الدفئ الإماراتي الإسرائيلي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الدفئ الإماراتي الإسرائيلي

  نشر في 03 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

بعد موجة التطبيع التي ابتدأتها الإمارات وتبعتها البحرين ثم السودان والمغرب، ومع تلك الهرولة الغير خجولة تجاه الكيان المغتصب وبالأخص من دولة الإمارات. ويبدو أن هذا الدفئ الإماراتي الإسرائيلي (مع إزدراء إسرائيلي) أكبر من مجرد براجماتية السياسة أو دعوى السلام المزعوم. فتبادل الوفود وإلغاء التأشيرات وأخيرا وليس أخرا شراء خمسون في المائة  من أسهم نادي بيتار الإسرائيلي، المعروف بمعادته للعرب والمسلمين، لا يدل على أن هذا التطبيع المحموم، تحكمه فقط المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة، بل كلاهما يشتركان في عقدة نفسية واحدة، وهو إحساسهما بالغربة تجاه محيطهما الجغرافي واتجاه التاريخ.

فالكيان المغتصب الذي قام وجوده على تهجير وإبادة صاحب الأرض الحقيقي، يدرك جيدا كراهية الشعوب العربية له، كراهية ليست نابعة من أخلاقيات أو تصورات دينية مجردة بل من تجربة حية من النضال والصراع المستمر حتى هذه اللحظة، ومن تاريخ طويل من المذابح والمجازر التي ارتكبها الكيان مستمر أيضا حتى هذه اللحظة، وهو يدرك جيدا أن جرائمه لن تسقط بالتقادم، بل تبقى شاهدا عليه وعلى أحقية الشعوب العربية في هذه الكراهية و العداوة تجاهه التي يتوارثها جيل بعد جيل. فكان من الطبيعي أن يتحالف مع أي كيانات أو أنظمة تناهض حرية الشعوب ورغبتها في التغيير، فهو لن يجد أفضل من دولة الإمارات التي يجمعهما عدو مشترك وهى حرية الشعوب. 

وفي الحقيقة لا يستطيع أحد أن يدعي أن تحالف الإمارات مع إسرائيل، هو خيانة بالمعنى المتعارف عليه. فهي منذ تاريخ تأسيسها منذ خمسون عاما وهى أكثر حداثة من الكيان الإسرائيلي ذو السبعون عاما، لم تقدم على أي إجراء مناهض للكيان الصهيوني. كما أن تحالفها الودي مع الكيان الصهيوني، لا يقوم فقط على إرتباطات السياسة والاقتصاد الأجلة و العاجلة بل على طبيعة نظام الدولة نفسه، فمثلها مثل دولة الكيان تمثل حرية الشعوب ورغبتها في التغيير خطرا و ضررا على إستقرار دولة الإمارات، لا يتعلق الخطر بالعائلات الحاكمه فقط بل بطبيعة النظام السياسي والاقتصادي القائم على أساسه دولة الإمارات.

فبحكم تقسيمها الجغرافي والديمغرافي، لا تقوم الدولة على نسيج إجتماعي وشعبي ذات طبيعة ثقافية. فمن ناحية نظامها السياسي فهو يقوم على إرتباطات عائلية من العشائر الذين سكنوا في تلك المنطقة من الساحل الخليجي التي وقعت مع بريطانيا الإستعمارية وقتها عدة إتفاقيات و معاهدات تلاها تأسيس دولة الإمارات عام ١٩٧١. أما من الناحية الاقتصادية، فمدينة دبي كمركز لتجميع الثروة، يعتبر جزء كبير منها، ثروة غير مشروعة، كالسياحة الجنسية والملاذات الضريبية. وعلى عكس الكيان الصهيوني الذي تقوم أيدولوجيته السياسية ونظامه الإجتماعي على إمتياز وتفوق الإثنية اليهودية، فإن هناك نوع من التعددية العرقية والدينية في دولة الإمارات، لكن تلك التعددية الظاهرة تذوب في النظام الاقتصادي القائم على العبودية و السخرة في نظام العمل، فالفرد هناك يختزل إلى مجرد نشاط وظيفي، فالعاملون هناك مثلهم مثل التقنية والتكنولوجيا الحديثة، يتم إستيرادهم لغرض إنتاج الثروة، وهم لا يستطيعون الاحتجاج على أوضاعهم الإجتماعية أو نظام العبودية المقنن في صورته الحديثة، فكيانهم القانوني مجرد من أي إعتبارات إنسانية أو أخلاقية، فهو يتعلق فقط بعقد العمل المكتوب الذي يوافق المتعاقدون على شروطه سلفا.

فالنظام الاقتصادي والسياسي في الإمارات و غيره من دول مجلس التعاون، نظام إستغلالي،  فهو من ناحية يستغل الأوضاع الإجتماعية المتردية في الدول المحيطة والفقر و البؤس المتزايد في العالم، ليضع البؤساء أمام خيار وحيد وهو العمل تحت شروطه. وسواء كان دولة إلامارات أو دولة إسرائيل، فإن إستمرارية البؤس و الفقر و القهر يساعد على إستمرارية وجودهما، فكلاهما قام على أوضاع لاإنسانية و لاأخلاقية و كلاهما جزء من منظومة عالمية أشمل تقوم على الإستغلال والعبودية المقننة ، فإسرائيل ككيان عنصري ليس سوى نتاج للإمبريالية الغربية التي تحقق مصالحها في المنطقة، أما الإمارات فهى تمثل نموذج الدولة المثالية للنظام الرأسمالي العالمي وطبقة رجال الأعمال الفاسدة، فنظامها الأمني و القانوني قادر على أن يسيطر و ينمط الوضع الداخلي لكنه لا يستطيع أن يحمي نفسه من تأثيرات الخارج. لهذا كان من المنطقي أن يكون حليفه الأمثل هو الكيان الإسرائيلي، فالمواطنون الذي يشكلون نسبة ١٢% من السكان لديهم ولاء كامل للعائلة الحاكمة وماتحققه لهم من حياة الرفاه المادي، أما الأجانب المقيمون بعقود عمل الذي يشكلون باقي السكان، فهم بلا خلفيات سياسية أو أيدولوجية، وليس لديهم أي إمتعاض في تعاملهم مع إسرائليين، فنمط حياتهم مرتبط فقط بالحفاظ على الإستقرار الوظيفي وتحقيق الريادة المهنية.

بالمحصلة، فإن النسيج الإجتماعي لدولة الإمارات، لديه الإمكانيات الجيدة للوفاء بإلتزامات التطبيع الكاملة على كافة المستويات، السياسي، الاقتصادي و الثقافي، بالخلاف لدول أخرى مثل مصر التي تكتفي بالتطبيق على المستوى السياسي والدبلوماسي دون الشعبي مع ضوابط على المستوى الإقتصادي. أما بالنسبة لإسرائيل، فكسر عزلتها وإقامة علاقات رسمية، مع تجاهل تام الشأن الفلسطيني وحقوقهم المسلوبة، يمثل إنتصار كبير لها، في النهاية يمكن القول أن العلاقة بين الكيانين الإمارتي والإسرائيلي يقوم على علي توجهات سياسية وفكرية مشتركة، يستطيعان بإستمرار أن يخلقان  مصالح مشتركة و أعداء مشتركين. لكن في النهاية، الشعوب هى التي تبقى، وتوقها إلى الحرية والعدالة هو الذي يحركها وهى لاتنسي من حاولوا إسكاتها وقهرها، وفي يوم ما سيدفع المتأمرون عليها الثمن غاليا.




   نشر في 03 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا