كان أينشتاين يقول إن قصر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق و التخصص يؤدي إلى عزلة العلم و بالتالي موت روح الشعب الفلسفية و فقره الروحي. تطبيقا لهذا المبدأ لم يبخل أينشتاين بمد العلم بسلسلة من المعادلات لإثبات نظرياته التي أحدثت ثورة في مجال الفيزياء و أهمها نظرية النسبية.
إن كل إكتشاف و كل ثورة في أي مجال ترتب عن مجموعة من التساؤلات و الإستفهامات: هل نرى الدنيا على حقيقتها؟ هل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد؟ هل يمكننا أن نجزم أن جسما ما يتحرك و أن جسما آخر لا؟كانت هذه التساؤلات هي من قادت أينشتاين إلى إكتشاف نظريته التي حطمت اليقين العلمي القديم و غيرت الصورة الموضوعية للعالم.
و نظرية النسبية ليست كلها معادلات و إنما لها جوانب فلسفية و هي تقوم على أربعة أبعاد رئيسية:
المكان:
كان أول سؤال تبادر إلى ذهن أينشتاين حول إمكانية إثبات حركة بعض الأجسام و ثبات بعضها. حيث أنه من غير الممكن أن تحدد موضع أي جسم على الأرض لأنها تدور و لا بالنسبة للشمس فهي الأخرى غير ثابتة و لا المجرة بأكملها فهي في حالة حركة دائمة. إذن فتقدير وضع أي جسم في المكان مستحيلا و إنما هو في أحسن الحالات يقدر له وضعه بالنسبة إلى متغير بجواره.
الزمان:
يذهب أينشتاين إلى أن الزمان ينقسم إلى قسمين: زمان نتداوله في معاملاتنا و نعبر عنه بالساعة و اليوم و الشهر. و زمان نفساني داخلي يشمل كل فرد منا و لكن بصفة خاصة لا يمكن قياسه و لا مرجع له سوى صاحبه (الزمن الوجودي كما يصطلح على تسميته بعض الفلاسفة). و يهتم أينشتاين بالقسم الأول في نظريته; إن كل الساعات مضبوطة على النظام الشمسي و هو ليس النظام الوحيد في الكون إذ يمكن الإستناد إلى كوكب المريخ لإيجاد زمان مختلف. و بهذا ينتهي أينشتاين إلى أن الزمان مقدار متغير في الكون و أنه لا يوجد زمان واحد للكون كله.
الكتلة:
أثبت أينشتاين أن الكتلة نسبية مثل الزمان و المكان و هي مقدار متغير بحسب حركة الجسم. و قد إستطاع أن يقدم المعادلة الدقيقة التي تبين العلاقة بين كتلة الجسم و سرعته. و قد أثبتت التجارب أن القذائف المشعة التي تقذفها مادة اليورانيوم تزداد كتلتها بما يتفق مع معادلة أينشتاين.و بناءا على ذلك خطا خطوة مهمة في تفكيره تفيد أن مزيدا من الحركة تعني مزيدا من الكتلة و بالتالي فإن الكتلة خواء إسمه الحركة...
المجال:
في هذا البعد الرابع يكشف أينشتاين حقيقة مهمة: الزمان غير منفصل عن المكان و إنما هما نسيج واحد هو المجال. و بذلك يعود لينفي نظرية نيوتن القائلة بتأثير الأجسام عن بعد, و يقول أن الأجسام تخلق حولها مجالا. و الفضاء حول أي جسم يتحدب و ينحني بمقتضى خطوط المجال.
أراد أينشتاين أن يبحث عن قانون يوحد قوانين الكون إستنادا إلى إحدى الثوابت الكونية و هي سرعة الضوء الثابتة التي كانت الشرارة الأولى في بحثه عن هذا القانون. و نجح في ذلك حيث كانت نظريته مرجعا لتفسير الظواهر الكونية و منطلقا للعديد من التطبيقات مثل القنبلة الهيدروجينية. و قد قام ببرهنة كل فكرة في نظريته بسلسلة من المعادلات و الحسابات. إذ من أول وهلة تبدو أفكاره قريبة إلى الجنون و الهذيان. و يعود ذلك أساسا إلى قصر حواسنا إذ يجب اللجوء إلى التخيل. كذلك تعودنا على الآراء الخاطئة و الأحاسيس المألوفة التي تولد رهبة من البحث عن الحقيقة.
-
إيمانأما ما يُكتب فيبقَى وأما ما يقال فتذروهُ الرياح
التعليقات
شكرا ايمان
طبعاً لا يمكن ان ننكر فضل اينشتاين الكبير وتمهيده الطريق للعلماء اللاحقين لإكمال المسيرة فالعلم لا يتوقف عند الاشخاص وبعكس العقائد الايديولوجية الجامدة .. تحياتي لك