شريك الوعي بالحيـــــــاه (الجزء الأوّل) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شريك الوعي بالحيـــــــاه (الجزء الأوّل)

نظرية التطوّر في الزواج....

  نشر في 27 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

هناك سبب وجيه دفعني أن أكتب هذا الموضوع ، و هذا بعد أن قرأت مقالين يصبّان في قالب واحد و يتحدّثان عن الزواج. الأوّل هو:"لماذا يتزوّج غالب المثقفين" للكاتب: محمد ابن إدريس العلمي ردّا على مقال للكاتبة سلمى عزّت المعنون ب" لماذا لا تتزوّج المثقفات؟"

ملاحظة :"يرجى قراءة المقالين لكي يفهم القارئ ما أصبو إليه"

لست هنا لكي أبدي أي نقد لكلاهما فلكلّ واحد منهما له وجهته الخاصة في هذه الأمر على حسب خبرته و "ثقافته" و اعتقاداتهما سواءا كانت خاطئة أو صحيحة كما يراها كلّ قارئ و لكنني هنا لأعط وجهة نظر لعلّها تضفي  بعض المفاهيم من زاوية أخرى و حبّذا لو بدأت تعليق خفيف مع إحترامي لكلّ كلام قاله كل واحد و تفاعلت معه في النهاية.. فالثقافات كلّها نسبية و مختلفة في المحيط الواحد و تتغيّر مع العمر و الخبرة في الحياة...

لا جرم أنّ المثقف الّذي كتبا عنه كلاهما هو ذلك الّذي شغل كل وقته بأفكاره و قراءاته و بحوثه في الجامعة أو في المكتبات و نسي معنى الحياة، قبل أن أضيف تعليقي قرأت مقالهما بتركيز شديد وارتحت لرأي" الفنانة التشكيلية سلمى" حين قالت في مقال سلمى عزّت:

 "هذه الصورة القاتمة ترجع في الغالب إلى الرجل والمرأة معاً، دون انحياز لبنات جنسي، فالمرأة المثقفة يعيبها أحياناً  إنشغالها بذاتها و طموحها و تثقيف نفسها، لهذا يهرب منها الرجال... "

و في الحقيقة يجب أن نسأل لماذا يهرب منها الرجل و هل فعلا يهرب منها أم هي الّتي ترفضه؟

قد يكون رأي تلك الفنانة التشكيلية جرّاء فهمها لمعنى الارتباط لأنّها متزوجة قبل كل شيء، أي أنّها فهمت وعاشت الحياة الزوجية، و الأصل في المرأة المثقفة في بحثها على طه أو هيكل أو محمود أو أندريه ليس أن يشاركها أفكارها،"الرجاء قراءة المقالين لكي يفهم القارئ توضيفي لبعض العبارات " إن هي فعلا تبحث عن ذلك فالأحرى لها أن تضحي بعزوبيتها من أجل أفكارها الوهمية، و لست هنا لكيّ أجرّم "مي زيادة" أو أي مثقفة لم تتزوّج بعد، كل السرّ يكمن في فهم المرأة القصد الشرعي من الزواج و سنة الحياة. وهناك من المثقفات لم يسعدن بعد "بالنصيب" كما نسميه في لهجتنا المحلية  ، ليس لبحثهن عن الأفضل بل لأنّ القدر شاء لهن ذلك...و أتمنى أن تحظى كلّ واحدة بشريك بعد طول انتظار...

انّ عطاء المرأة و الرجل لا يكون إلاّ بسكينة و طمأنينة لن تكون إلاّ بعد زواجهما، فلا يعقل أن يكون هناك نسب تنافسية تضمن أنّ النساء أكثر ثقافة و وعياً من الرجال،فتضمن لها أنّها تتربّع على عرش العلوم. و لا حتى إن كانت خطوات الانسان على سطح القمر بقدم رجل تضمن له التفوّق على المرأة، فقد تكون هي بطموحها من أوصلته الى ذلك.

يجب أن نعيد النظر لهذا الموضوع من زوايا جديدة لم يقف عندها البعض لكي تتضح الرؤيا أكثر و نقف معاً و ننظر الى نفس الجوهر، "ماهو الزواج و ماذا يكون بعده و ماذا نجني بعده؟".

و لنسأل السؤال مرة ثانية بصيغة أخرى كيف يكون الزواج ناجحا في ظل التناقضات الجديدة في العالم و الّتي أعلم أنّ الكثير قد فهمها...

ألم يتزوّج قبلنا أناس لا يحملون شهادات و لم يكن الواحد فيهم يقرأ أو يكتب؟

ثم نتساءل أيضاً ، كيف نجح الزواج في ظل الاعتقادات و العرف القديمة برغم الخلاف الذي كان بين الطرفين و خلف بعدها جيل مثقف واع؟ إن نحن وضعنا أنفسنا في خانة الفهم التّام للثقافة، ألم يكن من بعض أولياءنا أناس عاديين لا يملكون أي شهادة، فهل كانوا يملكون عصاً سحرية ؟

أولا علينا أن نعرف معنى الثقافة:

يقول عنها المفكّر مالك بن نبي: الثقافة تتعرف بصورة عملية بأنها مجموعة من الصفات الخلقية و القيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته و تصبح لا شعوريا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه؛ فهي إذن " المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه و شخصيته.

.. و الثقافة تعطي العلم، إنها تعطي السلوك و الغنى الذاتي الذي يتواجد على كل مستويات المجتمع؛ و الثقافة تعطي امتلاك القيم الإنسانية التي تخلق الحضارة.

يقول "نيتشه": إن الإنسان الحديث ليست له ثقافة يمكن أن يدعي أنها ثقافته. لأننا نملأ حياتنا بعادات غريبة عنا. نستخدم فنونا وفلسفات وديانات وعلوما، كلها أشياء لا تخصنا. نستخدم ونسيء استخدام التاريخ. نهضم الماضي ونجعله يملأ رؤوسنا وعقولنا، لكي نبني به حاضرنا وحضارتنا. التاريخ عبء ثقيل مميت لحاضرنا ومستقبلنا.

يقول نيتشه إن التعليم بصفة عامة يعطينا معلومات ثقافية، لكنه لا يثقفنا كما يجب. الإنسان المتعلم حسب مفهومنا، هو الإنسان الذي يحفظ الكثير من المعلومات، بدون أن يحيا حياة جمالية روحانية

في التعاريف الفلسفية لكلمة ثقافة: هي ذلك الشيء الذي أحدثه الانسان في محيط ما، سواءا كان نمط سلوكي أو تفكير معيّن أو حتى في وضع قوانين معيّنة أو "اتيكات" في طريقة لبس أو تسريحة شعر أو كلام، أو اختراع و هذا ما نراه حــاليا، الفرق الواضح بين جيل القرن العشرين و الواحد و العشرين ، أي أنّ كل ثقافة لها زمنها المحدد و انتشارها على حسب ذلك المجتمع و إتصاله مع المجتمعات الأخرى... و حتى لا نبتعد عن الموضوع لابدّ أن نفهم وعي الفرد لثقافة مجتمعه، و هل يقبلها وهل يريد تغيرها أو يحدث فيها نمط أخر يساعده على التواصل مع الثقافات الأخرى...

وماذا عن المرأة الواعية، لماذا لا نتحدّث عنها، و التي ربّما حين تتزوّج تكون أكثر نضجا و حلما و أكثر فهما لزوجها، فلا تقف في مناقشات "أندرتريالية" تنتهي بمسك من الشعر و لا تكون عبدة مأمورة تلبي حاجيات زوج مستبد لا يرحم لا أنوثتها و لا عقلها في فهمها لبساطة الأمور إن هي لم تكن لها دكتوراه في علم اللسانيات العصبية أو الفيزياء أو المنطق الدستوري أو نظريات التطوّر الذري في الكون أو تستطيع أن تميّز بين كلّ تدرجات الألوان في الطبيعة بدقّة أحسن من الرجل و هذا كما أظهرت العلوم الحديثة....

متى تتوقّف المرأة العربية أو أي امرأة في العالم على هذه المواجهة و كأنّها تريد أن تنتقم لنفسها لعهد مضى و لن يعود حيث كانت بقوّتها تعتبر آلهة، و كيف كان يعاملها الرجل ثمّ مضى عليها الدهر فأصبحت سلعة تعرض و تباع و تقدّم هدية و بعد أن كانت رمزا للحياة ...

و متى يكّف هذا الرجل علن جبروته أمام ضعفها أمام بطشه و نسى أنّها كانت أمّه و أخته و ستكون ابنته؟

وما هو النقاش الذي يدور بين الزوج و زوجته فعلا؟ بعد الزواج" ليست لي أي خبرة في ذلك طبعاً "

هل فعلا تناقش المثقفة زوجها المثقف في كيفية تربية الأطفال في عصر أصبحنا لا نستطيع أن نسيطر على سلوكيات الطفل في ذلك التطوّر الهائل و السريع ،و الذي برغم( ثقافتنا) لا نسايره، و هل يستطيع أن يفهم الأب المثقف معنى الحب لإبنته و ابنه دون حرج؟ و لماذا يقتل الأطفال في سوريا  و في مدارس أمريكا؟

و لعلّها تناقشه في أسباب الحروب التي تنتشر في كلّ بقاع الأرض،و من يقودها و من يستفيد منها و من هو الأقوى ومن هو الأضعف ...وهل تناقشه في فوز المنتخب الأرسلاني على نادي الزمالك أو نجم الساحل ،و هل سيكتفي هو بالصمت بعد أن تنتحر الممثلة في مسلسل أحرق أعصابه لأنّه أخذ من وقت زوجته فلم تنتبه لأولادهم...

وهل فعلا تكمن النقاشات دائما في سعر الخضار و فاتورات الكهرباء،كما يقول البعض أو النقاشات السياسية؟ و ماذا لو تزوجت مثقفة رجلا يميني و هي يسارية؟

و هل فعلا يخاف الرجل المرأة المثقفة، فيهرب منها  كي لا يقع في نقاشات تهزمه دائما المرأة لأنّها أكثر ثقافة منه أو أكثر وعيا منه ؛ فيبحث عن أي امرأة عاملة تملك أجرة شهرية و لا يهمّه إن كان القمر أبيضا أو أسوداً أو كانت تتقن العربية أو الفرنسية أو البرتغالية مادام هو من يستحوذ على الشيك و هي عليه... لا أقول كلّ الرجال يفعلون ذلك و لكن هناك من يفعل ذلك و ربّما بقبول المرأة بذلك النوع من  الإرتباط...

لكن الغريب في الأمر كلّه  أنّ هذا الجيل الّذي يعتبر نفسه مثقفا لم نسمع أبداً أن وقفت زوجة أمام القاضي تطلب الطلاق لأنّ زوجها رفض نظرية التطوّر أو أنها لا تستطيع أن تعيش معه لأنه يطفء نورها كالنجم الثاقب و لا يفقه نظرية نيوتن و الزمن و الفضاء الكوني و لا حتى معادلة نموذج بلاك - شولز، الّتي لا أفهمها أنا شخصياً.

و هل حصل أن طلّق رجل زوجته لأنّه وجدها تخونه و تقرأ لتولستوي و "بكوفسكي" و" شارل ديكنز" و "دان دليدو" بدل أن تقرأ  "لأنيس منصور" أو "المتنبيّ"  أو "غرسيا مركيز" و "الجاحظ" و "مصطفى صفوان"، هل حصل و أن سمعنا بجريمة قتل حصلت و وجدوا القتيل ممسكاً بمجلة" العلوم و الحياة " العالمية أو "نصيونال جيوغرافي"و هل سمعنا أنّ أحدا ما ترك ميراث قدره مليون كتاب قرأه لأولاده.؟ طبعا لا...

ما معنى أن يبقى الصراع بين الرجل و المرأة من هو الأفضل؟ و أكاد لا أفهم هذا التناقض بينهما حين تتكلّم عن أحلامها و حتّى هو كذلك تقول: أبحث عن نصفي الأخر، يعني لم تكتمل ! من دون ذلك النصف، و هل هو يكون نصفا كرويا أو مربعا أو مستطيلا في هندسته الرجولية المشؤومة ؟

يتبع....

و.عبد الحميد/ يوميات مهاجر في الشّمال الفكري، عفوا الشّمال الأمريكي


  • 7

   نشر في 27 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

الثقافة : اشعر انكم عندما تتكلمون عن الثقافة وكأنكم تنظرون الى الاخرين الغير مثقفين نظرة دونية ، وكأن الثقافة محصورة في العلم والعلوم والفيزياء وفي روايات الكتاب الذين كنت قد سردت أسماءهم ، يمكنني ان أقول لك انني لست مثقفا ولست قارئا وهذا لا يمنع ان استطيع ان أكون زوجا محبا متفهما متقبلا وللحقيقة ، الجمال والشياكة والمظهر الجذاب يمكن ان تنسي المرأة المثقفة كل الرسومات وكل الأفكار التي تكون قد رسمتها في الزوج المنشود ، وللحقيقة داخل البيت لن يكون هناك نقاشات عن الأبحاث سوى القليل وعن الاخبار سوى القليل وعن جميع الأشياء سوى القليل ، اهم شيء سيكون هو العواطف في المراحل الأولى من التعارف ومن خبرتي يمكنني ان أقول لك بأن لكل مرحلة من الحياة تجعلك تركز على قضية ما وتنسى أخرى ، وعندما يرزقك الله أطفال لن تخوض نقاشات كالسابق ولن يكون لديك وقت للحب وللعواطف كالسابق ، سيكون هناك صراع اخر وهو العلاقة الرجل يريد والزوجة تتذرع ، بعدة أشياء منها انها متعبة ، ليس الان ، بعد قليل ، لقد قمننا بالأمر قبل مدة أي اربع أيام او اكثر ، عندها يصبح الرجل يرغب في المزيد وسيتم التهامه بان الرجل عينه زائغة وانه اناني وانه لا يفكر بالزوجة ، وانه يحب نفسه وانه فقط يريد ان يقضي رغبته ، ووووو ولكن الخبر الصادم بان الموت يحصد الرجال وسيكون هناك شح بالرجال ومن تحصل على واوحد فهي ملكة ، فاغتنموا الفرصة قبل فوات الأوان وهذا حديث للنبي صل الله عليه وسلم .
1
عبد الحميد وراد
شكرا، على مرورك الكريم، أعانك الله في طاعته و في حسن رعيتك لأهلك و أن يرزقك السلامة و الطمأنينة.
أستاذ ي عبدالحميد استمتعت بقراءة اطروحتك ووجهة نظرك في الموضوع.. تطرقت لنقاط وافكار مهمة ! اظن ان موضوع الزواج ونجاح العلاقات متعلق بالفرد، كيفما كان المستوى الفكري والاجتماعي.. وبمستواه الانساني و استعداده للتضحية والابتعاد عن الانانية لخلق المودة واسعاد الطرف الاخر لتحقيق الغاية من الزواج
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا