يوشكُ أن تسلبَ الدنيا القلوبَ بعواصفِ همِّها وغمِّها حتى لاتدعُ لذي لبٍ سعادة، وقد خلق الله عباده على درجةٍ من النقص تُوجِب عليهم الاعتماد إلى ركنٍ شديدٍ ليتحملوا هذه المشاق َّ والمتاعب.
وأنا أقلِّبُ في صفحاتِ هذا الكتابِ العزيزِ بنفس ناقصةٍ تبحث عن التمام ، وإلى ركنٍ شديدٍ يبقى على الدوام ،
استوقفتني جملتان عظيمتان من آيتين عظيمتين تملئ فراغ القلب وتغشاه طمأنينةً وسعادة ،أولى الآيتين قول الله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) نعم من أوكل أموره لله فإن الله كافيه في أمره.
تذكر أيها القارئ أن الجملة شرطية ، أي أنَّ الجواب واقع لا محالة ما وقع الشرط، وأتت الكفاية عامة فلم يُخصِص جواب الشرط الكفاية في همٍ أو غم أو رزق أو حفظ أوغيرها كلَّه يكفيكَهُ.
وإذا كفاك الله وكان حسيبك فهنيئاً ثمّ هنيئاً ...
يكتب لك الرضا .. يسبغ عليك النعيم ..يحفُّك بعنايتِه .. يكرمك بعطائِه .. يشملك بعفوِه .. يكفيك ما أهمَّك ..يسعدك ويفرحك بقربِه .. ترفع شكواك فيسمع لك .. ترسل الدعوات فيجيبك.. تسكب العبرات فيعطيك حتى يدهشك..
قلِّي بربك أي كفاية ككفاية الله لعباده.؟
أيها القارئ ..!!
أعد قراءةَ الجملة من هذه الآية العظيمة بتمعنٍ مراراً وتكراراً وخذ معها نَفَساً عميقاً ، فكم هي بحقٍ جنةٌ في الصدور(ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
أما الجملة الثانية فلا تقل طمأنينة وراحة من الأولى وكلُّ كلام الله طمأنينة قوله تعالى (أليس الله بكاف عبده) أمعن النظر قليلاً، واسكب الدمع كثيراً على جمال هذا الاستفهام التقريري الذي لايملكُ الإنسان عند سماعه إلا أن يقول بلى والله كافيه كافيه.
كل ما عصفت بك الهموم والغموم سل نفسك هذا السؤال (أليس الله بكاف عبده) لتخبوا وتغيب تلك الهموم والغموم.
إذا أصابك الفقر والحاجة والناس تُغلقُ دونك الأبواب أعدِ الكرة وسلْ نفسك السؤالَ نفسه (أليس الله بكاف عبده) لتجد أن الإحاطةَ الربانيةَ تأتيك من كل صوب.
إذا أنهك جسدك المرض وعجزالأطباءُ أن يجدوا لذلك المرض دواءً فسل نفسك السؤال نفسه (أليس الله بكاف عبده) لتجد عناية الله تبعث في جسدك الحياة .
كلما تشقق جدار اليقين في قلبك وأخذت وساوس الشيطان به كل مأخذ سل نفسك السؤال نفسه (أليس الله بكاف عبده).
ثق تماماً أن الإجابة ستأتيك من داخلك تقول: نعم كافيه.. كافيه.
إذن ..!! وكِّلِ الأمر إلى رب السماء .. وأرحِ البال .. حتى وإن ضاق المجال , فالله متولِّي أمرك ، ومُطلعٌ على سرِّك ، وحافظك من كل سوء ، ومدبرٌ كلَّ شؤونِ حياتك
فلا تقلق ما دمت على الله متوكلاً
ياربّ أوكلنا أمورنا إليك يا نعم الوكيل
-
علي عسيريشغوف باللغة العربية، أميل للقراءات الفكرية والتأصيلية.
التعليقات
"وأنا أقلِّبُ في صفحاتِ هذا الكتابِ العزيزِ بنفس ناقصةٍ تبحث عن التمام ، وإلى ركنٍ شديدٍ يبقى على الدوام" و كذلك يجب أن يكون الحال عندما نفتحه دائما ..
استمتعت بكل حرف .. جزاك الله كل خير :))