في لقاء تلفزيوني مع الكاتب الأكثر شهرة في جيله, فلاح الفلحوني. قالت مقدمة البرنامج: "وصلني الآن عبر رسائل البرنامج سؤال من إحدى معجابتك يقول: ما هي الروائح التي يحبّ الكاتب شمّها وتُشعره بالراحة؟"
تشابكت أصابعه, ونظر للبعيد نظرة تأمليّة. ثمّ قال بعد تنهيدة:
"أحبّ رائحة الكتب القديمة ورائحة الأرض بعد ابتلالها بالمطر, ورائحة الدّهان ورائحة الصحف. كما أحبّ رائحة دخان الكبريت بعد انطفائه ورائحة البنزين, ورائحة التراب على حبات البطاطا. ورائحة القهوة المنعشة..
حاولت المذيعة مقاطعته مكتفية بهذه القائمة من الروائح, لكنه تابع: "أيضا أحبّ رائحة الخبز المحروق, ورائحة شيشة التفاح, ورائحة ملابس الشتاء عندما نخرجها للاستعمال بعد سباتها طويل. أما رائحة رأس الأطفال الرضع فهي حكاية أخرى من النقاء والبراءة."
سكت أخيرا. فقالت المذيعة وهي تنظر للكاميرا: "بعد هذه القائمة الجميلة من الروائح التي يحبها كاتبنا المشهور, سننتقل بكم إلى فاصل إعلاني أعزائي, وسنعود بعد قليل."
بدوره, نظر فلاح الفلحوني إلى الكاميرا وقال: "آه نسيتُ أن أضيف شيئا مهما, أحبّ أيضا رائحة البصل وهو يقلي بالزيت, ورائحة الأحذية والملابس الجديدة, ورائحة طلاء الأظافر, و..."
قبل أن يُكمل كان المخرج قد أصدر أمره بقطع حديث الضيف والانتقال إلى الإعلان فورا لضيق وقت الحلقة.
عقد الكاتب الكبير ما بين حاجبيه وقال مخاطبا المذيعة الشابة: "ولكني احتفظتُ بأهم رائحة إلى النهاية."
وبدافع فضولها الغريزيّ كمذيعة سألت: "ماهي يا أستاذ؟"
قال مع ابتسامة غير بريئة: "رائحة النقود. إنها الأفضل."
-
نور جاسماسمي نور. عراقية الأصل, أردنية المنشأ, أمريكية الإقامة, وهذا ساعدني كثيرا في التعرف على الثقافات المختلفة وإقامة الصداقات من كل مكان في العالم. أحب الكتابة/ أحلام اليقظة/الرسم/ السفر/ التمثيل/ الغناء/ الأفلام/ التأمل/ وال ...
التعليقات
أظن أنه يجب أن يؤسسوا قسماً للأدبِ الساخرِ ويجعلوكِ مشرفةً له :)
أبدعتِ كالعادةِ.
من صادق أحساسك .
ارتقيت ببراءة حروفك إلى علو المعاني
رائعه هي كلماتك .. كروعتك ودائماً تأتينا بكل ما هو جميل ورائع..
لك تحية من صميم قلبي..