المؤسسة العربية الحديثة أو ببساطة أكثر نقول (المؤسسة) كما عرفها وأطلق عليها معجبيها وقراء إصداراتها التي أعادت السلاسل الروائية إلى الصدارة كشكل من أشكال النشر كان شائعا أيام انتشرت روايات رومانسية من نوعية عبير وأحلام,وروايات كلاسيكية ضمن سلسلة الهلال أو كتابي أو غيرهما.
وقد قامت المؤسسة العربية الحديثة على أكتاف سبعة من العاملين بها بمختلف الأدوار والأشغال من كاتب ومحرر ورسام.
[1] حمدي مصطفى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خلال المعلومات الواردة في العدد 48 من مجلة (عالم الكتاب) التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب بشكل شهري,وقد جاء العدد بعنوان (الأكثر مبيعا في الميزان), وحمل الغلاف صورة أحمد مراد إلى جوار نبيل فاروق,من خلال صفحات الكتاب نتعرف على معلومات تفيد بأن حمدي مصطفى ولد كما هو معلوم عام 1928 وتوفى عام 2011.
تخرج من كلية التجارة وعمل مع والده في دار نشر اسمها (دار سعد) للطباعة والنشر,اعتقد أنها نفس العلامة التجارية التي تحولت لاحقا إلى (مكتبات دار سعد) في مصر الجديدة بالقرب من مقر المؤسسة. خصوصا وأن المكتبة تعلن على واجهتها عن تاريخها الذي يعود إلى سنة 1970.
قدم حمدي مصطفى خطة ناجحة لتوزيع كتب الجيب والروايات المتسلسلة من خلال منافذ البيع الجاهزة والتي نجح في بناءها سابقا لتوزيع الإصدارات التعليمية للمؤسسة,والمتمثلة بشكل أساسي في مطبوعات (سلاح التلميذ) ككتب خارجية مفيدة وداعمة للطالب في الابتدائية,ومطبوعات (المعلم) ككتب خارجية مفيدة وداعمة للطالب في الإعدادية. وهي سلسلة توزيع كانت في فترة من الفترات تنافس منافذ بيع مؤسسة الأهرام نفسها.
إضافة الكتب الروائية عموما,والروايات الخيالية خصوصا كانت خطوة بارعة لمسافات طويلة للأمام من قبل حمدي مصطفى,وبالأخص أنه إلى كونه مالك ومدير المؤسسة,كان أيضا المشرف العام على كافة الإصدارات المسلسلة عددا بعدد. لذا يعد هو صاحب الفضل الأكبر في إصدار سلاسل (روايات مصرية للجيب) ضمن حملة نشر موسعها أطلق عليها (مشروع القرن الثقافي) شملت سلاسل ذائعة الصيت,أشهرها سلسلة رجل المستحيل وسلسلة ملف المستقبل لنبيل فاروق,وسلسلة ما وراء الطبيعة لأحمد خالد توفيق. ضمن مجموعة تخطت الـ 1500 رواية.
من جهوده الثقافية أيضا نذكر أنها أصدر سلسلة (سلة الروايات) التي قدمت لنا أعمال شباب لأول مرة,وصاروا أعلاما في الأدب لاحقا,مثل تامر إبراهيم ومحمد سليمان عبد المالك. كما أنه أعاد إصدار سلسلة كتابي لحلمي مراد فلم يغفل لا الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل.
نالت إصداراته جائزة سوزان مبارك في أدب الأطفال، كما نالت جائزة أحسن كتب الأطفال من تونس عام 2005.
كان شعار مؤسسته الدائم
-نحن نخرج لك أحسن الكتب
ولكن أصابه تقصير في آخر أيامه.
[2] نبيل فاروق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشهر اسم عمل مع المؤسسة بالتوازي مع أحمد خالد توفيق الذي صار أشهر منه ربما,ولكن يبقى اسم نبيل فاروق معروفا حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لم يعرفوا القراءة قط. وكثيرين أناس لا يهتمون بالقراءة قرءوا أو اطلعوا على سلسلة رجل المستحيل. بالإضافة إلى كونه واحد من أوائل الذين كتبوا في الخيال العلمي,كما أنه أول من تبنى أحمد خالد توفيق واستقدمه إلى المؤسسة. وهو الجميل الذي لم ينساه أحمد خالد قط.
"ورغم ذلك لا يعتبر "فاروق" نفسه صاحب فضل على توفيق، حيث يقول إن كتابات أحمد خالد توفيق التي تقدم بها للمؤسسة العربية الحديثة لأول مرة، كانت متميزة ومكتوبا لها أن تستمر وتنتشر، مضيفًا في تصريحات لـ"بوابة الأهرام":"أنا لم أكن سببا في دخوله للمؤسسة كما يحب أن يردد البعض، بل الكتابة الجيدة هي التي تفرض نفسها وتكتب لنفسها القبول"، ويؤكد أن رفض أعماله من قِبَل باقي اللجنة في البداية كان لأسباب غير أدبية، مثل عدم ملائمتها للنشر من حيث عدد الصفحات.
ويضيف صاحب ملف المستقبل أن توفيق لم يهمه حجم الجماهيرية التي اكتسبها من كتاباته،:"كان كل همه ينتج نصوصا حلوة ومتقنة تليق بعقلية قرائه". وقد كان أهم ما ميز صاحب "شآبيب" على المستوى المهني، بحسب فاروق، هو ثقافته الواسعة التي اكتسبها من طول القراءة والمتابعة، "فضل يقرأ كتير جدا لحد ما امتلأ على الآخر، زي الكوب اللي بيتملي لحد ما يفيض.. ساعتها بس بدأ يكتب، وده اللي بيتسمى بال "over flow"، وبذلك خرجت كتاباته بهذا الشكل المبهر الذي أعجب به الشباب على مستوى الوطن العربي.
ويكمل متأثرًا:"د.أحمد كان طول عمره مهذبا جدا، وعمره ما كان بيؤذي حد أو بيجرح حد أبدا، وكان من النوع اللي بيقولوا عليه (في حاله)، ولما كان يعمل حاجة وتزعل الناس كان لازم يعتذر عنها.. الله يرحمه"." [نقلا عن البوابة الرقمية لجريدة الأهرام].
نبيل فاروق ساهم مع أحمد خالد توفيق في التأسيس للأدب الشعبي بالعالم العربي,أو أدب البوب آرت على حد تعبير الكاتب هاني حجاج,حين يقول في مقال له منشور بتاريخ 20 أغسطس 2014 بالعدد الأسبوعي من جريدة التحرير: "قبل الحديث عن أدب البوب أرت في مصر والوطن العربي بالكامل. فضل الرجل على ما لا حصر له من أرباب القلم الشبّان، بدءا من طالب ثانوي حالم يقص صفحات كراسته لتحاكي قطع روايات الجيب ويجرّب الكتابة، مرورا بثلاثة أرباع المؤلفين الذين تجد أسماؤهم في قائمة الأعلى مبيعا، وحتى أحمد مراد النشيط المجتهد. يحق لك النسيان، لكن النكران قلة أصل ورعونة لا شك فيها!
من السلاسل التي عمل عليها
-زووم
-كوكتيل
-روايات عالمية للجيب
-ملف المستقبل
-رجل المستحيل
-أرزاق
-زهور
[3] أحمد خالد توفيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدب الرعب في العالم العربي هو العنوان الرئيسي لسلسلة من المقالات تحاول أن تتناول هذه الظاهرة دراسة وتحليلا,والظاهرة المقصودة هنا هي الانتشار الهائل والكاسح لأدب الرعب,ومعه الأدب الخيالي وأنواعه الأخرى؛الفانتازيا والخيال العلمي تحديدا,في العالم العربي. دراسة الظاهرة حاضرا,وتسليط الضوء على جذور الأدب الخيالي في الأدب العربي ماضيا,ومحاولة توقع نتائج هذا الانتشار مستقبلا,خاصة وتوضيح العلاقة بين الكم والكيف. أي الكمية والجودة. وهي محاولة لن تخرج من مقال واحد,لذا عبر هذا المقال نشير إلى مقالات أخرى,ونضع بالمرة (على السريع) بعض الملاحظات المتناثرة في مدونتي هنا وهناك.
أولا أدب الرعب موجود منذ فترة طويلة جدا من تاريخ الأدب العربي,فالرعب والخيال جزء أساسي من أساطير الشعوب,وكان للشعوب العربية نصيبها هي الأخرى من الأساطير التي كونت تراثها ووعيها وثقافتها. ولكن أحمد خالد توفيق هو بحق أول كاتب عربي متخصص في أدب الرعب.
كما أنه استطاع أن يلفت انتباه نقاد ثقاة إليه,من ضمنهم حامد أبو أحمد والمفكر الكبير سعيد توفيق بناءا على ما رصده الكاتب الشاب محمد السرساوي في تقرير نشر له على صحيفة الأخبار.
يعد عمله الأشهر في أدب الرعب (ما وراء الطبيعة) رافدا لأغلب وعموم روايات وقصص الرعب التي صدرت بعده,والجميع تقريبا يقر بذلك,حتى أن الكاتب أحمد عبد المجيد يفرد مقالا عن (كيف يعرف مؤلف أنه متأثر بخالد توفيق؟)
هذه تجربة شخصية جدا تصف علاقتي مع أحمد خالد توفيق,ومن ثم سعاري اللاهث وراء أي عمل جديد يصدر له بعد موته,قبل أن يموت فعليا بنفاد إصداراته وتوقفها عن الصدور. ولكنها بالطبع,ومن باب المجاز,لا يموت أبدا ما دامت أعماله قادرة على البقاء.
وأول شكل لهذه العلاقة,يعرفه ويلمسه كل قارئ من قراء التسعينات اليوم,لأن أحمد خالد توفيق وبضعة أسماء أخرى,كان على رأس أشهر من عرفهم هذا الجيل من أدباء. إلى جوار نبيل فاروق وأنيس منصور وحتى نجيب محفوظ نفسه.
ثم هناك علاقة بين أحمد خالد توفيق,وبين قارئه الذي صار كاتبا
ثم هناك العلاقة بين أحمد خالد توفيق ومحبيه على الصعيد الشخصي,سواء كان المحب قارئا أو كاتبا,وهذا لأن أحمد خالد توفيق كان له حضور إنساني عظيم وطاغ على أي مكان يحضره.
وأخيرا هناك العلاقة الأكثر شخصية بين أحمد خالد توفيق وفئة قليلة من الناس,والتي اعتبر نفسي منهم,وإن كنت للأسف أقع في منزلة آخرهم. لازلت أحتفظ بالبريد الإلكتروني الذي كنت أتواصل معه من خلاله (aktowfik.new@hotmail.com) ولكنه لم يرد قط. ما أتذكره بعدها أنني طاردت الرجل في كل وادي ونادي ومعرض وحتى في المستشفى وفي الحمام,وربما أوشك أن يتوقف قلبه مني لو لم يتوقف بالفعل.
[4] رؤوف وصفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدم رؤوف وصفي سلسلة أدبية عالية المستوى,ولكن مبسطة في آن,وقدّم في كل عدد قصص مختلفة فيما يشبه نظام المختارات الأدبية في حلقات أحمد خالد توفيق المرعبة.
[5] خالد الصفتي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طفولة التسعينات تربت تماما على الوسيط الغربي الأكثر إمتاعا؛مجلة الفأر ميكي ونظيرها الغربي من أعمال خالد الصفتي التي مالت للسرقة والإقتباس من أجل أن تملأ فراغ هائل يشغله رجل واحد فقط مثل واجهة المؤسسة في إبداعاتها الموجهة للأطفال.
[6] شريف شوقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستشار شريف شوقي الذي قدم سلسلة (المكتب رقم 19) ولماذا 19,لأننا بحاجة إلى رقم يظهرنا متميزين!,حسبت هذا واضحا على قولة أحمد خالد توفيق. وقدم مع نبيل فاروق سلسلة زهور التي تلقفها عنهما كل من فوزي عوض السعداوي ومنى محمد أحمد منصور. وهو آخر من وجب ذكره لولا حضور تلك الروايات الرومانسية التي لم تفعل سوى أن استفادت من رواج سلاسل أخرى مثل عبير وأحلام. ما بالك وأنا لا أحب هذه الرومانسية من الأصل.
[7] إسماعيل دياب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسماعيل دياب فنان تشكيلي لا يقتصر جهده الأدبي على الأغلفة التي وضعها لأعداد سلسلة ما وراء الطبيعة,بل كان واضعا لعدد من اللوحات الفنية التي وللأسف لم يسلط الضوء عليها بأي شكل من الأشكال تقريبا,إلا ربما بعد وفاته.
-
رايفين فرجانيناقد أدبي وسينمائي نشر عدد من المقالات على الشبكة,وكاتب روائي يعمل على عدد من الروايات والقصص القصيرة التي لم تنشر بعد.