني

بأن البيت قد تهدم وكأنما هي تعزيني في فقدان عزيز .. تلفتت حولي مرّة أخري تلتها مرات

ومرات عديدة ..وملأ الفزع كأسي حتي فاض ماؤوها وتحول لشلالات تنهمر بشراسة مقاتل

جسور يهوي بالسيف علي جسد العدو .. وجلدتني نيران الحيرة بسياطها ..جننت وفقدت

صوابي حين لم أجد البيت مكانة ..أصابني الدوار ..وشعرت بأن الأرض تهتز من تحت

..أقدامي.. إنني لم أضيع العنوان .. ولم أنسي المكان .. فإن كان ذلك صحيح فأين البيت؟!

أين , أين؟؟؟ أحسست أن الأرض غاصت فجأة من تحت قدمي ..لقد غربت شمسي خلف

الأفق وضاع مني الزمان ..إختفي المكان وإندثر بين طيات حنيني للماضي البعيد..

تبخّر عطرذكرياتي وتسرب كالزّئبق ولم يعد لة وجود .. أحسست أنني تهت فجأة,, ضعت

.. وبسرعة البرق الخاطف التقطت عيناي أثرا لحفرة عميقة تهبط في باطن الأرض وأدركت

حينها أنها أثرا للبئر القديمة! إذن فهو مكان الحمّام ..هرعت إلي هناك متلهفة لأروي عشطي

الذي لايرتوي أبدا ..ولم أري بالطبع سوي أطلال وبقايا للمكان وللبيت كلة ..فأخذت أتحسس

كل شبر في المكان كالأعمي الذي فقد بصرة فجأة ,, فإذا بة يحاول إسترجاع ذاكرتة

البصرية متعلقا بما بقي لة بها تعلق الطفل بأمة ..علة يستعيد ما فقدة ولو للحظة  واحدة...

بقلم/  منال خليل





القانون  من الألآت  الموسقيّة  الرّائعة  التي  أعشق  سماعها فهو مريح نفسيّا جدا  وبخاصةتقاسيم القانون  كعزف منفرد  وهذةمقدمةموسيقية لقارئة الفنجان لعارف القانون  المصري (ماجد سرور ) وأيضا  آلة الكمان والنّاي والربابة البدوية أحبّ  سماعهم في  العزف   المنفرد  والتقاسيم  كثيرا انا احب التقاسيم  في  العزف  هي  لاتكون  خاصة  بأغنية  محددّة  هي فقط   تقاسيم  من مقامات موسيقيّةمختلفة أنا بصراحة أعشق  الموسيقي  وسماع  الغناء والفن  الرّاقي ..







الشخصية الحساسة(هذه هي مشكلتي انا ..بل إنها مأساتي كل من يعرفني يقول لي إنني (حسّاسة)   وهذة الحساسيّة  تتعب أعصابي لأنّي لست مثل باقي النّاس ‘إذا  فرحت أفرح فرحة شديدة جدا أفرح أكثر من كل الناس ولكن  في المقابل إذا غضبت فأنا أحزن  بشدة  غريبة وبكائي  صعب جدا  يتعب أعصابي  أحزن أكثر من كل الناس وتأخذ معي الأمور حجم ضخم جدا لأني حسّاسة مع أننّي طبعا  ليا  الحق  كل  الحق لأن بعض  الأمور فعلا  ضخمة  وتستحق  الغضب وتستحق  ثورة  من  الغضب انا محقّة  في أمور  كثيره ولاأحزن أو أغضب من  فرااغ ....وأتعامل بحساسيّةوغضب  مع المواقف التي لاتعجبني وأصاب بحزن ومشاعر إكتئابيّة ليست  الي حد  المرض طبعا  ولكني  اتعذب بسبب حساسيتي  لكنهم يقولون أن أصحاب الشخصيّة الحسّاسة  نادرون وقليلون ومعظمهم  مبدعون  أو فنّانون وأنا أشعر ان هذة  الحساسيّة في شخصيّتي  تناسبني جدا في كتابة القصص والروايات لكنها تتعبني وتعذّبني في علاقاتي مع الآخرين سواء صداقةأو حب أو حتي زواج  لابد  لمن يعرف عني ذلك ان يعاملني معاملة خاااصةتناسب شخصيّتي الحسّاسه  مع أنهم  يقولون أن أصحاب   الشخصيّة  الحسّاسة التّي هي كشخصيّتي يمتلكون صفاات ناادرة ورااائعة في شخصيّتهم ولديهم إبداع وشفافية لايملكها غيرهم من البشر هكذا  هم إكتشفوا في الدراسات والأبحاث التي  أجروها على أصحاب الشخصيّة  الحسّاسه ...بمناسبة الحساسيّه  تذكرت ماقاله لي ( المدعو  هيثم جحشت أو تخرّفت,,,  عند  الحديث في  الموبايل  عندما رفضت  عرضة للزواج  مني فقال إنت عندك   حساسيّة  من  الزواج  وأعتذر لك وأعتذر لي فعلا  (قال حقّك على راسي ) لكنّه  جحشت هذا شخص سخييف وكرييه  وأنا أراه  حقيير وبصراحة  لا أطيقه)  المهم  هذا  الفيديو يوضّح  شخصيّتي فعلا أنا ايضا اتعذّب من الأصوات العالية  والمزعجة  وغيره من كل المذكور في الفيديو ..  بإستثناء  مايتحدث به   عن  الجوع  وإنخفاض  وغيره  هذا انا ليس لي علاقة به  لأني أصبر علي الجوع لفتره   طويلة  وصحتّي سليمة  وجيّدة جدّا ولا أعاني من شئ .. أمّا باقي الصفات في الفيديو  كلّها  موجوده لدي كلّها .لابد لمن يتعامل  معي أن يدرك أن شخصيّتي حسّاسةجدا  ويتعامل  معي على هذا الأساس  أو يخسرني  للأبد ...

هذة تقاسيم  عزف  على  آلة  (القانون)  التّي أميّزها عن باقي  الآلات عزف راااائع ...












                                      الشيء الذي لم يوجد بعد    (قصة  قصيرة)

   (من  النادر  ان  نقدّر  مانملك...دائما  نركض وراء  ماينقصنا فنخسر  مرتين)

تتلألأ النجوم بما فيها وليس بما نعطيها ..وانت النجم الذي لاتشبهه كل النجوم .. هكذا بدأت اول سطر في رسالتها ... لم تدري كيف تبدأ ؟..كيف تكتب ؟.. كيف تشرح ؟... او ماذا تقول ؟ وان وجدت ماستقوله ..كيف ومتي تقوله ؟؟ الآن تبدأ ..لا لا ..مازال الوقت مبكرا ..ليس بعد ... ثم فجأه وبإصرار ..لا ..بل الآن ..والآن أبدأ ... ثم امسك القلم بيدها !!!! وانسابت الحروف وتلتها الكلمات وانزلقت علي شفتيها العطشي لكل مافيه .. وكل مابه .. وجرت عذوبه الكلمات الشفافه تروي جفاف قلبها وتسقيه فينبت به نبت اخضر من الحنان والطمأنينه والسعاده ... انت نعم انت .انت من ابحث عنه .. تري لماذا تأخرت كل هذه السنواات؟..ومن اين اتيت ؟؟ولماذا تأتي الآن بالذات ؟؟؟!! وتساءلت بحزن يقطر من القلم ويسيل علي وجه الرساله ليغرقها في انين من الدموع ..

هل كنا علي ميعاد ؟؟واذا كنا كذلك ؟هل من الإنصاف ان تأتي الآن ؟ إستنشقت عبير الكلمات التي ملأعطرها ارجاء الورقه التي مازال اكثر من نصفها كبياض الثلج الذي ينتظر حرارة كلماتها ودفء عباراتها ليذووب من لهفه القاء .! واحتضنتها الكلمات !!!وفي عناق الحرف مع الحرف قالت له : إنّي اهرب من نفسي اليك .فاحتويييني ..خذني بين ذراعيك وضمني اليك ..ودعني اتأمّل عينيك .....

لكنني ماذا اري ؟ فدنا لها طيفيه من فوق السطور وهو يهمس في اذنها ماذا ترين؟ فإقتربت برهه ..ثم ابتعدت لخطوتين وهي مازالت تتأمل عينيه في خشوع مستكين مرتجف ! ثمّ اجابته وهي تتمتم بشفاه مرتعشه متألمه : اري في عينك الغدر ..اري انهما تلوّحان لي من بعيد وكأنهما تودعاني او ستفعلان ذلك بعد فتره ...ثم شردت الي البعييد القريب ! وهي تهمس لنفسها بألم مرتعد : إذا وغدا قريبا ربما يتركني او هو سيفعل ,,,حتما سيفعل .. لن يستمر في حبه لي ..

غدا او بعد غد سيخذلني ..سيقتلني بجفائه ..سيملّني ...نعم ..اخبرتني عيناه بذلك وحديث العين يصدق دائما ...اشتممت في تظراتهما رائحة البرود تلوّح لي من بعيد بيد ثلجيه تختبئ وراء ستار من العاطفه الدافئه ... وساعتها لن اجده ..ثم بكت وأجهشت بالبكاء طويلا ...وانتزعت يدها من يده بقسوه وبسرعه متوتره وهي تقول له بحزم : لا ..لن انتظر حتي تفعلها .فلأتركك انا ...لن ادعك تكسرني تخذلني ..لا لا لن أدعك ابدا ...وبصوت متهدج بالبكاء ونبرات متقطعه تمزقها سكّين الحزن البارده وهي تقول لن ادعك تخذلني ..بل لن اصدقك ..انا اريد الحبيب الحنون ..اتفهم ..الحنوووون ..اريده هو ..هو صاحب القلب الكبيير ..صاحب اليد الحانيه التي لاتقترب مني إلا لتمسح علي شعري كما اعتدت ان امسح علي شعر قطّتي الصغيره بحنان ..

يد لاتمتد إلا للعطاء ..للحنان ..فقط لتربت علي كتفي وعلي ظهري .بأنامل حانيه ... انامل تتحسّس خصلات شعري الطويل المنسدل علي اكتافي وتحركه مع الهواء يمينا ويسارا ... يد تغلف قلبي بدفئها وتتحسّسه دائما لتطمئن عليه ..لترعاه ..لتغذّيه بالحب والشوق ..كطفل صغير ...اريد هذا الذي يرعي قلبي ..يدفؤه... يحنوووو عليه ..يحتضنه ... وعندها ...ثم صمتت ..فأمسك هو بيدها ليعيدها الي صدره مره أخري وهو يهمس في أذنها الصغيره ويتحسس اصابعها بلمسات طوييله بطيئة حاااانيه : ومن قال لك اني لست كذلك ..من اخبرك اني لست هذا الذي تبحثين عنه ...تأملته في خشوع وبصوت مرتجف وهي تقول بنبرة متشككه:احتاج لمن يمسك بيدي ويضمني االيه ويقول لي كفااك حزنا ..فحزنك يتعبني ... آآه..قالتها وهي تئن من ألم روحها المتمزقه كقطعة قماش اهترئت علي مر الزمن ..

آه ثم آه لقد تخطّي الوجع في قلبي كل الحدوووود ..اقترب منها اكثر حتي أصبحت أنفاسه مممتزجة بأنفاسها وحتّي سمعت صفير أنفاسه يثقب اذنها ويخترقها متسللا او محاولا التسلل لقلبها ..لكنها نظرت وهي تحدق طويلا في عينيه وهي تقول وكأنها تخبره بما لم يتوقعه منها :لكن الغدر ذكر ...الكذب ذكر ...الغباء ذكر ...فقال وهو يبتسم بغرور : لكن الخديعة انثي ... البشاعة انثي ,,, والحماقة أيضا انثي...فبادلته النظرة بعناد وبثبات وإصرار وإقرار قالت : وانا ادركت ان القبح ذكر...فرد محاولا تهدئتها وبحنان ممزوج بلوعة قال ..لكني اري ان الطبيعة انثي ..

والسعادة انثي ... فشردت بخيالها بعيدا وقد سقط القلم بيدها بالتدريج كجبات مطر تهبط علي اسحياء من السماء وقامت بخطوات بطييئه وهي تتجول في غرفتها وتحوم حول الورقه وهي تنظر للقلم بتوجس اختلط بالعناد ومن ثم رنت في اذنها كلمات احداهن وهي تقول لها ذات مساء وبضحكاات تحمل من الإستهزاء اكثر ماتحمل من الثقه والتيقّن : اتظنيين انك ستجدين السعادة التي تحلمين بها مع رجل ..انت وااهمه ..انك تنبشين في الوهم وتفتشين في السراااب ...ان هؤلاء الرجال ياعزيزتي قلوبهم صناديق مقفله ..لايفتحها إلا هم ,,ووقتما ويريدون ..ثم اقتربت منها وبهمس كفحيح الأفعي قائله : وحدهم انهم وحدهم فقط من يفتحون قلوبهم واسرارهم وقتما شاؤوو ويغلقونها كيفما ووقتما يريدون ...ثم اعتدلت في جلستها علي الأريكه وبلامبالاه ..هكذا هم دائما ..

وما علي المرأة إلا التحمل والصبر ... فقد يرجع لها رجلها يوما سكرانا بخمر حب جديد او متعربدا في شهوة مثيره .. او غارقا مع متعة جديده ..ونظرت اليها وكأنها تواسي حالها اكثر مما تواسيها وأسندت رأسها للخلف وهي تتنهد : آآآه لكن الأنثي لابد ان تتحمّل ..نعم ..تتحمل ..وتحمله بين ذراعيها كالطفل الرضيع ..ولتصبر علي ركلات اقدامه في وجهها ..او لكمات يوزعها شمالا ويمينا بيديه الثائرتين مطالبا بغذائه او عندما يحل موعد إرضاعه ...لابأس لابأس فهكذا هو الطفل الصغير دائما مايفعل عندما يتذمر او يغضب ...وما علي الأم إلا تلبية رغبات طفلها ..حتي لو دلّلته ... كتمت هي غيظها وحنقها وهي تبادلها النظرات قائلة : وهي اين هي في حياته ؟؟؟ انا لااريد مثل مثل هذا الرجل المتبجح .. انا اريد ..وقبل ان تكمل اسكتتها وقاطعتها بإصرار ونبرة متحديه ياااءسه قائلة : لن تجديه ياعزيزتي ..

لن تجديه ... هو فقط من يريد ..ويحقق مايريده ..ان لم يكن بالترغيب فهو اذن بالترهييب .. وبهمهمة لاذعة وبتبرة تقطر بالحسره وبالمراره واليأس : قالت لها : ان المعركه دائما تنتهي لصالحه او قولي بالأحري لمصلحته ..ومصلحته الشخصيّة ...فهبت هي واقفه وبإعتراض شديد وهي تردّد كلماتها التي سكبت طعم الحنظل في فمها وبمرارة الصبّار وهي مازالت تردّد ...(مصلحته ..صالحه هو ...الترهييب )...وصرخ داااخلها بهلع مريب ..ثم عادت مسرعة للورقة وامسكت القلم وبطلقات ناريه من ومضات الرعد الذي اطل في سماء غضبها وسال قلمها بسيل أمطار متذمرّة وتداعت الحروف ثائرة من قلمها : لن يكون ذلك ابدا ..لن يكون ..ومهما يكن من أمر ..لن ايأس ..انه موجود ..موجود ...موجود... انه يسكن داخل روحي اراه واتنفسه ....اشعر بوجوده ,بحرارة أنفاسه تلذعني ..

قد لايكون مثلكم ..قد يختبؤ بينكم ... قد يظهر في نواياكم الطيبه,,ثم يعود ليندثر بين ثنايا نوايااكم الخبيثه ! قد ترونه كفلق الصبح المشرق عندما تنفرج اساريركم فيخرج بشعاعه ليضئ ارواحكم بصفاء ..وضياء ونقاء .... قد يختفي عندما يرتطم بصخرة جشعكم ويغرق بحر المادة الذي سقطتم به ثم لايلبث أن يعووود مرة أخري لينبعث من جديد عندما تصيح صيحة حق بداخل صدوركم لتنهاكم عن الجشع ,,عندها تنهمر دموع الضمير المشبع بآلاام الذنوب وحسرة الندم فيظهرهو وينبلج عنه صبح منير يداوي الآمكم ويربت بيد من حنان علي الصدور ليشفي مابها ويهدأ من روعها فتنبت بها بذور الأمل من جديد ... ثم عاد القلم ليسقط من يدها لتعيد كرة اليأس نفسها من جديد وترتدي ثوبها القاتم لتغيم علي وجهها سحابه من الشحوب والتوتر والحزن وقد تذكرت كلمات ذاك الرجل الأربعيني الذي يسكن خلفهم في البنايه التي تلاصق بنايتهم وقالت وهي تتنهد بصوت متهدج مكلوم بوجع مكتوووم واسندت ظهرها الي الكرسي للخلف وهي تقول : كم هو رجل جااف ..

متعجرف ..بارد الطباع ..لم اري مثل طباعه اللئيمه في حياتي ..وبحسره متألمه قالت( كنت احسبه علي غير ما لاقيت منه؟! كان يتعمد إذاء مشاعري كلما رآني يبتسم بغرور متبجح وثقة غبيه وقحه يقترب مني ليلقي علي سلامه الكريه ..آآه ..كنت اشعر ان السم يسري في عروقي كلما رأيته ..ياله من رجل مستهتر .اعزب متسكّع في هذه الحياه ولاهم له سوي مجالسة النساء واللعب بقلوبهن ... وبمراره قالتها: ثم ماذا؟... يأتي ليتقدم لخطبتي!!! ..ليعلن توبته علي يدااي ..؟ ثم دقت بيدها علي الطاولة أمامها وكأنها تدق ناقوس الخطر وهي تقول( كااذب ..كاذب ..لست هو ..انت لست هو ...ثم تضحك بسخريه ممزوجه بمراره قائله : وكلهم صدقوا توبته المزعومه .. صدقوا انه يريد ان يتطهر من ذنوبه امامي ..وانه يعترف بها فوق كرسي الإعتراف ليأخذ مني صك الغفران !!! يالهم من حمقي!..

وبتساؤل مشبع باليقين قالت لنفسها: ام انهم كاذبوون مثله .نعم نعم هم مثله ..يعيشون علي الخداع ..يحترمون الكذب ويقدسونه دون ان يشعروا بل دون وعي منهم .. هههه وابتسمت بغيظ وهي تتذكر انه أراد ان ينال منها عندما رفضته .. فلم يستطع ..ليتهم يعلمون ..ليتهم يفهمون ... قد اقترب منها ذات صباح وهي تعبر الشارع وتتلفت يمينا وشمالا لتتقي شر السيارات واذا بريح ثقيله هبت من جانبها واذا به يلقي بظله الباهت المليئ بالتجاعيد التي حفرتها ذنوبه واخطاؤه علي وجه ظله المقيت وهو يلقي عليها التحيه ثم يقترب كشاحنة مسرعه تريد ان تسحقها قبل تفتدي نفسها وروحها مباغتا إياها بسؤاله ( هل وجدته ؟) فالتفتت اليه باحثه عن معني كلماته بين عينيه فلم تجد سوي دخان من الشماتة والتشفي ينبعث من نظراته ..ثم سألته مستوضحة ..وجدت ماذا ؟ فأجابها بلهجة لاتخلوا من السخريه والتهكم الممزوجه بروح الدعابه والإستخفاف قائلا: ( المنتظر) ,,الم يأتي بعد ليأخذ بيدك الي حيث تريدين ..والي المكان الذي به تحلمين ؟ وقالت بضحكات متقطعه عاليه علا دويها في أذنها كصواعق ليلة شتاء ثلجيه قائلا : لكن يااااال طول ماتنتظريييين !!! ثم اقترب منها هامسا بتساؤل يقطر باإستخفاف ( هل تراه سيأتي حقا )؟؟!. لم تلتفت اليه بل انها حتي لم تسمعه ... تركته ومضت ..

مضت وهي غااارقه في هذا الطيف الذي ملكها وامتلكها ..حتي لم تعد تري سواااه.. حتي عشقت ذاك اليف الذي اصبحت تراه اينما توجهت ووجهّت ؟؟ عشقت طيفه ذابت به ...عاااشت بداخله ... سكنته وسكنها ... وامتزج الواقع بالخيال فأصبح حقيقة لاتنكر ؟! واصبح الخيال غارق يسبح في واقع واااقع لامحال ...فلم تدرك ايهما تصدق ا ايهما تصااااادق... كلاهما يتلقفها لتغوص كرة افكاارها واحلامها بلل ويقينها بين كلاهما لاتكاد تلتقطها يد اي منهما حتّي تطير بعيدا في سماء اليد الأخري ... ولم تعد تدري ! هل هي تنظر اللحظه التي ستعذب بها مثل غيرها او انها ستظل تنظر وتنتظر ..تتوجس وتتهيب وقوع تلك اللحظه دون ان تحدث وقبل ان تحدث ... !!! ان عذاب اللإنتظار ابشع الف مره من العذاب نفسه ...فهل يخرج مارد هذا الطيف من بحر الهوي ليقهرها بحبّه وعطفه وقوّته الحانيه وحنانه القوي ... لتستكين بين ذراعيه ولتهدا روحها علي شواطئ يديه التي تحيطها بسياج رجولته فتشرب من كأس عذوبته راضية عن طيب خاطر ..

.جلست يداها ترجف ثم جرت الكلمات من قلمها وسحبت انفاسها اللّاهثه وكأنّمها هي في سباق طوييل مع الوقت ..الزمن ..الساعه ..الأيام والشهور السنون ..كل يقل لها هيا لاتترددّي اسرعي في اتخاذ قررراتك ..ولا تأخرّي او تؤجّلي خطواتك ..هيا قرري مصيرك الآن ..والآن تحديدا ..كفاك انتظارا ..فإما ان يكون مصيرك صائر الي ملاك او الي هلاك ...

لم ترد يوما ان تنزل الي سوق الجواري ..لم تشأ يوما ما ان تبيع حلمها لمن يدفع الثمن الأكثر ...لن تهدي هذا الطيف إلي من يلبس القناع الزائف ثم لايلبث ان يتحول الي كائن احمق ..غريب عنها .. قريب منها لكنه بعيد عنها !! وطوت صفحه الورقه كطي السجل ... وقفزت اوراقها بسرعه ارنب بري يخشي الصياد ان يلمحه او يلتفت اليه واختفت بين طيّات المظروف الذي كان بالرغم من صغرحجمه بدا امام عينها كعاالم واسع مهيب! ..

مليئ بكل ماتحتمله النفس ومالا تحتمله ... وما تسعه كل القلوب ومالا تسعه! وجدت نفسها فجأة امام صندوق البريد ..ولم تدري كيف قفزت كل درجات سلم البنايه ..

مع ان مصعد البنايه كان معطل الاّ انها هبطت الي ارض الشارع بسرعه البرق التي تسبق كل المصااعد !!! كيف حدث ذلك لم تدري ؟! بل تعد تعقل او تسمع شئ ممكا يدور حولها .. ولم تر امام عينها سوي وميض تلك الرساله الصغيره الذي يلمع بريق حد السيف الجديد المتعطش للبتر والقطع ! نعم بتر كل الأكاذيب .. وقطع الشك باليقين ... لحظة حاسمه .. وسط حقيقه معتمه في سماء غائمة....

لحظه تشق غبار كل صمت وتسمع كل صوت .. ستصل رسالتها ..حتما ستصل ..وسيستلمها من هو احق بها ..إنّه يعلم أنّها ستصله يوما ما !..هو بإنتظارها ولا بد انه مستلمها .. لن تصدق اقاويلهم المحبطه ..لن تبيع الصدق بالأكاذيب .. ستقوم مهما سقطت وستعلو مهما هبطت .. يكذبون الصدق عندما يصدق الجميع الكذب اما هي فلا... فلكل جرح دواؤه ولكل طير هواؤه .....

بقلم  الأديبة/ منال خليل








   نشر في 03 شتنبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا