أفكار خارجة عن القانون - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أفكار خارجة عن القانون

  نشر في 07 ديسمبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .





نقضي حياتنا داخل قوقعة تحكمها القوانين و العادات، و تمضي الأيام لنجد أنفسنا نعيش في دوامة الحياة دون معنى أو هدف. فنفقد بذلك طعم وجودنا و حقيقتنا، ونتحول إلى كائنات آلية مبرمجة بقوانين المجتمع ليست إلا نسخ جديدة تضاف إلى جميع النسخ المتوفرة في العالم. و لكن ماذا لو استيقظت يوماً و قررت أن تخرج عن القانون؟ أن تكسر كل القواعد المألوفة و تتحدى الواقع؟

قانون العمل:

قد يضيع الأشخاص أعمارهم في سبيل وظيفة هي أبعد ما تكون عن أحلامهم، بل و في بعض الأحيان سبب تعاستهم و شقائهم. ولكنهم يقبعون فيها خوفا من التغيير ومن تحدي محيطهم، و يبررون ذلك بتعلّة أن الوقت قد فات و أن العمر مضى، فيرضخوا لقانون الواقع دون السعي لتحقيق سعادتهم. فلماذا لا نمتلك الجرأة على كسر القواعد و الخروج عن القطيع؟ لماذا لا نسعى للاختلاف؟ و هل يعتبر الاختلاف جريمة في مجتمع النسخة الواحدة؟

لماذا لا نثور على الواقع، و لا أقصد بذلك أن تذهب إلى العمل صباحا وتلقي باستقالتك في وجه مديرك، مع أنه سيكون شعورا رائعا. و لكن ما أقصده أن تبدأ بالبحث عن شغفك في هذه الحياة، أن تتساءل ما الهدف من وجودي و ما هي رسالتي. و تبدأ بالبحث فورا عن ذلك العمل الذي سيحقق كيانك و طموحك، و يوفر لك الفرصة بأن تكون مبدعا و منفردا خلال هذه الرحلة. و كما يقول أينشتاين: " كل ما هو عظيم و ملهم صنعه إنسان عمل بحرية".

قانون التعلّم:

من منا لم يحلم في طفولته بأن يصبح طبيبا أو رساما أو صحفيا أو معلما...و لكن تمر الأيام و نتنازل عن ذلك الحلم لعدة أسباب، كعدم الحصول على المؤهل المطلوب للالتحاق بذلك الاختصاص. فأغلب الكليات في المجتمعات العربية تضم أشخاص لا يرغبون فيها و لا تعنيهم في شيء، سوى تلك الشهادة الملعونة المتحصل عليها في النهاية. وقد ساهم ذلك في قتل الإبداع في تلك المجتمعات لانعدام الشغف في الأوساط التعليمية.

و لكن لماذا لا نتعلم ما نحب خارج نطاق القانون؟ البعض سيقول أن الوقت قد تأخر على البدء الآن، و لكن الأعمار ليست إلا مجرد أرقام وحدها الأفكار و الإنجازات من تحدد هويتنا. فبإمكاننا جميعا أن نتعلم ما نريد في أي زمان و مكان، عن طريق الإنترنيت أو الدورات التكوينية أو الكتب و المقالات. و أظن أنّ الجميع مقتنع و متفق معي، على أن الشهادات العلمية في المجتمعات العربية لا تسمن و لا تغني من جوع. أي أنه لا يوجد قانون معين يحدد طرق طلب العلم و الاستفادة منه، و لا يوجد أي عرف أو عادة تمنعنا من تعلم ما نريد بالطريقة التي نريدها، و كما قيل "أطلب العلم من المهد إلى اللحد".

قانون الزفاف:

يعتبر الزواج من السنن في دين الإسلام، فقد أوصى الرسول صلى الله عليه و سلم قائلا: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج". و لقد سهلت تعاليم الإسلام طقوس الزواج، بغرض تيسيره و تقريبه من الناس. و لكن للأسف أصبح اليوم في المجتمعات العربية مظهر من مظاهر البذخ و الترف و التباهي. حيث تتنوع الطقوس و تختلف من بلد إلى أخر، و لكن جميعها تتفق على مبدأ التبذير والتفاخر، والخوف من نظرة المجتمع جعل العائلات تتكبد مصاريف ضخمة هي في غناً عنها.

ومن هذا المنطلق أصبح الزواج يقوم على اعتبارات مادية بحتة، يتم فيها اختيار الطرفين حسب الخلفيات و الظروف الاجتماعية. وبذلك أصبح أسمى رابط في الوجود، نوع من أنواع الصفقات المادية برعاية القانون. و لكن لماذا لا نخرج عن هذه الدائرة، و نغير من ملامح هذه العادات؟ كأن تقتصر حفلات الزفاف على سهرة بسيطة، تجمع الأقارب ليتحقق مبدأ الإشهار و خاتم كتتويج لذلك الرابط المقدس. دون ضرورة اللجوء إلى البهرج و الزخرف الخداع، لإبهار الناس و سلب عقولهم. ليبقى السؤال هنا هل بإمكاننا أن نرى أعراس بهذا الشكل في المستقبل، أم أنّ الوضع سيزداد سوءا؟

قانون المجتمع:

تعيش المجتمعات العربية ظروف اجتماعية قاسية، حيث نجد تباين عميق بين أفراد البلد الواحد. لينقسم أفراد الشعب إلى طبقة غنية بالغة الترف تحتكر الأموال و المناصب، و طبقة فقيرة كادحة تعمل صباحا مساءا لكسب قوتها. ولقد اشتدت حدة هذا التفاوت في السنوات الأخيرة، لتتعمق الأزمة و تبرز تبعاتها بظهور رؤوس الأموال من أصحاب الشركات و العقارات من جهة، و ظهور الطبقة المهشمة و المضطهدة من جهة أخرى. حيث تتعرض هذه الشريحة للازدراء و الرفض من قبل بقية مكونات المجتمع.

و لكن ماذا لو خرجنا بأفكارنا عن القانون لتحسين هذا الوضع، أو بالأحرى تطبيق القانون. كأن يتم توزيع عادل للثروات للحد من هذا التباين. إضافةُ إلى عدم احتكار المناصب الهامة على فئة معينة من ذوي الامتيازات الخاصة، بل يقع الاختيار حسب الأفضلية في الكفاءات التعليمية والعملية. كما يجب تبديد ظاهرة الرشوة و المحسوبية، التي أصبحت تتحكم في مختلف المجالات. ومن الضروري أن يتم تحقيق معادلة بين ساعات العمل و الأجور، فلا نجد ساعات عمل طويلة و متواصلة مقابل أجر زهيد. و لكن هل ستستطيع الدول العربية الاهتمام بشعوبها و محاولة تحسين أوضاعها الاجتماعية، بدل السعي المتواصل إلى الحروب و سفك الدماء؟ ورغم أن الأوضاع الحالية لا تبشر بخير، و لكن كما أقول دائما "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا".

قانون المرأة:

" المرأة هي نصف المجتمع، و هي التي تلد النصف الأخر" و لكن للأسف بالرغم من تطور الشعوب و الحضارات، و بالرغم من النهضة الفكرية التي عرفتها البشرية. إلا أن قضية المرأة لا زالت تطرح العديد من التساؤلات على طاولات الحوار العربي، خاصة فيما يتعلق بحقوقها و واجباتها. فعلى مر العصور عرفت المرأة اضطهاد و تهميش لكيانها و وجودها، حيث واجهت العديد من العوامل و الظروف القاهرة لإثبات جدارتها. إذ تحدت الأفكار الشيطانية التي كانت تعتبرها أداة للإنجاب و لإشباع غرائز الرجل فقط، و أنها فاقدة للروح و ليست إلا جسد. كما تم اعتبارها منبع الشر في هذا الوجود كما ورد في العديد من الكتابات الفلسفية، فأقترن اسم المرأة في تلك الحقبة بالدناسة و الإثم.

ومع أن المرأة خاضت حربا عميقة على مر الأجيال لتغيير تلك الأفكار البائسة، إلا أنها إلى هذه اللحظة لا زالت تعاني من الاضطهاد و القمع في جوانب عديدة من الحياة، و خاصة فيما يتعلق بحقوقها. ولكن متى سيعطي العالم حق هذا الكائن العظيم ويمجد وجوده؟

فمثلا بإمكاننا أن نبدأ بالامتناع عن إصدار الأحكام الظالمة فالمرأة التي لم تنجب ليست ناقصة، بل هي مشيئة الله بأنه لم يمنحها الذرية، فلا يجب أن نعاقبها على ذلك. و المرأة التي لم تتزوج ليست عانس، بل إن نصيبها لم يحن و الله يخبأ لها الأفضل في الغيب. والمرأة المطلقة ليست مذنبة، بل قد يكون الطلاق خلاص لها و لأبنائها من زوج مستبد. و المرأة الأرملة ليست السبب في وفاة زوجها، بل هي مشيئة الله تعالى. فلنكف عن تقييم الناس ومحاسبتهم، فوحده الله عليم بعباده وهو الكفيل بالحساب و العقاب.


إذا كنا نسعى إلى تحقيق نهضة فكرية، فلا بد من تغيير أفكارنا و الخروج بها من وحل القوانين السائدة. التي تجعلها تحت الإقامة الجبرية، و تحبسها ضمن قوالب فكرية نمطية تخشى الاختلاف و تمجد النسخ.


  • 12

   نشر في 07 ديسمبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

راوية وادي منذ 7 سنة
رائعة يا غادة و بكل المقاييس . أتمنى أن نبدأ نحن في التغيير لكسر دائرة المتوارث و المعتاد و إلا سنمضي حيث مضى الآخرون .
0
م منذ 7 سنة
يجبرونا على إتباع العادات والتقاليد البالية ؟
وكأنها أوامر إلهية مقدسة من رب العالمين !
0
جرجس عادل منذ 8 سنة
كلمات رائعه تسطر في صفخات كتاب يكون عنوانه ( التمرد علي قانون الحياه ) .احسنتي

0
مقال رائع من أنثى متمردة وفعلا أفكار خارجة عن القانون تستحق أن نقف عندها ونعيد النظر فيها
0
رغد خميس منذ 8 سنة
رائع جدا
0
غادة الفيرس
شكرا جزيلا لك أخت رغد
عمرو يسري منذ 8 سنة
مقال رائع، اظن ان جيلنا ( جيل الشباب) هو من سيقوم بهذه الامور بسبب رفضه الشديد للأوضاع الحالية
0
غادة الفيرس
شكرا لك, نعم بالطبع جيل الشباب اليوم بإمكانه أن يغير الكثير إذا أراد.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا