كان احد ايام شهر دجنبر في مدينة وجدة, كنت امشي في شوارع المدينة و هواء بارد يلفح وجهي فاسرع الخطى لاستقل الحافلة .فجاة, تتعلق عيناي بمشهد طالما تكرر امامي لكني لا اعلم لماذا شدت اليه حواسي بذلك الشكل. تجلس على قارعة الطريق فوق قطعة كرطون ربما لا تقيها لسعات البرد, لكنها على الاقل توهمها بذلك .تمد يدها التي تجمد الدم في عروقها و فقدت الاحساس بالحياة كما فقدته صاحبتها. وسط هذه الصورة المظلمة, وجدت اخيرا ما شدني: عينين واسعتين شديدتا السواد تتوهجان كمصباحين ينيران تلك البشرة السمراء;هكذا تبدو ملامح الطفلة القابعة بين يدي المتسولة, متمردة, متوحشة,قاسية الجمال, تاسرك و تمنعك من الاقتراب كانها تقول" ابق بعيدا!".مشهد يعكس مزيجا رائعا من التناقض و الانسجام و ان كان لا يجوز التغزل بمشهد ماساوي, فخلافا لملامح الطفلة المتوهجة, فتعابير العجوز تبدو باردة كما لو انها عاشت مرتية فالنطفئ شغفها بالحياة. لا يبدو عليها انها تتوقع مغامرة شيقة لهذا اليوم كان يضع احدهم ورقة من فئة مئة درهم في الصحن امامها, فكما يستيقظ طالب لحضور الدروس الصباحية, و كما يستيقظ موظف للالتحاق بمكتبه,تستيقظ هي كل صباح لتحتل تلك البقعة من الرصيف, تمد يدها, تمطر كل من وضع شيئا بالصحن بدعوات للصحة و الرزق و العمر الطويل و تردد بعض العبارات المستعطفة للناس و لو كانت بلا جدوى, انه بروتوكول المهنة!
بين الحين و الاخر يمر امامها احد اولئك الرجال بلحيته الطويلة و جلبابه الفاتن.في الماضي كانت تتهلل اساريرها لرؤية احدهم فقد كانت تحلم بان تحصل منهم على اكثر من عشرة دراهم, لكنها الان تشمئز كلما اشتمت رائحتهم فكلامهم عن الزهد و امتلاكهم سيارات الليموزين يعكس تناقضا مقرفا.دائما ما يعتقدون انهم سيشترون الجنة بوضعهم لدرهم او اثنين في صحنها, لو كانت تملك الجنة فلما ستبيعها ?
-
بشرىالاسم : بشرى السن : 23 سنة العمل : مهندسة
نشر في 05 مارس
2017 .
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
حسن غريب
منذ 4 يوم
وتوالت الذكريات
قصة قصيرة /وتوالت الذكريات بقلم:حسن غريب أحمدكاتب وناقد مصر__________________________________قالت له ذات يوم : ولدى لا تغادر .. أنت جسر البيت .. نظر إلى الأفواه الجائعة فى الخارج .. كانت حبات المطر ترسم شكلاً ما فوق النافذة .. المدفأة تصدر شخيراً مخيفاً
أشرف رضى
منذ 1 شهر
nessmanimer
منذ 5 شهر
soumia kartit
منذ 6 شهر
soumia kartit
منذ 8 شهر
آلاء غريب
منذ 8 شهر
Mais Soulias
منذ 8 شهر
د. يـمــان يوسف
منذ 9 شهر
Rim atassi
منذ 1 سنة
آلاء غريب
منذ 1 سنة
عزة عبد القادر
منذ 1 سنة
وليد طه
منذ 1 سنة
رسالة حب خائفة
قصة قصيرة جلس أمام مكتبه يعيد قراءة الرسالة التى انتهى من كتابتها للمرة العاشرة عله يجد ما يمكن أن يحتاج لتعديل أو تبديل وفى الحقيقة هو فى كل مرة يقرأها لا تواتيه الشجاعة أن يرسلها فيتردد ويعيد قراءتها مرة أخرى
عصام
منذ 1 سنة
ماذا أرى
غابت الشمس، و غاب معها احساسي بحقيقة الأشياء، هناك نوع من اللهفة يسيطر علي كلما اقترب المغيب، تلك اللحظة حينما تمتد يد الغيب لتضع ذلك المنظار على عيني، فتبدأ مظاهر الأشياء بالتبدل، أو لربما تعود للتشكل بهيئتها الحقيقية التي
مريم غربي
منذ 1 سنة
صلاة الحب و النصر
فتح عينيه بصعوبة فبهره الضوء الساطع متدفقا إلى خلايا عينيه المورمتين..صدرت عنه آهة خفيفة قبل أن يبسط كفه فوق عينيه محاولا حجب الضوء...حينها تم جهره بالضوء أيضا! قضى أياما عصيبة وهو معرض للضوء الشديد دون أن يستطيع إغماض عينيه
لطيفة شوقي
منذ 1 سنة
جلال الرويسي
منذ 1 سنة