الفرق و المذهبية في القرآن و السنة النبوية
لا تحتاج الأمة الإسلامية إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات
نشر في 23 يوليوز 2016 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
إن الحمد لله نحمد و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين – أما بعد :
لا تحتاج الأمة الإسلامية إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات ، وليس من العقل ولا من الحكمة من أن تكون عداوة بين أبناء الدين الواحد ، فلن يزيدنا هذا العداء إلا تمزقا وهزيمة وإحباطا ، ما دام أن الله عز وجل دعانا إلى الاجتماع ونبذ الفرقة في كثير من الآيات ، فيجب علينا الالتزام بما جاء في كتاب الله من الآيات البينات المحكمات و عدم تأويلها حسب أهوائنا و رغباتنا ، حيث قال الله – تعالى – ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [سورة آل عمران : الآية 103] .
فيجب علينا التمسك بحبل الله و هو القرآن الكريم ، و تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ، إذا تمسكت بهم فأنت مسلم كما قال الله تعالى (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ). [سورة النمل: الآية 91 ].
و قال تعالى : (..مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ..) [سورة الحج: الآية 78 ].
و يقول – تعالى – (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) [سورة الأنعام : الآية 159] .
و قال سبحانه: ( شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) .[سورة الشورى: الآية 13 ].
فالمسلم الحقيقي هو الذي يتبع القرآن و تعاليم الرسول صلى الله عليه و سلم في الأحاديث الصحيحة .
قال الحافظ ابن رجبٍ ـ رحمه الله ـ: «وأمَّا فتنةُ الشبـهاتِ والأهواء المضلَّة فبسببها تفرَّق أهلُ القبلة، وصاروا شِيَعًا وكفَّر بعضهم بعضًا، وصاروا أعداءً وفِرَقًا وأحزابًا بعد أن كانوا إخوانًا، قلوبُهم على قلب رجلٍ واحدٍو قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» (1)
قال الإمام ابن كثير: ” …وصّى الله تعالى جميع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بالائتلاف والجماعة، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف . (2)
وكذلك: فإن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، زاخرة، فيّاضة، بتلك التوجيهات الكريمة، التي تحثّ على الجماعة والأمر بلزومها، وتنهى عن التفرّق، والاختلاف، وقد حفلت بها المصنفات الحديثة، واعتنى بشرحها وبيانها العلماء، فمن تلك الأحاديث: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ” إن الله يرضى لكم ثلاثاُ: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تُناصحوا من ولاّه الله أمركم “(3).
قال النووي: ” وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تفرقوا)؛ فهو أمرٌ بلزوم جماعة المسلمين، وتآلف بعضهم ببعض، وهذه إحدى قواعد الإسلام “(4).
إننا في زمننا الحاضر نعاني من غوائل التفرق و الاختلاف ، و آثارها على الأمة الإسلامية ، فالسكوت على المشكلة يزيد الأمة تفرقا و يوسع خرقها ، و السبيل إلى علاج هذا الداء، هو لزوم الجماعة؛ بتصحيح الاعتقاد، والرجوع إلى منهج القرآن والسنة النبوية الصحيحة، مع الإخلاص وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، والسعي إلى طلب العلم الشرعي من أهله الموثوقين ، وتحري الحق، والالتزام بالدليل ، ونبذ التقليد والتعصب للباطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - خرجه مسلم بهذا اللفظ في «الإمارة» (1920).
2 - “تفسير ابن كثير (4/109).
3 - رواه مسلم (12/10-بشرح النووي)، والإمام أحمد في المسند (1/8)، و (1/26).
4 - شرح مسلم للنووي (12/11).
-
youcef chouchaاللقب و الاسم : شوشة يوسف طالب تاريخ وسيط متحصل على شهادة ليسانس تاريخ عام استاذ اعلام آلي بمركز التكوين المهني و التمهين مهتم بقضايا التاريخ الاسلامي