اول ما يَجولُ في خاطري عِندما استَعدُ للكتابة هو الوطن ، إن بيني و بينه رابِطة مَتينة لا اظنها سَتَضعَف يوماً ، مِنَ المؤسف أن يَكونَ سِلاحي الوَحيد هو القَلَم و أن تَكونَ الحُروف المُتعانقة صَرخةٍ لِكُلُ ما يُصيبُ هذا الوَطَن ، لكنني اؤمن أنه في حِمايةِ الجَبار القادر على كُلِ شيء .
مُنذُ سَنَوات و في حِصَةِ اللغةِ العربية كان عَلينا كِتابةُ تَعبير نأخذهُ مِن مَوضوعين إما قَطفِ الزيتون او عن الأسرى ، فَقَالت المُعَلمة : اكتبوا عَن قَطف الزيتون يَكفي ما نُشَاهِدهُ مِن ظُلم و هُموم تُضَيّق القَلب . و بَعدَ ذلك قالت : اكتبوا ما تشاؤونه . قُلت في نفسي :انتهينا من اختيار الموضوع سأكتب عن الأسرى .
(ربما المعلمة اكتفت من التحدث عن الظلم و المعاناة ، لكنني لا اكتفي عن الحديث على اي شيء له علاقة في وطني ، إنني اشعر بالحزن الشديد عند التحدث عن الشهداء و الاسرى لكنني اشعر ايضا اضعاف المرات بالفخر و القوة .)
بعد ما إنتهيت من كتابة موضوع التعبير خاصتي ، قمت بتسليم الورقة للمعلمة و عندما قرأت اسم الموضوع غضبت و قالت : ألم تسمعي عندما قلت اكتبوا عن قطف الزيتون . اخبرتها زميلتي التي تجلس بجواري انها قد قرأت ما كتبت و أن تعبيري جميل و مميز ، فألقت المعلمة نظرة سريعة على الورقة و كأن أحداً اجبرها على ذلك ، بدأ جميع الطالبات ينظرون لي و يقولون : (ما شاءالله وطنية ).
رغم غضب المعلمة و صوت ضحكة بعض الطالبات الذي لم يزعجني أبداً ، شَعرتُ بشيء من الحرية لاختياري الموضوع الذي اريده ،كما أن العلاقة بين شجرة الزيتون و الارض قوية ، فَ دائما ما يقوم الكتّاب بالتكلم عن هذه الشجرة الكريمة عندما يتحدثون عن الأسرى او الشهداء او الارض لدلالتها على الصمود و القوة ، و لو كانت المعلمة لا تريد لنا أن نكتب عن هذا الموضوع لكانت اختصرت على نفسها و لم تخبرنا إلا بشأن موضوع قطف الزيتون ، لكنها لا تعلم انها اهدت قلبي فرصة لإطلاق صرخته ، إنني لا يهمني أن تقرأ او لا لكنني فخورة بحروفي الصادقة و اعتقد أن الورقة والقلم كانوا يشعرون الشيء ذاته ،(نعم) إنها حصة تعبير هل كان علي تقليدهم و كتابة الموضوع ذاته او نقله من اي موقع على الانترنت كباقي الفتيات ؟! ، لكنني لن افعل .
اشكر معلمتي ولا اعتب عليها عندما اطلقت كلماتها هذه إنني اقدر جيداً جهدها و ما فعلته ، بالنهاية كل شخص نراه يترك بصمة في حياتنا تصبح مع مرور الوقت ذكرى نسترجعها بكل تفاصيلها تعطينا احساس عذب .
-
آلاء بوبليفي داخلي تنتقل الحروف مع خلاياي فتشكل قصص و روايات و الكثير الكثير من الأغنيات ، لكن من الخارج لا يوجد شيء كهذا فكل ما يسيطر هو الهدوء.
التعليقات
للأسف لا يعرف المعلّمون و المعلّمات كم أن أفعالهم تؤثر في نفسية الطلبة خاصةً صغار السن . و أن الطفل في هذه السن الصغيرة أكثر ما يحتاج له هو التشجيع و الدعم .
مقال جميل , بالتوفيق في كتاباتك القادمة .