بئر الحب ... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بئر الحب ...

أمنيات..

  نشر في 21 فبراير 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

كان يوم مشرق ...من ايام فصل الربيع

وفي وقت الظهيرة تماما ...

أرتفع صوت الأم ..و هي تقول : غادة .... غادة

ظلت تنادي .....علي صغيرتها ..مرارا

عبر نافذة المنزل ...الصغير ... المطل علي النهر ..

ولكن ابنتها لم تسمع النداء ...

وهي تلهو ...و تمرح ...بين الزهور الزاهية ... و الحشائش الخضراء ...

تجري تارة خلف قطة صغيرة ... وتهرول تارة أخري .. خلف فراشة ملونة ... هنا وهناك

حتى اختفت..... عن الأنظار ..تماما...

فشعرت الأم ...وقتها ..بالقلق يتسرب إلي داخلها ...خوفا علي طفلتها .. فخلف الحديقة الواسعة ..

في الريف ...نهر صغير ... ومن خلفه غابة كبيرة ...مترامية الأطراف ...

فأخذت تصعد ..درجات السلم في سرعه ..حتى دخلت غرفة أبنها الشاب ...و راحت تيقظه في عجله

محمد ...محمد ... أستيقظ ...لتبحث عن أختك الصغيرة ...علي الفور.. عند أطراف النهر ...

فسمعت صوت تثاءب ...و ابنها يقول في كسل واضح...يا ألهي ...مجددا أستيقظ ... من نومي ... بسبب هذه الطفلة الشقية

اتركيني يا اماه .. أكمل نومي ... وعندما أستيقظ ...سأبحث عنها ...

لكن الام ... قالت في لهفه ...وقد امتزج... نبرات صوتها ... بالخوف و القلق الشديد ....

بل أذهب فورا ... يا ولدي ... فلن أسامح نفسي ولن أسامحك ...أن تأخرنا في البحث عنها ....

لكي لا يصيبها مكروه ... وان لم تفعل ...فسأذهب أنا بنفسي .....في الحال

وعندها ..لم يجد الفتي مفر .. فاخذ يتمتم بكلمات غاضبة ...لم تفهم الام منها شيئا

لكنه علي اية حال ...خرج من المنزل .... للبحث

بعد فتره غير قليله ... من المشي ...المتواصل

وصل الفتي ...إلي أطراف النهر ... ولكنه لم يجد أخته ...ولم يسمع صوتها ...في أرجاء المكان كالعادة

فتوقف في مكان ..حائرا ..وهو يفكر

وقد أخذ ..يهرش في فروه رأسه .....وهو يتساءل ...

هل يستمر في المشي ...ويعبر النهر ..إلي داخل الغابة ... أم ماذا ؟؟

وفجأة ... سمع صوت ... أخته وهي تجري نحوه ...وقد ظهرت من خلف ...شجرة كبيرة ...

وضحكتها تمليء المكان ... وهي تنادي علي أخيها الكبير ..و تقول

انظر ...أنظر يا أخي ... لقد أمسكت اليوم ..بالفراشة الملونة ... انظر اليها وهي في يدي ...

ولكنها لاحظت ان ..أخيها لم يبتسم لها ...بل ظل جامد الملامح ... و كأنه يخفي في نفسه شيء ما

فقالت في برائه ... ماذا بك ..هل أنت بخير ؟؟؟؟؟

لكن أخيها ...أخذ يقترب منها ..في بطء ..وهو يقول ...تعالي ... وظهرت علي ملامحه ابتسامه مصطنعه

فشعرت الصغيرة ... بالدهشة ...ولكن أخيها أخذ يقترب منها ..أكثر ..و أكثر ...

وعندما وصل اليها ... فجأة ... صفعها ..علي وجهها في قسوة ...فسقطت علي الأرض

وقد اختفت ابتسامتها الجميلة ...وحل محلها .... علامات الدهشة ..ومن ثم ..أخذت تبكي بشده

ولكن أخوها ... أنتزعها من علي الأرض ..من يدها ... وأخذها في طريقة ..عائدا للمنزل

فقالت وهي ...تجهش بالبكاء ... و تزرف عيناها الدموع ... لماذا تضربني .. دوما هكذا ...

لماذا لا تلعب معي ... ونظرت إليه ..وقد امتلأت عيناها ...بنظره عتاب بريئة

ولكنه لم يشعر بها ... ولم يعطيها أي اهتمام ...وكأن شيء لم يكن ...

وفجأة .ضغطت الطفلة ...بكل ما تملك من قوة بقدمها الصغيره ...علي أطراف أصابع قدمه ...

فتألم ...للحظة ..وترك يدها بشكل تلقائي ... فستغلت الفرصة ..في الجري بعيدا

ولكنه ..أخذ يطاردها وهو يقول ...يا شقية ..عودي الان ... لا ..لاااا .تدخلي للغابة ..

ولكنها .. ظلت تجري بسرعه ...وبعد فتره ...استطاع ان يمسك بها ..

فقالت له : انت تضربني دوما ...لن أحبك بعد اليوم ...

ولكن اخيها ..ارتفعت يده في السماء ..و قبل ان تنزل علي وجهة اخته مرة ثانية ....

و بدون سابق انذار ... هوت الارض من تحت أقدامهم ... دفعه واحده

فخرجت من حناجرهم ...صرخه رعب ...مدويه ... اهتزت لها الغابة ...

ولكنهم سقطوا ..بالفعل داخل البئر القديم ....المظلم

و صمت كل شيء ...

.............................

أهدئ يا ام محمد .... ولا تبكي ...بمشيئة الله ...سنبحث عن أطفالك ....

و ان شاء الله ...لن يصيبهم مكروه ...

أخذ كبير الصيادين ...في تهدئه أم محمد ...ولكن بدون جدوى ..وألام تبكي بحرقه شديدة

علي صغارها ... وهي تقول ... يا تري ماذا حدث لكما ... يا أطفالي .... لن أسامح نفسي أبداا

و رفعت يداها إلي بارئها ... وهي تناجيه ... بالدعاء ... لكي يحفظ صغارها ...

ثم نظرت إلي السماء .. فلاحظت ...إن الشمس في طريقها ...للغروب

فشعرت بوخزه في قلبها ... وان عليها ان تواجهه ....

يوم عصيب ...

................................................

في الغابة الموحشة ... أخذ الظلام .... في الانتشار ...

ومعه ..خرجت الكائنات .. المتوحشة من جحورها ... لتبحث عن فريسة جديدة

و أخذت المشهد ..يقترب بنـا ....

ببطء

إلي البئر ...حالك السواد ..شديد الظلمة ...

وفي قاع البئر ..تحديدا ....

تحركت يد .. من مكانها ... لتزيح ..بعد الحجارة الصغيرة ....

و لم تكن هذة اليد ..سوا ..يد محمد ... وقد شعر برهبة الموقف ....

وهو لا يكاد ان يري ..يده أمام عيناه ... وشعر معها ..بآلام شديدة ...في كل أطراف جسده

لكنه لم يصاب بأذى ... فاخذ الضباب ...يرحل من رأسه و عقله ...ولكن ما ذال الزهول مسيطر عليه ...ثم حاول تمالك

أعصابه ... و رباطه نفسه

..ليتذكر أخر مشهد ...

وكيف أستقر به الحال ..هنا في هذا ..المكان ...المخيف ...

وعندها فقط ..تذكر ...أخته الصغيرة ..غادة ...لقد كانت معه ...

فتملكه الرعب ...خوفا عليها ... وأخذ يصرخ ..في رعب حقيقي ..وقد اتسعت عيناه ...

غاااااده ...غااااااده ...أين انتي ....

ظل ... ينادي علي أخته ..ولكن في كل مره ..لا يسمع ..سوا ...صدي صوته ...

ولا حياه لمن ينادي ... فسقط علي يداه ..وهو يركع علي الأرض ...و أخذ ..

يتحسس الأرض ... باحثا عن أخته الصغيرة ....

وفجأة ...وجدها علي مقربه منه .. ولكنها لا تنطق بأي شيء ... فراح يهزها ..

حتى سمع ..صوتها .. فتنهد و ...تنفس الصعداء ... و صوت أخته غادة ... يكاد لا يسمع

وهي تقول ... بضعف ووهن شديد ...أين انا ... ولماذا لا تشعلوا ..فتيل الشمعة ..

فسمعت صوت محمد : نحن في بئر قديم ... مظلم ...

ولكنها ...بكت في رعب من الظلام و الخوف ....فلم يجد شيئا ..سوا ان احتضنها ..في عطف و دفء ...

وهو يمرر يده علي رأسها ... ليحرك خصلات شعرها الأصفر ... في حنان شديد

فقالت هي : اشعر الآن بالطمئنينه.. يا أخي ... لأنك بجواري ... تحمل عني غربة القبو هذا ....

و لكن يا ليتك كنت ...هكذا ...معي دوما .... وقلت في براءتها المعهودة : لأني أحبك

فقال لها وهو : يتماسك ..حتي لا تسقط من عيناه الدموع .... أعدك يا صغيرتي ...

لن أضربك بعد اليوم ابدأا .... ولن تجدي مني ...سوا كل حب و عطف و حنان ...

فقالت له : حقا ... أنا اليوم ..أحبك أكثر ...ولكني .. اشعر بالعطش الشديد ... أريد ...بعض الماء ...

ولو قطرات صغيره ..

فشعر وكأنه ..يتمزق ... وهو واقف عاجزا .... واخته بين يداه ..وهو لا يستطيع ان يساعدها بشيء

فقال لها بحب : تماسكي ..ما هي اللي دقائق ... و سنخرج من هذا القبو العميق ..

فقالت له : هل سنموت هنا ... كما ماتت فراشتي المسكينة ....

فقال لها : فلندعوا الله ... أن يحفظنا ..ويخرجنا سالمين من هنا ...لا تخافي ..فان الله معنا

ولأول مرة ...منذ زمن بعيد ... شعرت الصغيرة غادة ..بحب أخيها الكبير... وعطفه عليها

وبالرغم من كل شيء من حولها ...يدعو للخوف والريبة ......إلا أنها .... شعرت بحنان الدنيا ...وهي تقف بجوار أخيها .. ... و يده علي رأسها

تسمع منه ..قصة ..لموقف مشابهة لنبي الله ...يوسف ..عليه السلام ..

ولكن ...أخيها ..توقف ..عن سرد الإحداث ..

محمد : سامحيني يا غادة ... فكم كنت قاسي عليكي .. لا أتفهم طفولتك الجميلة ... ولم انزل يوما بفكري

لأصل اليكي ...و أبحر معك ...في عالمك الخاص ... بالله عليكي ..سامحيني ..

لم تفهم الصغيرة .... هذا القول ...فهي تنسي دوما ... قسوة أخيها ... في كل يوم ...

وعند صباح كل يوم ...تشعر اتجاهه بالحب العذب...وكأن شيء لم يكن ...في الأمس

فقالت له ... أسامحك بدون شك ... وبالرغم من كل شيء ..ابتسمت له ...في حب

ولانها صغيره .. وقصيره القامه ..لم تستطع الا ان تحتضن ساقيه بكل ما تملك من قوة..وتخفي فيهم راسها

وهي تستمد منه الامان و الحنان

وما كان لها ..أن تري في الظلام .. هذه الدمعه التي ..ترقرقت في عيناي أخيها الكبير

وعندها فقط ... ومن فوقها تماما ...سمعت الأم ..هذه الكلمات الاخيره .... فصرخت في سعادة بالغه

أطفالي ... لكم ..تمنيت دوما ...أن تسقطوا ...في بئر الحب ..

__________________________________________________

الاخـوة ... من أجمل و أسمي المعاني في حياتنـا ... فستمتع بكل لحظة مع أسرتك

و صدقـا ..أن تكون غائب حاضر ..خير من أن تكون حاضر ..غائب

تمت بحمد الله....

أحمد الشـريف


  • 1

   نشر في 21 فبراير 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا