فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت
أوامر الله عناية
نشر في 28 أبريل 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
زمان قبل الإسلام كان العربي شديد الغيرة، عصبي الدم لنساءه، وأحيانًا بتوصل لجهل كوأد البنات، ولكنّ الشاهد معي في طبيعة الأصلِ فينا قبل الإسلام، والكل يعلمُ معي قصة (أوتزني الحرة؟!!)، وجاء الإسلام ليُشرّع لنا تلك الدخيلةُ فينا ويُقوّمُ فيها مِن حيفٍ ويُنّقيها من جهلٍ، فأضافَ إلينا حسن تسييرها بأحكام العِفةِ وتعاليم "الحجاب" بصورته العامة معنًا وسلوكًا ولِباسًا، وأُضيف إلينا ثوابَ العملِ بها من حسناتِ الدنيا والآخرة، ومن ثمّ تسرسبَ الإسلامُ منّا وضاع في قلوبنا وضَللناه في سلوكيّاتنا، ونسيناه في لِباسِنا، فانمحت العصبيّةُ تلك مِن طِباعنا بعدما كان قد حافظها لنا الإسلامُ فضيلةً حميدة حين حَفِظنا الإسلامُ في أعمالنا وضمائرنا....
فها نحنُ الآن ليس فقط ضيّعنا الإسلام في طِباعِنا، بل ضيّعنا طِباعنا ذاتها وأضعنا الأصلَ فينا، ضيّعنا طينتنا العربيّة، فأين الآن الغيرةُ منّا ؟!!! ومتى كنّا بتلك الميوعةِ والخلاعة وكيف ساد السفورِ عقولَنا!!! ومتى استباحت عيوننا راضيةً أعراضِنا؟!!
ولأن الإنسانَ هو أبعاضُ المجتمع، فأردتُ من سردي هذا أن أوصلك لنقطة (التنازل)، أمحضك النُصح ألّا تتنازل أبدًا عمّا تحمله في ضميرك من دين، فإن هداك اللّه -عزّ وعلا- لأمرٍ من دينه فأمسك به بتلابيب يقينك، وأريه لنفسِك في عملك تستقمْ عليه، وعضّ على أنامِلك قدر إلتزامِك به مهما جارت عليك أعباءُ الدُنيا، وأسأل اللهَ فيه الثبات والتمِس في رحماتِه زينة الإيمانِ به وحبَّ العملِ له؛ لأنّك إنِ سقطّت في إلتزامِك به، وأجَبرت منطِقك التنازل عنه، فلن تخسر العملَ وثوابِه فقط، سيُجانِبك من الخسائرِ ما حُمِلَت لأجله هذه الفضيلة في الحِفاظِ عليه وسيغيبُ عنْك وعن طاقتِك ما حمَلك للتّحلّي بهذا المبدأ الديني، فلا تعرفُ من جديد كيف تعودُ إليه، رغم أنّك ترى عواقبَ وبلايا تركه ولكنّك فقدّت هذا الجزء من نفسِك وانتهكت مِن روحِك العقائدية رُقعتَها في هذا الأمر الربّاني استأصالاً حتميًّا، وربما يتشابك هذا الأمرُ الربّاني بأوامر عِدةٍ أخرى، فتبدأ السِبحةُ في الإنفراط أمرًا بعد أمر وفضيلةً بعد فضيلة، فمُصيبتك مصائبٌ وبليّتُك بلايا كثيرة، {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود : 112]
ومُلتقى الطرق هنا لو لم توجد أحكامُ الله وشرائعه وتحكمنا آياته وأوامره كيف لنا أن نحافظ على فطرتنا من الميل والزيغ وطِباعنا المحفورة فينا من الإستغراق أو الإهمال، كيف لنا بإطارٍ ينبّه فينا ترويض فطرتنا السليمة إلى سليمها هذا؟!! كيف نجعلُ من عصبيّتنا تجاه عِرضنا هذا فضيلةً تجنّبُنا الإسرافَ فيها حدّ الجهلِ فنوأد بناتنا وتحمينا الإهمال والإستباحةَ فيها حدّ الفجورِ فنعرِض بناتِنا، كيف لنا أنا نصل إلى هذا الحدّ من الكمال ما يقرّبنا إليه فلا زيادةً ولا نقصان من دون شرع الله وأوامِره؟!!
-
عبدالرحمـٰن علوشهايل