مجتمعٌ مختلفٌ على تكوينه - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مجتمعٌ مختلفٌ على تكوينه

أجساد على قيد الأمل، وعقول مدفونة في الحياء .

  نشر في 01 فبراير 2017 .

في ظل الواقع السياسي المأزوم الذي يعايشه الفلسطنييون، تطرح الأطراف الفلسطينية الحلول المتناقضة مع بعضها، ولكن دائماً ما علينا أن نطرح التساؤلات الحقيقية والتي تمس جوهر المشكلة، وهي بنية المجتمع الفلسطيني الذي يؤهلنا لإصلاح العملية السياسية، وتحديد أساليب الصراع العربي الإسرائيلي، فتاريخياً لا يمكنك مقاومة محتل أو مستعمر دون أن تكون جبتهك الداخلية منظمة ومشتركة في الأدوات، ومتفقة فيما بينها على طبيعة المجتمع المنوي تأسيسه والثقافة التي تسود فيه، وشكل النظام السياسي الذي سيحكمه، وطبيعة العلاقات مع الدول الآخرى، وكيانك في النظام العالمي، نحن كفلسطنيين وبعد كل هذه الصراعات الداخلية فيما بيننا، لم نصل ولو بشكل جزئي إلى حل نهائي للمشكلة المتعلقة بالبناء، بناء المجتمع، بناء أفراد المجتمع، وحتى بناء الحجر، لأن كل طرف أو حزب أو دين أو جماعة سياسية تفترض شكلاً للمجتمع الفلسطيني لا يقبله الآخرون، ويمكن أن يصل النزاع من سياسي إلى مسلح، أو حتى أن يخلق فكراً متطرفاً تجاه الآخر . 

كلنا نريد أن نبني المجتمع، وكل منا يريد أن يضع الأحجار بالطريقة التي تناسبه، حتى أن البعض يريد أن يبدأ بالبناء من الأعلى، فالأزمة التي تعاني منها كل شرائح المجتمع الفلسطيني، هي أن كل فئة تريد مجتمع يناسب تصوراتها الدينية والسياسية والفكرية، ليس هنالك إتفاق واضح على ماهية المجتمع الذي نريد أن نعيش داخله ويوظف كل قدراتنا، المشكلة الأكبر في أننا نعلم أطفالنا في المدارس عن مفاهيم في الحقيقة هي ليستَ مرحبٌ بها في فلسفة هذا المجتمع، كالمواطنة مثلاً، فالطفل يقرأ عن التعددية وحرية الرأي وحرية الإعتقاد ولكن في المسجد وفي الحارة وفي الشارع يسمع ويُربى على العداء المستمر بين الأديان ومن يختلف معه، ويكرسون في عقله أن صراعنا مع إسرائيل هو صراع ديني بحت، هذه الفجوة التي يعيشها المجتمع بالضرورة لن تخدم البناء المعرفي له، حتى أنها تحمل معرفة غير منقحة في الأساس، هذه هي مشكلتنا أننا نقرأ أشياء لا نؤمن بها، وإن آمنا فنحن في صدام مع أنفسنا، وكأي مجتمع يريد أن ينهض، عليه أن يبني معرفته بطريقة متماسكة ومتناسقة مع بعضها البعض، كأن تبدأ المعرفة وبناء فلسفة المجتمع من البيت ثم إلى المدرسة وإلى القانون الذي هو السقف الأعلى دون أن يكون هنالك مؤثرات خارجية تضفي على هذه المعرفة شوائب تجعل منها جداراً لا يمكن أن يكتمل .

والقانون الفلسطيني لا ينظم عملية البناء المخططة مسبقاً، فمثلاً ترى أن حماس تطبق أيدلوجيتها الفكرية على الناس في غزة بعيداً عن إعتبارات القانون القاضية بالحريات العامة والخاصة، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تفترض قانوناً خاصاً بما يتناسب مع تصوراتها السياسية وأيدلوجية حركة فتح الحاكمة، ويقع الفلسطنيون في مناطق السلطة ـ غزة والضفة الغربية ـ بين قبول في حين ورفض في حين آخر لهذه السياسات المتناقضة بين الطرفين، وهذه أحد الأسباب الجوهرية لعدم إتمام المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، كما أنه لا يوجد أداة للصراع متفق عليها بين الطرفين، فحماس تكرس عملية المقاومة المسلحة، وفتح تكرس مفهوم المفاوضات والمقاومة الشعبية السلمية، ويقع الفلسطنييون أيضاً في هذه بين الرفض والقبول لهذه الأدوات المختلفة . 

في نهاية الأمر إن أحد أهم الأسس التي تُبنى عليها المجتمعات، هي الإتفاق على معايير واضحة لبنية المجتمع والرضا التام من سكان هذا المجتمع على الأدوات المطروحة أمامه، أي إلتفاف الجماهير حول القيادة التي تراعي وتطبق طموحها وأحلامها وتصوراتها الفكرية والسياسية والدينية، لا أن تطبق شكلاً مفروضاً عليها من الخارج، فنرى أن النظام السياسي الفلسطيني يتسم بالتبعية السياسية للخارج، والذي بالضرورة سيخلق تطرفاً عند بعض الأقليات  في المجتمع الفلسطيني تجاهه . 

" إن بناء أي مجتمع يحتاج إلى يد واحدة تبنيه 



  • كريم أبو الروس
    كريم أبو الروس من قطاع غزة كاتب وناشط مجتمعي وحقوقي، طالب علوم سياسية في جامعة الأزهر .
   نشر في 01 فبراير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا