تقف امام المرأة و هي تتأمل عيناها السوداء الجاحظة التي تشع منها جمالآ و رقة.. شعرها الاسود الحريري الذي كسته شقرة خفيفة.. بيضاء البشرة كبياض الخيل العربي تتانق وجنتيها حمرة الخجل..
تكني بين معشر فتيات القبيلة بحور المها لما ملكته اياه من جمال و فتنة الخيول العربية...
تتسلل ليلآ بين الظلمات و هي تحمل الجرة لتسقي المياه من البئر.. لم يكن لها ان تزاحم الرجال و الفتيان نهارآ فعمدت الي الليل...
كانت تسير بين هضبات الجبال و هي تنظر خلفها خلسة ان يراها احد...
كان يمتطي خيله الابيض ليلآ و هو يجول القبيلة.. ابن شيخ القبيلة فارس شبابها من له الجاه و النسب و بات حلمآ لفتيات القبيلة..
شعره الاسود القصير الذي كسي رأسه بخفة و عينه السوداء الواسعة التي تشع منها بريقآ.. يكني بين شباب القبيلة جياد الفارس.. لما صال و جال بمروءة في المعارك حماية لارض و عرض القبيلة..
حدثتها نفسها ماذا لو فرت بالجرار لتشهد عرض القبيلة المجاورة... لن يضيع الوقت كثيرآ و ستحقق حلمآ عالقآ في مخيلتها البريئة منذ صغرها..
ام الصبا كما عهدتها في صباها امرأة ثرثارة تجوب في حديثها سيرة شيوخ القبيلة و نسائها.. من بين احاديثها الطويلة و العريضة تحكي لها كل مرة عن - جياد الفارس - فتتشوق الصبية لقصصه...
تبعتها بين الدروب الجبلية منزلها الجبلي سكني الهضبة الموارية للتلال.. احضرت لها ما طلبت عقد اللؤلؤ المرمري و هي تمني نفسها - بجياد الفارس -..
اسكنتها المرأة - ام الصبا - بساط الارض.. نظرت عيناها الي اللؤلؤ المرمري و ارتسمت وجنتاها بالضحكات.. حدثتها حديثآ مغايرآ لما ارادت.. اعطتها لحاف من الجلد الصغير المطوي و نصحتها الفرار الي المدينة.. بدي الامر - لحور المها - دربآ من الجنون.. كيف يمكن لابنه حكيم القبيلة ان تفر و تجلب العار الي القبيلة... اعطتها الزاد و الزواد و امدتها بالخيل العربي الابيض.. كانت تتأنق في رحلتها الغريبة و هي لا تدر اين تقودها حفي الخيل...
تبعد المدينة عن القبيلة مئات الامتار و - حورالمها - تتانق خيلها وحيدة في ظلمات الليل..
قطع الطريق قاطع الصحاري المعروف - ابي الدنيا - انزلها من خيلها عمدآ و سلب و رجاله ما معها من عدة و عتاد ضم الخيل الي خيوله و اقتاد - حورالمها- اسيرة و انزلها في دياره..
بات كرم الضيافة حتي مع الاسري رفيق القبائل العربية.. قدم لها ما شائت من الثريد و اللحوم و سكنت افخم الغرف المزودة بالابسطة و الاكلمة.. عرفها منذ رأها - حور المها - ابنة حكيم القبيلة.. كان ينظر اليها متسائلآ عن هروبها من قبيلتها.. قصت عليه القصص و سمع ما عندها من حديث امسك الجلد المطوي و قرأ ما فيه ليبيت عليه الدهشة..
قادتها المرأة - ام الصبا - الي المدينة الجبلية المجاورة حيث - جنيد المقداد - امير المدينة الذي هام - بحورالمها - مما سمعه عنها من اخبار الجمال و الحسن..
اعد لها الخيل المهودج و زادها الموءن و الغلال و اتي معها غلام صغير خادم لها.. حتي وصل الخيل امام قصر الامير..
