تحت ظل العرش 2 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تحت ظل العرش 2

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ

  نشر في 03 ماي 2018 .

و لله في كونه تدابيرٌ .. تجبرُ قلوب المؤمنين و تدك قلاع الجبابرة 

اقتضت سنة الله في أرضه ، أن الحق لا يُغلب حتى و إن طال أمد الجبابرة المتكبرين ، و آيتنا اليوم ، أكبر مثال على سنة أمضاها و يمضيها المليك ، سنة تستعد لها الأرض دوريا .. 

المستضعفون في الأرض اليوم بعض من سلسلة ابتلاءات منذ بداية التأريخ .. و قصتنا اليوم ، قصة رسول من أولي العزم شاء الله عز و جل أن يولد لأسرة مؤمنة ، في زمان حكم أكبر متجبر عرفه التاريخ البشري ، فرعون الأكبر ، الذي كان يدعي الالوهية .. 

في ليلة من الليالي ، رأى فرعون شاباً وقد دخل عليه وبيده عصا، فضربه بها على رأسه وقال: ويلك يا فرعون، ما أقل حياءك من خالق السموات، كلما رأيت آية ازددت كفراً. ونظر إلى آسية في المنام ولها جناحان تطير بهما بين السماء والأرض حتى دخلت السماء؛ ورأى الأرض قد انفرجت وأدخلته جوفها؛ فانتبه فزعاً، وقص رؤياه على أهل العبارة، فقالوا: إنها تدل على مولود يولد يسلبك ملكك، ويزعم أنه رسول إله السماء والأرض ويكون هلاكك وقومك على يديه.

قرر فرعون أن يقتل كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل الذين كانوا عبيدا في مملكته ، فلما أن قتل من المواليد ما قدر المليك ، أفتى عليه وزراؤه ، أن اقتل في عام و اترك في عام ، فإنك إذا قتلت الذكور من بني إسرائيل لم يجد من يخدم و ينتهي بنو إسرائيل .. فكان ذلك الرأي ..

و كان أن قدر الله عز و جل أن يولد موسى عليه السلام في عام الذبح ، فخافت أمه عليه ، فأوحى الله عز و جل لها ، بأن تلقيه في اليم ، ووعدها أنه سيعيده لها ، و يكون من المرسلين ، و كان أن تربى موسى في قصر الفرعون الذين كان يقتل الذكور بحثا عنه .. و كان ما كان من أمر فرعون و موسى ما تعلمون ، و كيف أن الله عز و جل أهلك فرعون و أحق الحق بتدبيره لأوليائه ، و تدميره لأعدائه ...

هكذا هو مكر الله يا رحمني الله و إياك ، يحسب المتجبرون أنهم على الدنيا قادرون ، فيأتيهم تدبير الله عز و جل لأوليائه من حبث لا يحتسبون ، حتى إذا أتاهم ، تركهم فاغري الأفواه من فرط الصدمة .

هؤلاء المستضعفينالذين تعج بهم جنبات الأرض اليوم لا يخرجون من دائرة سنة الله عز و جل ، و تدبير الله لهم سائر بتدبير من لا تخفى عليه خافية ، حكيم الأرض و السماء ، لا يعجل لعجلة أحد ، و لا يؤخر أقداره أحد .. و لا بد لهذه الظلماتُ من نهاية ، لا بد يأتي من يكون سببا في خروج المستضعفين من مرحلة الإستضعاف إلى مرحلة الإستخلاف على الأرض ، لا بد من يوم يأتي ، ينهزم فيه الشيطان مرة أخرى هو و أولياؤه ، يوم مشهود ، مكتوب تنتظره حتى ملائكة السماوات ، و لأن الله رحيم ، فهو يضرب للناس الأمثال ، ففي عز عذاب الصحابة على يد صناديد قريش ، كان الله يبشرهم بالنصر و التمكين ، و جنات عرضها السماوات و الأرض ، فليتذكر هؤلاء الذين فقدوا أفراد عوائلهم ، و فلذات أكبادهم على يد الظالمين ، ياسرا و أهله ، حينما كان رسول الله عليه الصلاة و السلام يمر به هو و والديه ، هم مكبلين في صحراء مكة ، و هو يقول : صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة ! فكانت هذه البشرى ، كالماء البارد في يوم شديد القيظ ، فازوا و رب الكعبة أولئك الأبطال الذين صبروا و صابروا في سبيل الحق و أن يقولوا ربنا الله ..

وطن له عشق القلوب و عشقه ، بين الجوانح دائما غلاب 

عن مكة باح النبي بحبه ، علم العظيم الواحد الوهابُ

فليذكر هؤلاء بلالا ، سيدنا ، عتيق سيدنا ، حينما كان أمية بن خلف ، يجرجره مكبلا في قيوده في عز قيظ مكة ، و يجتمع عليه الصبية ، و يوضع الحجر فوق صدره و بطنه ، و أمية يقول له ، ارجع عن دينك فيقول : أحد أحد ، لا يزعزعه شيئا عن إيمانه .

فليعلموا ، أن منقذهم ، سيصلحه الله بأمره في ليلة ، ليقلب الطاولة على هذا النظام الإبليسي الذي يأخذ بتلابيب هذا العالم ، و يقوده إلى الهاوية ، رجل لن يعثرو عليه ، حتى لو فتشوا كل الأرض ، لأن مكر الله لا يُدرك ، سيخرج في وقت لا يتوقعونه فيه ، و من مكان لم يخطر لهم يوما ببال ، و لأنه لن يسلط عليه أحد ، لأنه بكل بساطة صنع الله!

اعلم يا رحمني الله و إياك ، أن الأمر جد كله ، ليس فيه مكان و لو بسيط للهزل ، و أنهما طريقان لا ثالث لهما ، طريق مليئ بالمكاره ، ينتظرك في آخره عند باب الجنان محمد صلى الله عليه و سلم أو طريق مليء بالشهوات ينتظرك في آخره على منبر من نار إبليس ..

لا تنساني من دعوة بظهر الغيب و إلى آية جديدة .. و تحت ظلال العرش 


أحبك في الله 

مهدي يعقوب


  • 1

  • يعقوب مهدي
    اشتغل في مجال نُظم المعلومات .. و اعشق التصوير و الكتابة
   نشر في 03 ماي 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
ثلاث مقالات "تحت ظل العرش "،١،٢،٣من اجمل ما قرأت ، احيانا يشعر الانسان ببعض اليأس مما يحدث من حولنا ، كلمات تزرع في النفوس التفاؤل ،دام قلمك سيدي الكريم.
1
يعقوب مهدي
سلسبيل .. انت من القلائل الذين يتفاعلون مع ما اخط .. اللهم احبها و احب من احبها يا رب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا