علاقتي بالكتب ليست حميمية، لا يمكنني الادعاء بأننا أصدقاء، أو أن رفقتهم تعوضني عن البشر، لم أحتسِ القهوة برفقة كتاب من قبل، أوراق الكتب لا تُسكرني رائحتها، لم ألجأ يومًا للكتاب إلا هربًا أو سأمًا أو تيهًا، ورغم ذلك فهو الخيار الوحيد الذي يمكن اللجوء إليه حين يأكل عقلي نفسه، وتتصارع أفكاري ومشاعري.
ولأنه خيار وحيد؛ يُشعرني دائمًا بالإذلال، ولأن الخوض فيه غير يسير فهو كثيرًا ما يشعرني بالقصور والعجز. ولأنه يكرس عزلتي، أراه شيطاني. شيطان طيب. معه يزداد تيقني أني لن أحب الحياة يومًا، لن أحصل على أصدقاء ولن أقع في الحب. ما دمت أرى الواقع كل يوم أكثر قبحًا.
لا أقرأ كثيرًا، وعوضًا عن ذلك أحاول التعويض في الكيف، لكن من يهتم إن كان كل ما أجنيه هو مزيد من الخوف والإحساس بالتضاؤل.
يتأفف اللاهثون خلف سراب السعادة حين يرون خاطرة حزينة أو تأففًا من الحياة، وهو ما سيعبرون لي عنه في كل مناسبة تسمح لهم بذلك، لكن إليكم الحقيقة، هذه الشجون تُشعرهم بالارتياح، تفجر داخلهم قوة مفاجئة وتبدأ ألسنتهم بغزل نصائح واهية بإصرار عجيب، وكأنهم فجأةً قبضوا بأيديهم على كل الأجوبة.
مفارقات البشر لا تنتهي، لكن هذه أكثرهن إثارة للغثيان.
على كلٍ، في واقع كهذا وبين بشر كهؤلاء يصبح الإجبار مقبولاً، والشيطان صديقًا، ونطوي صفحات الكتب الواحدة تلو الأخرى بانصياع تام.
-
مريم ناصفألاحق تناقضات النفس الإنسانية