في شهر محرّم ترسل قمّ طلبة الحوزة الدينيّة في حملة إعلاميّة إلى المدارس لإرشاد الطّلّاب دينيّا وتثقيفهم سياسيّا، وقد تتّسع دائرة نشاطهم فيجلسون في الأسواق على كراس يحيط بهم شلّة من الشّباب؛ غايتهم أن يهدوهم، ويجيبوا على أسئلتهم الشّرعية والسّياسيّة؛ وغاية الشّباب من التّجمع حولهم السّخرية منهم!
ينقل لي أحد الشّباب إنّه سأل أحدهم هل يجوز أن أجمع كلّ صلوات الأسبوع فأصليها يوم الجمعة؟!
ويسأله آخر بعد أن يقدّم له سيجارة، أن لديه عشيقة إن اتصلت به صلّى وإلّا فلا يصلّي؛ فما حكمه؟
وقد رأيتهم بأمّ عيني يعبثون بعمامة الرّجل من الخلف محاولين إطاحتها من على رأسه!
يقول أحد الزّملاء الّذين يدرّسون في مدرسة تقع في الحواشي عُرفت بطلّابها المشاغبين إن أحدا من هؤلاء المعمّمين جاء إلى تلك المدرسة، وقبل أن يدخل في الصّفوف ويلتقي بالطّلّاب جلس معنا في حجرة المدرّسين.
حذّرناه أن لا يعامل الطّلّاب بالّلين، وأن يدير الصّف بحزم وإتقان؛ وإلّا أصابه الأذى وتحمّل الازدراء.
لكنّ المعمّم قال بكلّ ثقة: إن هؤلاء الطّلّاب معصومون طيّبون، وسبب شغبهم يرجع إلى سوء تدبير المدرّسين!
يقول الزّميل: امتعض بعضنا ولم نردّ عليه احتراما.
ولمّا دقّ الجّرس وأرسله المدير إلى أحد الصّفوف، لم نستطع أن ندرّس من الضّجة الّتي أثيرت في صفّه!
تاه الرّسن من يده وغيّر الطّلّاب مجرى الحديث إلى الكلام الهجين ومسائل العشق والعاشقين!
ولم يكتفوا بهذا، بل أحاطوه في الصّف ورموه بالأوراق وسرقوا عباءته وحقيبته!
ولمّا عجز من استردادهما لجأ إلى المدير، بحث المدير وفتّش الطّلّاب فلم يجد العباءة ولا الحقيبة!
وبعد التّحري وبالطّرق الخاصّة الّتي اكتسبها المدير خلال تجاربه، وجدهما في الصّف المجاور!
دقّ جرس الفسحة وخرج المعمّم من الصّف، قال وهو يهمّ بالخروج من المدرسة:
كيف تستطيعون أن تسرحوا بهؤلاء الوحوش؟!
ولم يمهلنا لنجيب! ولم يصبر إلى الحصّة الثّانية والثّالثة والرّابعة فغادر مسرعا.
31-10-2018
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.