لم يصدق الامير نفسه ان الغجرية - حور المها - تستأذنه ضيفة عنده انزلها بافخم القصور.. فرشت الاكلمة و البسط.. و اعدت الموائد من الثريد و اللحوم و شتي الطعام.. هالها ما رأت من ثراء فاحش.. سبيت لديها الجواري و الغلمان و تبين اميرة تستقبلها الوصيفات.. و تحسدنها الفتيات علي - جنيد المقداد - امير المدينة و فارسها و بطلآ لكل الفتيات..
الا ان - حورالمها - لاذلت حزينة تآبي فراق والديها.. اتاها والديها بطلب الامير..يقترب منها ابيها غاضبآ محاولآ قتلها ترتجف - حورالمها - و تتواري خجلآ من قبيلتها.. تعلن القبيلة عن مجئ الفرسان يتقدمهم - جياد الفارس - الذي خطف قلبها سابقا.. كان يجول و يجول و قلبها يختطف معه حتي آلت المعركة للقبيلة و اجتث - حورالمها- زليلة تجر من الخيول و قد قيدت قدماها و تصاعدت منها الدماء.. بات المنظر مؤلمآ علي - جياد الفارس - الا انه لم يستطع ان يفعل شيئآ امام اباها..
حبست في غرفة وحيدة و هي مقيدة بالحبال منعها اباها من الطعام و الشراب الا ان امها رأفت بها فكانت تحضر لها القليل من الطعام و الشراب ليلآ بعد خلود زوجها الي النوم..
كانت تبكي عليلة و قد آل بها المرض.. وهن الجسد فاستدعت المرأة طبيبة صديقة التي اعطتها بعض الادوية اوصت امها بالطعام..
كانت - حورالمها- خائفة لا تدر ماذا سيحدث لها الفتيات الاتي تمردت من قبل كان مصيرها الموت.. فماذا سيحل بها..
طرقات علي باب المنزل فيتجه حكيم القبيلة ليجد - جياد الفارس - و معه ابيه شيخ القبيلة كانا قد طلبآ يد - حور المها - لجياد الفارس - فال الامر جيدآ لحكيم القبيلة ليتخلص من ما فعلت ابنته - حور المها -
زف اليها البشير زفافها علي - جياد الفارس - انفرجت اساريرها بعد نجاتها من ابيها و زفافها الي رفيق القلب - جياد الفارس - كانت خائفة هل سيكون رحيمآ بها ام يأسي عليها لما جنت..
اركبها الهودج اعلي الخيل و امتطاها امامها ضحك اليها و هو يقول :
اعلم انكي فعلك يسبق تفكيرك. و لكنكي من هوي الفؤاد عزيزتي..
تتأنق بضحكتها الخجلة فتحمر وجنتيها الرقيقتان و هي تبتسم بخجل تنظر عيناها لابيها فتلمح سعادة يكاد يخفيها.. تقول برقة :
اما انت فابي الذي نشأت في رعاه فسامحني.. علي ما جنيت..
يقترب منها اباها بابتسامة يربت علي كتفيها :
قلبي كان يتمزق لاجلك يا صغيرتي... لم اكن انام الا بعد ان اطمئن ان امك قد ارسلت اليكي الطعام و الشراب..
يتدخل - جياد الفارس - ضاحكآ :
احم احم... انا هنا معذرة هيا نتجه جميعآ الي مراسم الزفاف..
تتأنق فتيات القبيلة باثوابهم البهية تتوسطهم - حور المها - و هي رقيقة بثوبها الابيض الجميل.. تنشد الفتيات اغاني القبيلة. و يتعالي اصواتهن بالتصفيق. توزع الولائم علي الحضور ما لذ و طاب من الثريد و اللحوم و الحلوي..
اما شباب القبيلة فقد اصطفوا بعبائتهم حول - جياد الفارس - و هم يضحكون و يمزحون معه. يسمعن غناء الصبايا و هن يصفقن بابتسامة...
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب