رحلة تأمل في الوجود - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رحلة تأمل في الوجود

روحــانية

  نشر في 06 أبريل 2016 .

مرت عشر سنوات عن تلك الليلة وأنا جالس وسط كرسي لثلاث مقاعد كان الظلام الدامس قد أخذ مكانه في المقعدين المتبقيين ليكتسح بعدها شارع المدينة, و لولا أشعة النور الصادرة من زجاجات شفافة منصبة فوق أعمدة عالية تمتد على طول الشارع لما وقعت عيني على الهدوء الحزين الذي خيم على جدران المنازل الواقعة في الضفة الأخرى من الشارع. كان حينها رجل تبدو في ملامحه غدر الحياة و قسوتها يحمل بين سبابته و وسطاه سيجارة يبعث من خلالها خطا متوازيا يتحول إلى دوائر تختفي شيئا فشيئا, و ما أن انتهت آخر دائرة من سيجارته حتى أخذ عقارا أشبه ما يكون بعقار الليسرجيك ليدخل بعدها في سباة عميق ويكأنه يرى أشياء, لم يكن للظلام الدامس القدرة على حجبها عنه.

أخذت قنينة الماء لأروي عطشي و في تلك اللحظة التي رفعت فيها رأسي إلى حلكة السماء,أخذت أتأمل غيوما متناثرة تبعدني بملايين الكيلومترات في الفضاء تشكل حلقة متراصة على خط يوازي خط منتصف الشارع , و بين كل غيمة و أخرى نجمة تتلألأ في استحياء ثم تختفي فتظهر ثم تختفي .. داخل منظومة متوازنة محكمة الإنشاء. كان ذلك المشهد قد استقر في عقلي على شكل فكرة جعلتني أرى نفسي في انفصال تام عن جسدي لتصعد بي إلى حيث أشارك الفضاء الخارجي فرحته, ألقيت نظرة إلى الأسفل فإذا بي أجد نفسي ممسكا لقنينة الماء ورأسي متكئ على حافة الكرسي و إذا بالرجل غامق في هلوسته يطوف حول السيجارة التي لم يطفئ هبوب الرياح دخانها. أخذت أصعد بروحي و أبتعد عاليا إلى أن أصبحت المدينة أشبه بنقطة مداد على ورقة طفل يرسم حدود كل دولة وفق ما تمليه عليه أحاسيسه و أفكاره. و كلما زاد ارتفاعي عن تلك الورقة كلما أدركت حقائق مختلفة تماما عن تلك التي كنت أملك, أدركت أننا فهمنا الحياة مفهوما خاطئا فتعددت الديانات و زرعت الفوارق الاجتماعية و نشبت الحروب, لا لشيء إلا لتوسيع الحدود التي وضعت على الورقة, أدركت أن حياة الفرد مؤطرة تحت معايير يرسمها من هو أعلى منه فترى بذلك المدرسة تنتج أفرادا ليعيشوا تحت سقف الروتينية وترى بذلك العلم يتقدم من أجل نفس الغاية, فتجد أن منظومتنا البشرية تدور حول حلقة مغلقة أساسها تدمير السلم البشري و زرع الفتنة بين مكونات المجتمع المدني.

لم يتسنى لي الأمر لكي افهم الحياة بكل تجلياتها حتى سقطت سقطة رائعة أسبح فيها بين السحب استمرت حتى اكتسح ضوء أشعة الشمس السحب لتلقي بي في نهاية الأمر إلى حيث أعيش لتكملة رحلتي هنا.


  • 2

   نشر في 06 أبريل 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا